المقالات

أقلام تعبُد الأصنام

628 20:48:00 2013-12-17

علي الغراوي

" القلم والبُندقية فوهة واحدة"لازلت أتذكر تلك المقولة الحربية في سني الخوف من النظام المُباد؛ حيث كان أصحاب الأقلام المُزيفة يُعلقونها وشاحاً على أعناقِهم في حلِهم وتِرحالِهم، وعنواناتِهم الصحفية ملونة بألوان بعثية، ومقتبسة من أقوال صدام( حفظه الله ورعاه!) فلا يمكن التمييز بين الغث والسمين مِن بينهم، فأحبار أقلامهم ساطعة بلونها الزيتوني الموحد، وتُمسكُ بها يد خائفة مطيعة، وما عليها سوى التنفيذ لما تقولهُ الأصنام دون تردد، فتردد القلم عن ما يرغب به الإله لايختلف عن بُندقية هُزمت من الحرب، ورجعت مذعورة خائفة. بعد أن كُسرت هذه الأقلام، وزال لونها الصدامي، ونشوب عهدٍ جديد من ( اليمُعراكية) التي جاء بها الفرقاء السياسيين، والراسخون بعلم السياسة! تحولت اليد المُرتعشةُ من الخوف التي كانت تقود الأقلام الزيتونية في تأديتها فريضة التعبُد لِصنمها الى يدٍ سليطة ومسيسة بثمن بين أصابعها قلمٌ متُملق يُسطر الزيف؛ يد ترسم حواضنها بثوب البراءة، وتُبطن الفشل أو( الفشلات) على قول أحد الكُتاب؛ ولا تكتفي بذلك فحسب؛ بل تُروج لما يُثلج صدور أسيادها، فتارةً تُمجد أربابها، وتجعلهم مثالاً للعفةِ والنزاهة، وتارةً أخرى تبِثُ السُم بِتسقيط من يتعارض مع سياسة الأرباب؛ لاعجب في ذلك! فلو كان الإعلام نزيهاً من رجس الشياطين لما خُلد يزيد في نفوس الخوارج، ولو كان أميناً من يد الخونة لما أصبح صدام القائد الضرورة عند عملاء العرب، ولو كان شريفاً من يد السُفهاء لما اعتلى الفاسدون دفةِ الحُكم؛ لاغريب في إعلامٍ ينساق بعصيِ إلِهته، فكل شي يُباع ويُباح في بلدٍ يتذوق كل يوم باقةً من الحزن، وكوبٍ من الهم؛ فتُعرض فيه ذِمم للبيع، وكرامة للبيع، وبقايا إنسان للبيع؛ الأمس كان الإعلام جائعاً يسُد رمقهُ برغيف الخبر الأسمر، ويُزق بِفمه الشاي المُحلى بالتمر بدل السكر ليُغرد مع سرب البعث المقبور دون تردد؛ واليوم يتذوق الشهد، وينغمِس في الثراء والنعيم بين أحضان دافئة تقودهُ لما تريد بما يخدم مصالحها النفعية الضيقة، فتحول ذلك الخوف من الجبابرة الى مزايدة وشراء للذِمم، وأصبحت الوطنية مفهوماً مغلوط يُتاجر به، ويجعلوه غشاء يحجب خيانتهم لبلدهم، ويخفوا الحقيقة في ليلٍ حالك لكي لايراها الناس. لقد طاولَ الأخيرةُ السأم والضرر من العبارات الملونة، وهي تغوص في حوض الإقوال دون الأفعال؛ فليس كلما يُقرأ من جذبٍ وشد وتسقيط يؤخذ به؛ طفح الكيل لدى الناس، ودقَ الجرس في إذهانِهم، فالشعب الذي لا تخدمهُ حواضن الإقلام المدفوعة الثمن لاتستحق أن تُمثله.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
كاره الاصنام
2013-12-18
استبشرنا خيرا بعد سقوط الصنم الاكبر في العراق ولكن تفاجئنا بظهور العديد من الاصنام الكبيرة و الصغيرة والمتوسطة بمختلف الاحجام و التوجهات ، والادهى من ذلك هو التوجه نحو هذه الاصنام من مكونات الشعب الذي يبدو انه ﻻ يستطيع العيش دون اصنام
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك