عبد الكاظم حسن الجابري
مع اشتداد المعارك وضراوتها في الانبار, وما أشعلته من فتيل أزمة سياسية, قد تلقي بظلالها على مستقبل العراق ككل, وعندما تحتلك الظروف ويضيع أفق الحلول لهذه الأزمة, يتطلب كل هذا موقفاً وطنيا نابع من الإيمان بان العراق, بلدا واحدا, موقفا متعقلا يتماشى مع الدستور ومع المتطلبات الوطنية.لذا برزت في هذا الصدد مبادرة السيد عمار الحكيم "انبارنا الصامدة" كحل مثالي للازمة, يُجَنَبُ العراق من خلالها مزيدا من إراقة الدماء.وبين الأخذ والرد, وبين الحاقد والناقد, والمؤيد والمعارض, تبقى مبادرة الحكيم عمار, تبقى خارطة طريق لتهدئة الأوضاع, وخصوصا إن العراق مقبل على ممارسة ديمقراطية متمثلة بالانتخابات النيابة العامة نهاية نيسان القادم.ومن دراسة حيثيات المبادرة وردا على من يدعي أنها لمكاسب سياسية, يمكن القول إن من يفكرون هكذا يجانبون الصواب فالانبار بشكلها المذهبي والسياسي ليست قاعدة لعمار الحكيم لكي يكون الهدف منها انتخابيا, بل على العكس أنها قد تؤثر سلبيا على سمعة تيار شهيد المحراب في المحافظات الجنوبية, وخصوصا مع الأبواق التي حاولت استغلال هذه المبادرة لإيهام الشارع الجنوبي بأنها دفاع عن المناطق الغربية دون مناطق الجنوب.من المؤكد إن السيد عمار الحكيم مدرك لكل هذا الواقع والمتوقع, فهو سياسي محنك يمتلك رؤية قوية ونظرة ثاقبة للأمور.إذا نتساءل ونقول: مع كل هذا لماذا يطرق السيد الحكيم هذه المبادرة؟الجواب واضح ليس فيه لبس لكل مراقب منصف, فمسيرة آل الحكيم عموما, اتسمت بالصوت الوطني, وبالدعوة إلى الوحدة واعتماد مبدأ التهدئة وإتباع سبيل الحوار لحل المشاكل والأزمات.إن وطنية السيد الحكيم, هي قطب الرحى, الذي أدار عملية الطرح لهكذا مبادرة, فالمبادرة أتت في وقت, احتلكت فيه ظلمة المشهد, واكتنفت الضبابية جميع الحلول, فكان لزاما أن يعلو صوت وطني لحلحلة الأزمة بروح بعيدة عن الطائفية والتعصب.المبادرة بفقراتها العشرة هي خارطة طريق, لحفظ دماء أبناءنا, من منتسبي قوى الأمن, وكذلك هي منهج لإسكات كل صوت يعزف على الوتر الطائفي.هذه المبادرة هي واحدة من سلسلة مبادرات أطلقها الحكيم وكلها تصب كانت في خدمة أبناء الجنوب, فهي ليست محض صدفة, ولا هي مبادرة تطالب للغربية"السنية" ـ إن صح التعبيرـ دون الجنوب ـ الشيعي ـ فالعاصمة الاقتصادية واعمار ميسان وذي قار مهد الحضارة والنجف مدينة العلم ومشروع البترودولار وال5بترودولار وكل هذه المبادرات كلها نابعة من حرص وحس وطني برؤية متروية لقراءة الواقع, من اجل بناء مجتمع مستقر وامن ومتطور.إن الإفلاس السياسي, لبعض الكتل والأحزاب والشخصيات هو من جعلها تشوه صورة المبادرة, فتلك الأصوات نفسها هي التي أوقفت المشاريع الخادمة للجنوب كمشروع العاصمة الاقتصادية وغيرها كما أسلفنا, إن التعطش الانتخابي افقد البعض, وقارهم وكشف عن هشاشة تفكيرهم, لمجرد إحساسهم ان الوعي المجتمعي صار كبيرا بحيث يفرق ويميز بين الصوت الوطني والصوت الطائفي, وان لا صوت يعلو على صوت الوطنية.
https://telegram.me/buratha