خضير العواد
عندما تريد أن تظهر عظمت ما تملك للأخرين فيجب أن تقدم لهم أفضل ما تملك منه ، فأن كنت في حديقة غناء فسوف تفتش لهم عن أجمل الورود وأعطرها ، وأن أتاك ضيوف فسوف تقدم لهم أعظم الكلمات الجميلة والإبتسامة اللطيفة والأكل والشراب اللذيذ والراحة الهادئة ،وأن رافقت غرباء من غير دولتك أو منطقتك فسوف تريهم ما يحويه مجتمعك من تحابب ورحمة ما بين الكبير والصغير والأحترام المتبادل لكل فئات المجتمع وخصوصاً كبار السن والأباء والأمهات وهكذا فتقديم الأفضل يكون في داخل كل إنسان لكي يقدم له أفضلية ما أختار أو ما نتسب إليه في هذه الحياة ،ولكن إذا رافقت غرباء من غير ديانتك أو مذهبك (غير مسلمين أو غير موالين لأهل البيت عليهم السلام) فكيف تقدم لهم الأسلام الحق بشكل عملي يبكم اللسان ويصم الآذان ويفتح العيون من الدهشة والتعجب لتعاليم الدين الحنيف وأخلاق أهل البيت عليهم السلام ،فهل يوجد في العالم الأسلامي قاطبةً أروع من زيارة الأربعين كمثال مصغر عن الأسلام الحق ، الذي يظهر فيه الكرم فهذه السفرة تمد بما لذ وطاب وما تشتهي الأنفس من أكلات وشراب على مختلف ألوانها ومذاقاتها من البصرة الى كربلاء أي لأكثر من 450 كليو متر وعلى مدار ثلاثة أسابيع وتصطحب هذه السفرة غرف النوم والراحة (الحسينيات والخيم على جانبي الطريق) ، وترافقه الأخلاق المحمدية السمحاء من رحمة وعطف ما بين الكبير والصغير والأحترام المتبادل ما بين جميع فئات المجتمع ، والتواضع الكبير الذي لم يشاهد في اي مكان أو زمان فليس هناك غني أو فقير أو ذو وجاهة أو وضيع أو موظف كبير وأخر صغير أو عالم قديس وعاصي مشهور أو شيخ عشيرة وفقير قبيلة أو رجل و إمرأة أو شاب أو رجل كبير السن ، الجميع يتسابق لخدمة أخوتهم من بني الإنسان القادمين لزيارة أبا عبد الله عليه السلام من بقاع المعمورة بمختلف الألوان واللسان والأقوام ويتشرفون بل يفرحون جميعهم عندما تناديهم يا خادم الحسين فهل توجد مساوات في العالم كهذه ،فالخدمة تبدأ من المأكل والمشرب والمنام وغسل الملابس والمساج وتسلية النفس بالمزاح الجميل والمخدوم هو المتفضل بل هو المدلل في كل الأحوال فهل توجد هكذا خدمة في أضخم الفنادق بالرغم من دفعك للأموال الطائلة ،وحين الصلاة تنتشر الصلاة جماعة على طرفي الطريق فالجميع يتوجه الى عبادة مولاه فيقف الجميع بخشوع ولا يعرف من يجواره ومن أي قبيلة أومحافظة أو خلفية سياسية أو من يقلد من المراجع ، الجميع يبتسم لبعضه بعض ويقدم له حلو الكلام فالجميع زوار الحسين عليه السلام هذا العنوان الذي يلم الجميع ويوحد ما بين الجميع ، من البصرة الى كربلاء الجميع يسير ولا يحمل أي أداة أو آلة لحماية نفسه لأنه يشعر بالطمئنينة والأمان وهو الذي ترك البيوت والمحلات بل المدن خاوية وما تحتويه من جواهر وأموال بل كنوز ثمينة بلا حارس أو رقيب إلا الله سبحانه وتعالى فهل توجد مدينة في العالم ينتابها الأمان وهي التي تمتلك أقوى القوات والألات المتطورة والقانون الرادع) كما هو الحال في مدن العراق خلال زيارة الأربعين (النواصب خارج الموضوع لأنهم أيدي الشيطان في الخراب والإجرام) ، خلال الطريق الجميع يساعد بعضه بعضاً فالكبير يرحم الصغير والشاب يعطف على الكبير ويحترمه أعظم أحترام ، والمرأة تحاط بهالة من الحشمة والحياء وتتلقى الأحترام من كل الأعمار ،وإذا سقط أحدهم بسبب العمر أو المرض أو العاهة من كثرت المشي تتساقط له القلوب قبل الأيدي لكي تلتقفه وتقدم له كل وسائل المساعدة والأحترام ، الجميع يسيرون سواسية كعائلة واحدة ولي أمرها محمد (ص) وعلي (ع) وأمها فاطمة عليها السلام وقائدهم أبا الأحرار الحسين بن علي عليه السلام ، فلايمكن أن تميز ما بين السائرون من حيث المظهر الجميع يرتشح السواد وينادون لبيك يا حسين فأنهم متساوون بكل شيء إمتثالاً لقول رسول الله (ص) المؤمنون سواسية كأسنان المشط ، جميع الشعوب لها من يمثلها في هذه الزيارة وتسير متحابة بأمن وسلام ويطلب الخير الجميع للجميع فما فرقته السياسات ومؤامراتها جمعه ووحده سيد شباب أهل الجنة من خلال ثورته العظيمة في كربلاء التي أعادة من خلالها المسلمين الى الإسلام الحق المتمثل بمحمد وأل محمد صلوات الله عليهم أجميعن ، فهل يمتلك المسلمون قاطبةً بل العالم باسره جوهرة تحمل جميع الصفات الإنسانية الحميدة كزيارة الأربعين ،وهكذا فزيارة الأربعين أعظم مثال للأسلام المحمدي الأصيل فيجب أن نقدمها الى العالم من جميع الأبواب وأوسعها .
https://telegram.me/buratha