محمد حسن الساعدي
لا شك أن العام الماضي (2013) كان الأسوأ أمنيا في تأريخ العراق الحديث فبعد إعلان بعثة الأمم المتحدة (يونامي) في تشرين الثاني عام 2013 بأن عدد الشهداء ، وفقا لأرقام بعثة الأمم المتحدة، خلال شهر تشرين الأول الماضي وحده، بلغ 979 قتيلاً فيما أُصيب 1902 آخرون بجروح جرّاء أعمال العنف والإرهاب.في غضون ذلك بينت الحملة الشعبية الوطنية لإدراج تفجيرات العراق على لائحة جرائم الإبادة الجماعية" في بيان لها بمناسبة العام الجديد إن "عام 2013 كان من أكثر الأعوام دموية في العراق ، حيث تصاعدت الهجمات الإرهابية الشرسة التي استهدفت العراقيين كافة بمختلف مكوناتهم وقومياتهم، فيما كان للأقليات النصيب الأكبر من الاستهداف وتفجير مدنهم ومناطقهم"، حيث كان للتركمان حصة الأسد من هذه الأعمال المنظمة الإرهابية.أن أعداد الذين سقطوا في البلاد خلال العام الماضي يفوق بإضعاف حجم الذين يسقطون في الحروب والصراعات والنزاعات في مختلف أنحاء العالم بما فيها الأزمة السورية، إذ تؤكد التقارير الدولية أن أعداد الذين يقتلون في العراق يفوق حجم قتلى الأحداث في سوريا بخمسة أضعاف .منذ عشر سنوات والشعب العراقي يواجه محناً وأزمات لاحصر لها واليوم نجد أنفسنا في حالة استسلام للواقع المزري،فلا نحن قادرون على مقاومته، ولا نحن مستعدون حتى للاستسلام له، وتلك محنة كبرى حين يعجز المرء عن فعل شيء، ولا يستطيع أن يقبل بالتعايش مع واقعه .واقع سياسي مؤلم فمن سياسينا الذي امتهنوا أسلوب التصارع حتى صار منقبة من مناقب السياسي العراقي ، فمأثرهُ كثيرة من سياسي وله حصانة نيابية إلى إرهابي مطارد وهم ليسوا قلة ، ومنهم من يحتمي بالإرهاب ويسكن في فنادقه ويسير في مدنه ، على حساب شعباً اختاره يوماً ليكون معبراً له في تنفيذ طموحاته والتي لا ترتقي سوى إلى العيش بأمان في بلد الحروب والآهات .السياسي الذي يعمل بدوريين متناقضين فمرة يكون سياسي ( بالنهار) ويعمل بصفة إرهابي قاطع للطريق (بالليل ) ، ويعود ليمارس دوره في حماية مصالح الشعب العليا ، ومن ثم يمارس نفس الدور في سرقة هذه المصالح ليلاً ، وأمام هذه التناقضات التي شاهدنا الكثير من الأمثلة لها وعلى طوال عشر سنوات منذ سقوط هولاكو بغداد نرى قضاءً مسيراً مرة ، ومرة مسيساً وترحيل قضايا وملفات لهولاء السياسيين ،ليعود ويمارس دوره في حماية حقوق الإرهابيين والدفاع عنهم أن اقتضت الضرورة . أحداث الانبار عكست هذه الصورة السوداوية ، ونقلت هذه التناقضات على أرض الواقع ، فسياسيين أمتهنوا الدفاع عن حقوق مواطنيهم وهذا الشيء سليم لا يمكن لأحد الشك به ، ووقفوا على منابر ساحات الاعتصام للمطالبة ، بالرغم من وجود ساحات أخرى أكثر فاعلية هي ساحات البرلمان ، والصوت فيه يكون أكثر سماعاً وأكثر حضوراً ، ولكن يبدو انه هولاء السياسيين وجدوا أن الهواء الطلق ، وقطع طريق أرزاق الشعب العراقي هو أكثر الطرق وصولاً للصوت المطالب بالحقوق ،في حين نجد أن تظاهرات الانبار لم تمتد إلى المحافظات الأخرى لأسباب تتعلق بالخصوصية والتوجهات التي يحملها المتظاهرون، ودخول تنظيم القاعدة على خط مطالب المتظاهرين، وتشابك الوضع بين العراق وسوريا عبر الانبار. جعلت من الوضع يسير نحو التأزيم . هذه التظاهرات قد بدأت بمطالب اتفق عليها كل العراقيين وتعاطفوا معها، من توفير فرص العمل إلى إيقاف المداهمات الليلية وإطلاق سراح الأبرياء إلى تحسين مستوى الأداء الخدمي الحكومي وغيرها من المطالب. ودخل الداعشيون واحتموا بالسياسيين ، واحتمى السياسيين بهم ، لتتحول الخيم المطالبة بالحقوق إلى خيم لتصدير الموت إلى الشعب العراقي ، وعلى مختلف مذاهبهم ، فلم تسلم حتى مدن الانبار من إرهابهم ، فأصبحت أسيرة بيد الداعشيون وارهابيوا الليل ليبدأ مسلسل التناقضات الجديد بين الإرهابيين والسياسيين وبصور مختلفة ، وظهور جديد ، فتصريح في البرلمان ، ودعماً في الفلوجة ، وتصعيد في الرمادي ، ودفاع في الخضراء .هذه المرة تحتاج الصورة إلى شيء من الإيضاح لان الأمر التبس على الناس ، لنعرف ونميز بين الإرهابي والسياسي ، فلا نعرف من هو السياسي ؟! ومن هو الإرهابي ؟! ، إذا عرفنا وميزنا بين النقيضين سنقف على تعريف السياسي ، ونفند مقولة الإرهابي والسياسي فوهة واحدة ، ولكن إلى ذلك الحين سيبقى السياسي والإرهابي فوهة واحدة .
https://telegram.me/buratha