المقالات

عندما تذبح الحرية

497 18:14:00 2014-01-15

حسن الهاشمي

خرجت صباح اليوم في قضاء حاجة من حاجات البيت، فوجدت الشارع الذي فيه حاجتي والشوارع المجاورة مغلقة بوجه السيارات إلا من الراجلة فإنها تكتظ بالبشر حتى ليتعذر المرور، والمطلون من نوافذ البنايات الشاهقة أكثر من الواقفين على الأرصفة، فكأنهم مزارع بصل، والذين على الأرض يتدافعون بالمناكب، ويشرئبون بالأعناق، وكلهم يحاول الوصول إلى مقربة من السيارة المرتقبة، وأن تكتحل عيونهم برؤية طلعته البهية، والشرطة تدفع المتجمهرين في الصف الأول إلى الوراء، ولا يندر أن تلجأ إلى العنف وأحيانا الكلمات البذيئة. ما الخبر؟ إن مسؤولا رفيع المستوى جاء المدينة زائرا، وعما قليل يمر موكبه من هنا، ذلك كل الخبر، وهذا ما قذف بتلك الجماهير من أوجارها، وأوقف دواليب أعمالها، لتحظى ولو بلمحة من رؤية طلة ذلك المسؤول الموقر!. أما أن كل واحد منهم خُلق في أحسن تقويم، وأما إنهم يحملون تاج الإسلام على رؤوسهم، وبصمات الكرامة على أبدانهم، وسحر الطيب في قلوبهم وأحشائهم، وأما أن الأجدر بهم أن يتفرجوا على أنفسهم ليل نهار قبل أن يتفرجوا على مسؤول أو بطل أو مغوار، فذلك ما لا يخطر لهم على بال، لأنهم لم ولن يصلوا إلى حقيقة: من عظم الخالق في عينه صغر ما دونه أمامه.ألا أغمضي عينيك أيتها الحرية، واخجلتاه من رسول الإنسانية، كيف تناسينا أو نسينا إن من أهم صفاته أنه يضع عنا إصرنا والأغلال التي كانت علينا، كيف ذهب عن بالنا إن رسول الرحمة قد أزاح عن صدورنا أثقال الوثنية والحقد والكره والتمييز الطبقي، وحطم أغلال العبودية والرق لغير الله تعالى إذ كان الناس وقتذاك مكبلين بها، هل هو تنصل عن قيم السماء؟! هل هو استبدال الأدنى بالأرقى؟! لا أدري وسأظل لا أدري رغما عن أنفي...أيتها الحرية المذبوحة أشيحي بوجهك عن هؤلاء، ولا تأسفي لهم، ولا تعتبي عليهم، ولا تدينيهم بجهلهم، ولا تستبشري كلما تلفظوا باطلا باسمك المقدس، فشفاههم لا تنطق بما في قلوبهم، بل هم يضمرون في قلوبهم ما ليس في شفاههم، والذي يضمرونه الشوق إلى الماضي السحيق ماضي الجاهلية التعيس، الذي يضمرونه في قلوبهم الرق في أخس مظاهره ومعانيه، رق الإنسان للإنسان.لذلك فهؤلاء الإمعة يمجدون اسم الحرية بشفاههم ويدوسون جسدها بنعالهم، ولقد رأيتهم اليوم بعيني يسحقون الحرية بأقدامهم سحقا، وسمعتهم بأذني يهتفون: ليحيى المسؤول! وأي مسؤول!... والأدهى من ذلك إنهم يصفقون له وهم يعلمون قبل غيرهم أنه يسرقهم، يخونهم، يضحك على ذقونهم، يشتري العقارات في كذا دولة بأموالهم، وهم يعيشون الأكواخ والصفيح ويدرسون تحت العراء، يا لها من مفارقة مضحكة مبكية، أنت ترى السارق وفي نفس الوقت تصفق له وتنتخبه في صناديق الإقتراع! أليس هذا معناه أنت تهتف بالحياة للرق وتهتف بالموت للحرية! فهم إذ يهتفون بحياة الرق لا يدركون أنهم بموتهم يهتفون، وهم يسيرون في موكب المسؤول لا يعرفون أنهم في جنائزهم سائرون...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك