ضياء الحاج صالح
ثمة حقيقة يتجاهلها بعض الساسة الإسلاميين، أو المتأسلمين، وهي أن مفهوم الحزبية الناضج يكاد ينعدم لديهم، بفعل عوامل شتى، منها ضعف الرؤية لدى زعيم الحزب، وعدم مقبوليته في الأوساط الشعبية، سيما وأن هنالك من سبقه بالحجة القوية، والرؤية الثاقبة، ورسائله العملية.بعد مضي عشر سنوات من عمر العملية السياسية في العراق، لا تزال بعض الأحزاب والتكتلات في حواضن (الخدج)، وربما يكون أمر صحي بعض الشيء، فخروج تلك الأحزاب من حواضنها؛ يسبب نقص أكسجة، في الوقت الذي يكون الطفل الحزبي بأمس الحاجة الى الأوكسجين السياسي.وهذا ما حصل لأحد الاحزاب الإسلامية: فخروجه من حاضنة الخدج، في وقت غير مناسب، جعله يعاني ضيق التنفس؛ نتيجة نقص الاوكسجين السياسي.الوعي السائد لدى بعض الأحزاب المتلبسة بلباس الدين، هو وعي ركوب موجة عالية، ومناطحة جبال شامخة، لعل حزب الفضيلة الأسلامي كان المطية المفضلة لوزير العدل حسن الشمري، لكنه لم يحسن ركوبها، فإن الأعين قد بدأت تبصر، وبعض الأصوات تعلو هنا و هناك، رافضةً قانوني الأحوال الشخصية والقضاء الجعفريين.أخذ وزير العدل يعمل على خلط الأوراق، فتارة تجده يزعم أن مرجعية النجف الأشرف تدعمه، وتؤيد قانوني الأحوال الشخصية، والقضاء الجعفريين، وتارة تجده يتباكى، محاولاً إثارة عواطف الشيعة، بحجة أن قوانينه الجعفرية واجهت رفض المرجعية، وذاك آمر يستحق المتابعة وتقصي الحقائق، وطرح بعض التساؤلات.هل وزير العدل بعث بمسودة القانوني لطلب رأي المرجعية؟ وأن تم ذلك هل أتصل بالمرجعية ليستفسر عن رأيهم الرافض او القابل؟ بحث صغير في محرك البحث كوكل يكشف لنا أن السيد علي عبد الكريم الصافي، وكيل المرجعية في البصرة، قدم منذ سنين مسودة لقانون الأحوال الشخصية، وفق المذهب الجعفري، وعرضها على المرجع الأعلى، وتكلّم مع مختلف الأطراف، في التحالف الوطني للسعي في إقراره في مجلس النواب، لكن المشروع توقف؛ لان أغلب القوانين تمرر بالتوافق بين الكتل الكبيرة، ومن المعلوم أن الطائفة السنية تمتلك كتل نيابيه كبيرة، وقفت ضد القانون، متسلحة بالمادة (246) من مسودّة القانون تنصّ على أنّه "تسري أحكام هذا القانون على العراقيين بناءً على طلب المدّعى أو وكيله".وهذا يعني ببساطة أنّ القانون المذكور، سيطبّق على غير الشيعة، من أهل السنة، والمسيحيين، والصابئة، والايزيدين، وغيرهم، متى وقع التنازع بين الشيعي وغيره، وطلب صاحب الدعوى -الشيعي- تطبيق القانون الجعفري، أي أن لهذا القانون مساسا بحقوق سائر المكونات من أبناء الشعب العراقي .واضحاً أن المرجعية الشيعية، تدعم أي مشروع يخدم الشعب العراقي، ويساهم في تحقيق تطلعاته إذا وجد الأرضية الصالحة لإقراره، ولا يهمّها الجهة التي قدمت المشروع، وربما قانوني الشمري أو اليعقوبي الجعفريين فاقدين للأرضية الصالحة، وهذا ما دعا المرجعية العليا في النجف الأشرف، للأبتعاد عن زج نفسها في جدل عقيم.
https://telegram.me/buratha