بقلم: عبد الرزاق السلطاني
الحديث عن الديمقراطية المجتمعية، او ديمقراطية المجتمع المدني يعني بث روح المسؤولية عند الافراد تجاه التفكير والعمل على تقرير مصيرهم، وبما ان السياسة مركز تكثيف القرار المجتمعي وتوحيده، او الاعتماد عليها لتحقيق الاهداف والحاجات العامة وهي المعيار الواضح على نضج الديمقراطية المجتمعية. والمتتبع للرؤية السياسية للحركات الوطنية الناهضة التي طرحت نموذج عصري تجديدي ورغم حداثة التجربة الوطنية والعمل السياسي فهي ترى الحياة التعددية الديمقراطية للمجتمع المدني داعماً للدولة ومكوناً رئيساً لها، ويقف الى جانب السلطة التي ستتراجع من ابتلاع مؤسسات الدولة، لتصبح سلطة القانون هي النافذة بعد أن كانت سيطرة قانون السلطة، ومن اجل ان تعود الدولة الى مجالها الطبيعي الى فضاءا وطنياً لتنظم الارادات المختلفة وادارتها سليما، لمجابهة التحديات الراهنة والمستقبلية التي تحاول العصف بالساحة العراقية.حيث لا يمكن تصحيح المسارات السياسية الا من خلال اجماع هيكلة الدولة وبناء المؤسسة الحكومية بمشاركة الجميع، فضلا عن تحديد هوية ومفهوم المواطنة والوحدة الوطنية وماهيتها بترشيد وتقنين القرارات الصائبة والابتعاد عن الطائفية والفئوية الدخيلة التي أضحت الهاجس الكبير لتعميق التناحر الاستئثار، فمن الطبيعي ان ننظر الى من يغطون افعال ارهابيي القاعدة ويبررونها محاولين اظفاء الشرعية عليها فهم بمثابة عكازات منخورة لا تستند الى أي هيكل، فإن الجميع في ازمة سواء داخل العراق او خارجه، واذا ما كانت الازمة العراقية تستمد حركتها من الجوار الاقليمي، فإن امتدادات الازمات بدأت تنخر تلك الانظمة العربية. ومن المؤسف ان الواقع العربي سواء على المستوى النخبويين وعلى المستوى العام، يلاحق ما يلاحق من احداث من منطلقات دون النظر الى الماضي والاستفادة من الواقع لانقاذ ما يمكن انقاذه لتحديد معالم المستقبل، فالتحديات الكبرى تبدأ صغيرة ككرة الثلج تكبر كلما واصلت الدحرجة، ورغم معرفتنا بدول الجوار الاقليمي ومديات تدخلها بشأن بلدنا، فالامن والمصلحة العراقية ستتطور كلما اقتربنا من اعتماد القواسم المشتركة والمقاطع الاستراتيجية لتبديد المسائل العالقة عبر توظيف القنوات الدبلوماسية، فضلاً عن تجسير الاهتمام الرئيس بتعبئة المؤسسات السياسية والكتل للسير باتجاه المواطنة لان ذلك بالتالي سيقود لتكوين حكومة ذات فعالية أكبر.ومما يؤسف له رغبة بعض الاطراف العربية لا سيما الاقليمية منها التأثير أو ممارسة دور سياسي داخل العراق وهي ما تزال محكومة باتجاهين: احدهما عاجز تماما عن صناعة خط التماس مع واشنطن وبالتالي مقيد بتصوراتها وخططها، وغير جاهز لتقديم مبادرة حقيقية للخروج من الازمة، والآخر بدافع المناورة مع الأخيرة بحثنا عن اوراق تمكنها من تجاوز مشكلاتها معها، وهم هنا يستغلون القضايا الاقليمية الساخنة بشكل خبيث لتحقيق توازن من نوع ما في علاقاتهم الاقليمية والدولية، وفي الحالتين بقيا رهينا الكثير من الشعارات الواهية التي لازالت تدوي في عقولهم، غير أن الوصول الى الاستقرار في العراق يتطلب استخدام سياسة العصا الغليظة ضد القوى الارهابية، وتدجين الأخرى.الا ان فهم الخصم ومطالبه غير المشروعة يعقد الامور لتقديمه الحل الخارجي بالتعامل مع حكومات المنطقة مباشرة، اذ لابد من وضع حد حقيقي لتلك الانتهاكات التي ساهمت بمفاقمة الوضع الامني العراقي بما في ذلك عمليات الامداد بالسلاح وأحزمة الموت وزج المجموعات التكفيرية واحياء نشاطها من عناصر ذوو جنسيات مختلفة وتسهيل مهمة اقامتهم وتصديرهم بطرق غير قانونية وشرعية ليحصدوا ارواح الابرياء من العراقيين.
https://telegram.me/buratha