محمد حسن الساعدي
.الديمقراطية عن غيرها من النظم السياسية تتميز بأنها دور الشعب وتأثيره في الحياة السياسية ولها دور رئيسي لتحديد صورة ومعالم الحكومة القادمة،وذلك لانها الحرية المتاحة للتعبير عن الرأي من خلال المشاركة الفاعلة في الانتخابات البرلمانية التي تقرر مصير الكتل المتنافسة ووجودها في قبة البرلمان .وفي الديمقراطية التعددية التي تعتمد مبدأ حق الأكثرية السياسية بتشكيل الحكومة وقيادة البلد يكون التنافس الانتخابي بين الأحزاب بالاعتماد على برامجها المعروضة أمام الناخبين الذين يكون دورهم دراسة هذه البرامج واختيار ما يعتقدون انه الأفضل في تحقيق الرفاهية والتقدم والوحدة الوطنية وتحسين الخدمات وغيرها من المطالب لذلك تسعى الأحزاب والتنظيمات السياسية لكسب أصوات الناخبين من اجل الحصول على مقاعد في السلطة التشريعية ومناصب في الحكومة.والأمر الحاسم في العلاقة بن هذه الأحزاب والناخبين هو البرامج الانتخابية فهي الوسيلة الأهم في العمل السياسي في ظل الديمقراطية لكونها من أهم الآليات التي تتبعها الأحزاب للتعريف بفكرها عموما ونظرتها إلى الأحداث التي تجري في الساحة على وجه الخصوص ويفترض أن تبين هذه البرامج وجهة نظر الأحزاب أو الائتلافات عن الدور الذي ستقوم به في مجالات الخدمات العامة والسياسة والاقتصاد في حالة حصولها على مقاعد في البرلمان والحكومة. وحيث إن البرامج الانتخابية موجهة بشكل خاص إلى الناخبين فان الأحزاب المتنافسة تسعى أن تكون برامجها على أعلى درجات القبول لدى الناخبين من خلال تطرقها إلى الحاجات الأساسية للشعب لان حصة الأحزاب في البرلمان والحكومة تعتمد على عدد الأصوات التي تحصل عليها في الانتخابات والعامل الحاسم في كسب هذه الأصوات هو البرامج الانتخابية.الحالة العراقية للأسف لا تعكس هذه الصورة المشرقة للمشهد الانتخابي ، فنرى ان هناك قراءتين للمشهد السياسي :القراءة الأولى ، تقول ان اغلب الكتل السياسية لا تعمل للمشهد الوطني ، بل هي تسعى إلى كسب انتخابي يدعمها ف الوصول إلى السلطة ، وتحقيق مكاسب انتخابية آنية ، دون الالتفات الى هموم مواطنيها ، ومن ساهم بوصولهم الى السلطة ، وهذا النموذج يعمل عليه الأعم الأغلب من الكتل الكبيرة ، والتي تسعى اليوم إلى هذا الكسب ، من قبيل إثارة الجمهور وكسب تأييده قبيل الانتخابات ، وما يقوم به رجال دولة القانون لهو خير مثال على إثارة الأزمات لهذا الغرض ، ولو تأملنا المشهد السياسي ، وتساءلنا لماذا الآن تثار قضية الانبار ؟!! مع العم ان اغلب التقارير الأمنية تتحدث عن علم الحكومة مسبقاً عن مكان تواجد الإرهابيين ، وأعدادهم ؟القراءة الثانية ، وهي الأكثر دقة والأصح ، وهي أن الكتل تعمل لشيء اسمه مكسب وطني ، فهي لا تنظر إلى الانتخابات ،بقدر نظرتها إلى ما بعد الانتخابات ، وماذا يمكن أن يقدم للمواطن العراقي ، وعندما يقدم مشروع قانون فيه خدمة للمواطن يكون فيه انجاز سياسي ، بعيداً عن الأضواء ، والكسب الانتخابي ، وهذا ما تحقق في اغلب أصوات المجلس الأعلى وقيادته الحكيمة ، اذ لم ينادي بالمكسب الانتخابي ، بالرغم ان من حق اي كتلة او حزب ان يسعى لكسب الجمهور ، وهذا هو سر نجاح التنافس السياسي بين الكتل في الفوز وحصد اكبر عدد من الأصوات . وعلى هذا الأساس قدم برنامجه الانتخابي ، الذي بنى مفرداته على معاناة الشعب ومتطلباته اليومية واحتياجات الناخب فإذا ما تضمنت البرامج الانتخابية فقرات تشير إلى مختلف جوانب حياة المواطن وخاصة الأمنية والخدمية والاقتصادية ، ويكون بذلك قد كسب الجولة الأولى ولكنها لا تنفع إلا بالانتقال إلى المرحلة التالية وهي أن تتضمن هذه البرامج بعض التفاصيل المتعلقة باليات التطبيق لكي يكون المواطن قادرا على تشخيص الخلل في عمل الحكومة القادمة .يبقى على الناخب العراقي المسؤولية الكبيرة في تشخيص مكامن القوة في أي برنامج ، وإمكانية تطبيقه ، وصدقية البرامج المقدمة من قبل الكتل المتنافسة في الانتخابات القادمة ، والتي تعتبر مفصلية في تاريخ العراق الجديد ، لانها سوف تبنى لديكتاتورية جديدة ، أو أنها تحقق التغيير المنشود في التبادل السلمي للسلطة ، وتعبر عن الثقافة السياسية العالية لدى المتنافسين ، وتعكس القراءة الواعية لدى الجمهور ان ما موجود لم يكن يحقق بناء اي مشروع وطني ، ولم يكن سوى كسب انتخابي على حساب الناخب .
https://telegram.me/buratha