المقالات

مشهد العراق الانتخابي بين ثوابت المكونات ومتغيرات العناوين

754 15:07:00 2013-12-20

رغم ان الوقت ما زال مبكرا على موعد الانتخابات البرلمانية العراقية المزمع اجراؤها في الثلاثين من شهر نيسان/ابريل المقبل، إلا ان معالم وملامح التنافس والصراع الانتخابي أخذت تلوح منذ الآن، لا سيما بعد أن أكملت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تسجيل الكيانات السياسية الراغبة في المشاركة بالانتخابات، والتي بلغ عددها 277 كيانا، وكذلك تسجيل الائتلافات التي بلغت 42 ائتلافا.قد لا تبرز مظاهر التنافس والصراع الانتخابي حاليا بوضوح، وكما هو متعارف عليه، بيد أن طبيعة الخطاب السياسي والتعاطي الاعلامي للكتل المتنافسة، وخصوصا الكبيرة منها، تعكس إلى حد كبير تعقيدات المشهد الانتخابي وحساسيته.ولعله من أي زاوية نظرنا الى المشهد الانتخابي العراقي، نجد أن هناك ثلاثة مكونات رئيسية تتحرك فيه، هي المكون الشيعي، والمكون السني، والمكون الكردي، وكل واحد من هذه المكونات يضم عدة عناوين، الأساسية منها ثلاثة لا أكثر.واذا كانت المكونات جزءا من ثوابت الواقع العام في العراق، فإنه يمكن اعتبار العناوين جزءا من المتغيرات، ووفقا لذلك فإنه من الطبيعي والمتوقع أن نشهد تغيرا في العناوين داخل كل مكون من المكونات الثلاثة، وفيما بين بعضها البعض.المكون الشيعي .. والثلاثة الكباروحينما يقول قائل إنه لم يعد من "التحالف الوطني العراقي" سوى اسمه، بعد خوض كل عنوان من عناوينه الرئيسية الثلاثة ـ وهي "ائتلاف دولة القانون" و"المجلس الاعلى الاسلامي العراقي" و"التيار الصدري" ـ انتخابات مجالس المحافظات في نيسان /ابريل 2013 بصورة منفردة، أو في اطار ائتلافات انضوت تحت مظلتها قوى وشخصيات سياسية واجتماعية عديدة، فإن الواقع يؤكد صحة مثل ذلك القول إلى حد كبير.وتعزز هذا القول بعد قرار العناوين الثلاثة المُشار اليها خوض انتخابات 2014 البرلمانية المقبلة بنفس الطريقة التي خاضت فيها الانتخابات السابقة، مع اختلافات بسيطة، تمثلت بدخول البعض إليها وخروج البعض الآخر منها وبنسب متفاوتة.  المالكي الحكيم    الصدر  المالكي   الحكيم   الصدر  "ائتلاف دولة القانون" الذي يتزعمه رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، أعلن أنه سيخوض الانتخابات المقبلة بعيداً عن التحالف مع أي كيان آخر، علما أن ابرز عناوينه، حزب الدعوة الاسلامية (المقر العام) بزعامة المالكي، وحزب الدعوة الإسلامية (تنظيم العراق) بزعامة نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي، وكتلة "مستقلون" بزعامة نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني، ومنظمة بدر بزعامة وزير النقل هادي العامري.ولعل التحول المهم بالنسبة "لدولة القانون" هو خروج كل من "تيار الاصلاح الوطني" بزعامة القيادي السابق في حزب " الدعوة" ابراهيم الجعفري، وحزب "الفضيلة الاسلامي" بزعامة الشيخ محمد اليعقوبي، وانضمام مستشار الامن الوطني السابق موفق الربيعي الى الائتلاف.ووفق الحسابات الرقمية، يشير هذا الحراك الى أن "ائتلاف دولة القانون" ربما تتراجع حظوظه في الانتخابات المقبلة مقارنة بوضعه الحالي.اما "المجلس الاعلى الاسلامي العراقي"، او على نطاق اوسع (تيار شهيد المحراب) الذي يتزعمه السيد عمار الحكيم، الذي خاض الانتخابات السابقة، وسيخوض الانتخابات المقبلة تحت عنوان (كتلة المواطن)، فإن الكيانات المشكلة لتلك الكتلة لم يطرأ عليها سوى تغيير طفيف جداً، إذ ان محورها الأساس هو المجلس الأعلى بإطاره العام، الى جانب قوى وأحزاب وشخصيات سياسية واجتماعية وعشائرية تمثل طيفا واسعا من المجتمع العراقي.العنوان الشيعي الثالث، وهو "التيار الصدري" بزعامة السيد مقتدى الصدر، الذي يقرر مرة اخرى خوض الانتخابات منفرداً كما حصل في انتخابات مجالس المحافظات، مع العلم أنه أطلق اشارات واضحة في مناسبات عديدة على أنه الأقرب الى المجلس الاعلى، ومن الممكن جداً ان يؤسس لتحالف سياسي معه بعد الانتخابات، من أجل قطع الطريق على بقاء المالكي في موقع رئاسة الوزراء لولاية ثالثة.وضمن المكون الشيعي، قد يكون دخول حركة اهل الحق (عصائب اهل الحق سابقا)، الكيان المنشق عن التيار الصدري، والذي يتزعمه الشيخ قيس الخزعلي، الذي ظل قابعا في سجون الاحتلال الأميركي عدة اعوام، قد يكون دخول هذا الكيان لاول مرة ساحة التنافس الانتخابي المقبل أثر في احداث بعض المتغيرات على مساحات العناوين الرئيسية الثلاثة، مع الأخذ بنظر الاعتبار ان هناك من يتداول معلومات مفادها ان "حركة اهل الحق" هي اقرب الى "ائتلاف دولة القانون"، منه الى أي كيان اخر.القائمة العراقية في خبر كان!واذا كان حال عناوين المكون الشيعي لم يتغير إلا في حدود ضيقة، فإن عناوين المكون السني التي اجتمعت قبل أربعة أعوام تحت مسمى (القائمة العراقية)، فإنها راحت تتشظى وتتفكك وكل منها يذهب باتجاه، وهذا ما بدا واضحاً وجلياً إلى حد كبير في انتخابات مجالس المحافظات في نيسان/ابريل الماضي، فقد عجزت الأطراف الخارجية الموجهة والممولة للقائمة العراقية عن ابقاء عناوينها الرئيسية مجتمعة، وبذلك ذهب رئيس البرلمان أسامة النجيفي ووزير المالية السابق رافع العيساوي، باتجاه، إذ شكلوا ائتلاف "متحدون"، بينما اختار نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات ورئيس "جبهة الحوار الوطني"، ومعه رئيس "كتلة الحل جمال" الكربولي ان يشكلوا مع قوى وشخصيات أخرى "القائمة العراقية العربية"، ليبقى زعيم القائمة العراقية إياد علاوي وحيدا يبحث عن حلفاء وشركاء يعتد بهم، ليضطر في نهاية المطاف الى خوض الانتخابات بحركة "الوفاق الوطني" التي يتزعمها وقوى وشخصيات صغيرة وهامشية.ويبدو ان الحال تكرر الآن، مع تحول مهم وذي دلالة أطلق اصحابه من خلاله رسالة بليغة مفادها رفض زعامة علاوي للمكون السني، وذلك برفض كل من المطلك والنجيفي التحالف معه بشروطه وحساباته.في ذات الوقت فإن الصراع والتنافس بين النجيفي والمطلك، راح نطاقه يتسع اكثر مما كان عليه في الانتخابات السابقة، وخصوصا في ظل مغادرة اعضاء من قائمة المطلك الى اتئلاف النجيفي، ناهيك عن تحالف النائب السابق المثير للجدل مشعان الجبوري مع المطلك.        علاوي   النجيفي  المطلك العنوان الجديد في اطار المكون السني، هو ائتلاف "المحور العربي" الذي شكله سعد البزاز صاحب مجموعة الاعلام المستقل التي تضم حزمة قنوات الشرقية وصحيفة "الزمان" ومجلة "الزمان" الجديد، ومعروف ان البزاز الذي غادر العراق عام 1992، كان قد شغل مناصب اعلامية مهمة في عهد نظام صدام ، منها مدير عام الاذاعة والتلفزيون، ومدير عام وكالة الانباء العراقية، ومدير "المركز الثقافي العراقي" في لندن، ورئيس تحرير صحيفة "الجمهورية"، والمستشار الصحفي الخاص لصدام حسين، وبعد هروبه الغامض والمفاجىء من العراق، نجح في نسج علاقات واسعة مع السعودية وقطر ودول اخرى، ما اتاح له انشاء امبراطورية اعلامية وظفها لاضعاف العملية السياسية في العراق بعد الاطاحة بنظام صدام، ولخدمة الأطراف المعارضة التي تبنت نهج العنف والارهاب مثل حزب البعث المنحل.واذا كان من المستبعد ان يحصل البزاز ومن دخل معه في الائتلاف على نتائج كبيرة في الانتخابات المقبلة، إلا انه بلا شك يمكن ان يسبب إرباكا وقلقا للاخرين، وبما ان خلفياته السياسية والفكرية، وكذلك علاقاته الخارجية، لا تختلف عن خلفيات وعلاقات علاوي، فدخوله معترك التنافس الانتخابي يعد مؤشراً اخر على انحسار فرص علاوي في الحصول على ما يتيح له ان يكون رقما صعبا ومؤثرا في المرحلة المقبلة.ليس علاوي وحده الذي اصبح خارج موقع الزعامة والتأثير، وانما نائب رئيس الجمهورية المحكوم غيابيا بالاعدام طارق الهاشمي، الذي يقال إن أصدقاءه وحلفاءه السابقين، اتفقوا على انه من الافضل ابقاؤه بعيدا.الاكراد ... خيار التفكك والافتراقلا يختلف حال الأكراد كثيراً عن حال الاخرين، فالانتخابات المحلية التي جرت في الحادي والعشرين من شهر ايلول/سبتمبر الماضي لاختيار برلمان جديد للاقليم، كشفت عن جملة من الاشكاليات والأزمات، لعل اهمها بروز خلافات عميقة بين الحزبين الرئيسيين، "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني، و"الاتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة جلال الطالباني الغائب عن المشهد منذ عام تقريباً بسبب المرض. الى جانب ظهور حركة التغيير"كوران" بزعامة القيادي السابق في "الاتحاد الوطني" ، نوشيروان مصطفى، كقوة سياسية صاعدة، ناهيك عن غياب الطالباني الذي اربك مجمل الحسابات، على الصعيد الحزبي الضيق، وعلى صعيد المشهد الكردي العام. وكذلك تصاعد حضور المعارضة الكردية بشقها الاسلامي ، المتمثل بـ"الجماعة الاسلامية" و"الاتحاد الاسلامي الكردستاني".  الطالباني  البارزاني   الطالباني   البارزاني    كل ذلك وغيره مما جرى ويجري خلف الكواليس، ولم تنعكس تفاعلاته على سطح الأحداث، تسبب في انهيار الآمال امام امكانية خوض الأكراد الانتخابات المقبلة في قائمة موحدة، وكانت محافظة كركوك المختلف عليها بين الاكراد والعرب والتركمان، نقطة الانطلاق والمؤشر الأوضح لعمق الخلافات واهتزاز الثقة بين القوى الكردية، حينما رفض حزب البارزاني، ان يكون محافظ كركوك والقيادي في "حزب الاتحاد الوطني الكردستاني" نجم الدين كريم على رأس قائمة كركوك الكردستانية، ونفس الشيء تكرر مع اختلافات بسيطة في كل من ديالى والموصل، ليتفق الفرقاء الأكراد بصورة هشة على خوض الانتخابات في العاصمة بغداد بقائمة موحدة، علما أن ما يمكن ان يحصلوا عليه في بغداد لا يتعدى مقعدا واحداً في افضل الاحوال.بذل الاكراد جهودا محمومة من أجل اعتماد نظام الدائرة الانتخابية الواحدة، باعتبار ان ذلك سيوفر لهم أصواتا اضافية في محافظات الوسط والجنوب والفرات الأوسط، ويخفف من حدة الخلافات والتقاطعات فيما بينهم، إلا ان فشلهم في ذلك أدى الى التصادم في أكثر المواقع حساسية بالنسبة لهم ـ كركوك ـ التي يفترض ان يحرصوا على اظهار وحدتهم وتماسكهم وانسجامهم فيها امام الاخرين من العرب والتركمان.الصورة العامة .. لا تبدلات كبرىهل يمكن ان تشير التغييرات في التحالفات والاصطفافات الى تحولات في خارطة الحضور والفرص على صعيد الأرقام والمقاعد الانتخابية؟. في الاطار العام، لا يمكن القول بذلك، إلا ضمن حدود ومساحات كل مكون او عنوان لوحده، فضمن النطاق الوطني الواسع، لن تشهد الصورة القائمة تبدلات كبرى ما دامت العناوين والمسميات الطائفية والمذهبية والقومية والمناطقية والعشائرية هي المهيمنة، بحيث ان المكون الشيعي يعرف ويدرك جيدا مساحات تحركه ومديات فرصه، وكذلك الامر بالنسبة للمكون السني، والمكون الكردي، وكل واحد منهم لن يفكر كثيراً في التمدد الى مساحات المكون الآخر، وحتى ان فكر بذلك، فإن دائرة التفاؤل والطموح لديه ستبقى ضيقة الى حد كبير.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك