المقالات

الحرب القادمة

614 10:00:00 2014-01-15

واثق الجابري

حالات كثيرة من الألم وصدمات نفسية نتعرض لها كل يوم، مشاهد دموية أحدها أشد من الأخر، كثير من الصور لا تغيب عن ذاكرتنا، يمزقنا منظر ذلك الأب يوم أمس حينما سارع بطفلته المقطوع رأسها، حافي القدمين يركض من الباب المعظم الى مدينة الطب طالباً حياة لأبنة الأثنى عشر ربيعاً، ونرى إبن البصرة يتوسل سائق شاحنة لأجل تنظيفها او إعداد طعام مقابل سدّ رمقه؛ تم بيعهم وشرائهم على موائد القِمار وتحولت أموالهم لسلاح يقتلون به، ومغنم يُمَكِن المفسدين التسلق للحكم.لا يختلف المشهد الأول عن الثاني، وكلاهما يؤدي الى الدمار، الإرهاب الأسود يحصد مئات الألاف سنوياً، ويخلف الفساد ملايين الجياع، وجيش من المحرومين المعرضين للإنحراف.لم تغيب من ذاكرتي مقولة المرجع الكبير السيد السيستاني بعد عام 2003:" الحرب القادمة حرب فكرية"، ونعرف إن فكر العرب يعتمد على الصراخ وغياب التفكير وحساب النتائج، تزعق به أصوات نشاز تشوه كل طبيعة تركيب المجتمع، تحركت منه قوى ٌقليمية ودولية لإحراق وإغراق العراق بمستنقع الإرهاب والفساد.الإرهاب والفساد والحروب الطائشة خلفت ملايين من الأيتام وما يساوي 10% من النساء ارامل، توارثوا امراض عضال من مخلفات النفط والنفايات والألغام، وأيتام ومأسي وصور بشعة لا تمت للإنسانية.الستراتيجية السلطوية والتدافع على مغانم الدولة وحق المواطن، أنحدر في دهاليزها قادة النخب، شركاء في الفساد الممول للأرهاب او السبب له، تحولت الدولة الى مقاطعات غائبة الستراتيجية والتخطيط؛ والأمن صوّر بكثرة الأسلحة والجيوش والصفقات، وخطابات رنانة لا تستحي ان تحمل في دواخلها نوايا التسلق بأسم الطائفة والعشيرة والدماء وأموال الفساد.عقليات غائبة من الحضارة والتاريخ والتكنلوجيا، لا تفهم إن المنظومة الأمنية لا تكون فاعلة مالم تشارك المنظومة الإقتصادية؛ لتحسين الواقع الاجتماعي المحرك للفكر المجتمعي، تبعد ملايين الأيتام والعاطلين والمعوزين عن حواضن الإرهاب بغياب فرص العمل، وفقدان الإنتماء للوطن.طبيعة المجتمع العراقي دفع الدكتاتورية المبادة لتنمية القبلية والعشائرية، ثم ظهور دعم الطائفية إنتخابياً بعد 2003، رسخ الولاء للعشيرة والطائفة والقومية، ناهيك عن مافيات الجريمة والفساد التي إتخذت لنفسها قبائل من المنحطين المتطفلين كجراثيم في المجتمع، تندروا في أفعال محل سخرية وعدم قبول من الأغلبية الشعبية التي تعاني النتائج.مشاهد اشلاء الأطفال وعويل النساء وتسكع المعوزين في الطرقات، وشباب بعمر الورود يساقون الى الموت، تنتظرهم قوافل الرحيل الى المقابر الجماعية، لا تنتهي مازال هنالك مصاصوا دماء وسراق قوت الشعب.يبدو إن البعض إنغمس في الإنحراف الفكري، وصل الى درجة من الإنحطاط والبحث عن جماجم يتخدها وسيلة للصعود الى هرم السفالة والدونية، لا يكترث بمن يقتل، يدعون إنهم مدافعون عن المذاهب، وقد قتلوا الملايين وإنحرفت بسببهم الكثير، لأجل تجوالهم في لندن وليلة من الشهر في فندق الرشيد، قتلوا الشيعة قبل ان يقاتلوا الإرهاب، ولولا الفساد لما تغلغل في المؤوسسات وما وصل الإرهاب البصرة وكربلاء، وما ذهب أبن مدن البترول ليشتغل خادماً في كردستان، او يُذر جسده المتناثر بين الشظايا. الحرب الفكرية نجح أعداء العراقي فيها وإنغمست رؤوس كبيرة بالإنحطاط. إنحراف الفكر لا يعالجه الاّ الفكر، ومنه بناء منظومة الدولة الإقتصادية والإجتماعية، وإستمالة المجتمع للوحدة والحوار وتعزيز المشتركات.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك