عبد الكاظم حسن الجابري
شهدت نهاية السنة الماضية, اندلاع معارك واشتباكات بين الجيش العراقي من جهة, وبين مسلحي التنظيمات الإرهابية"داعش" من جهة أخرى.ورافق هذه المعارك, خلافات سياسية شديدة, وصلت حد المقاطعة والاستقالة والانسحاب من العملية السياسية, وتلبدت سماء العراق بغيوم أزمة حادة, امتزجت بها الطائفية, برائحة العمالة لجهات إقليمية, أزمة لا تبشر بان نهايتها ستفضي إلى سلام أو أمان لهذا البلد, ومع تخبط الخطط العسكرية والتخطيط الحكومي, أصبحت هذه الأزمة تتفاقم شئ فشيئا.ومع ضياع الحلول, وعدم وجود مخرج, صار لزاما, أن ينبري ساسة العراق ممن يؤمنون, بسلمية الحلول وعدم تصعيد الأزمات, صار لزاما عليهم أن يضعوا خارطة طريق تمهد لإنهاء الأزمة وحلها نهائيا.وفي هذا الصدد برزت مبادرة السيد عمار الحكيم, كحل لهذه الأزمة.هذه المبادرة لاقت ترحيبا من اغلب الأطراف العراقية, كما لاقت ترحيبا دوليا متمثلا بالأمم المتحدة التي رحبت بالمبادرة.لكن الملفت للنظر إن بعض الأبواق المأجورة وبعض الأقلام التي تكتب بمقابل, بدأت تشن حملة إعلامية هوجاء ضد هذه المبادرة, وضد مطلقها وتياره.المبادرة لمن اطلع عليها تتكون من عشرة فقرات, وهذه الفقرات العشر تمثل حلا لحقن الدماء, وخصوصا دماء أبناء القوات الأمنية "أبناء الجنوب" من خلال تشكيل قوة الدفاع الذاتي من أبناء الانبار, وترتبط هذه القوة بالحكومة الوطنية من خلال وزارة الدفاع, لكن المتربصين لم يناقشوا أو يوضحوا أو يكتبوا عن الفقرات العشر جميعها, بل استقطعوا الفقرة الأولى من المبادرة, والخاصة بصرف مبلغ اربع مليارات دولار تدفع على مدى أربع سنوات, كمبالغ لإعادة اعمار الانبار والتي تضررت من جراء العمليات العسكرية.هنا نود أن نبين امرأ, الانبار هي مدينة عراقية ولا غرابة أن تصرف مبالغ لأعمارها كونها تعرضت لأضرار بسبب العمليات العسكرية, ولكن نود أن نتساءل ونسأل المتباكين على هذه المليارات الأربع, ويصورون أنها تستقطع من أبناء الجنوب المساكين, لتعطى لأبناء الغربية "الإرهابيين".فالمتباكين يقولون ويتساءلون "لماذا لا يبادر عمار الحكيم ويطالب للجنوب كمطالبته للانبار".في محضر الإجابة يجب أن ننوه إلى أمر مهم وهو إن هذه المبادرة "انبارنا الصامدة" لم تكن الأولى, بل هي جاءت ضمن سلسلة مبادرات للنهوض بالواقع الخدمي والمعاشي لمدن الجنوب كمشروع البصرة العاصمة الاقتصادية, وبابل التاريخ, وذي قار مهد الحضارة, وميسان الخير...الخ.هذه المشاريع والمبادرات التي لو طبقت اجزم بان محافظات الجنوب لأصبحت من أكثر المدن في المنطقة والعالم تطورا ورقياُ.كذلك نسأل ونتساءل ألم يكن مشروع ال5بترودولار هو من مبتنيات تيار شهيد المحراب؟ الم يكن هذا المشروع هو مشروع بناء مدن الجنوب, كونها رئة العراق النفطية؟ ألم يعلم الإخوة المعترضون إن الحكومة وائتلاف دولة القانون هم من قللوا حجم المبالغ في هذا المشروع ليرجعوه إلى البترودولار, ثم عندما أعاد تيار شهيد المحراب طرح مشروعه ال5بترودولار بعد نجاحه في إقرار البترودولار, عادت الحكومة لتعيق هذا المشروع, فرغم إن قانون ال5بترودولار تم التصويت عليه إلا إن الميزانية التي اقرها مجلس الوزراء حاليا, والتي رُحِلَتْ للبرلمان تتضمن فقط بترودولار وليس 5يترودولار, نعم أعاقت الحكومة إقرار ال5دولار من خلال تأخيرها بإقرار الموازنة داخل مجلس الوزراء وتأخير عرضها على البرلمان مما يجعل السلطة التشريعية "البرلمان" في حرج فأما أن يصوتوا على الموازنة بشكلها الحالي, وهذا التصويت فيه مخالفة للقانون, أو إن البرلمان يعيد الموازنة إلى الحكومة لغرض تعديل البترودولار وفق قانون ال5بترودولار الأمر الذي سيؤدي إلى تعطيل المشاريع الاستثمارية والخدمية بسبب تأخر الموازنة.ختاما إن على الجميع, قراءة الوقائع كما هي وعدم الانجرار إلى مهاترات التسقيط, والتي يُبْتًغى من وراءها مكاسب انتخابية لا غير, فمبادرة الانبار الصامدة كانت قبلها البصرة, ولم تكن وليدة صدفة أو هي مجاملة للسنة على حساب الشيعة, بل هي مبادرة وطنية خالصة تهدف لحقن الدماء وإنهاء الأزمة.
https://telegram.me/buratha