قيس المهندس
تقوم قوى الإستكبار العالمي بصناعة الجماعات الراديكالية، ودعمها بالأموال والسلاح والتدريب، ورفدها بالجهد الإستخباري؛ لإستخدامها كأدوات في إدارة الأزمات والضغط على خصومها لأجل تحقيق مصالحها وفرض قواها. فمنذ أحداث حروب الإتحاد السوفيتي في أفغانستان، دعمت المخابرات الأمريكية تنظيمي القاعدة وطالبان، وهكذا أصبحت صناعة تلك التنظيمات إستراتيجية أساسية تعتمدها الولايات المتحدة، وتتخذها ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان. تنظيم (داعش)، احدى تلك القوى الراديكالية التي صنعتها ايدي مخابرات الولايات المتحدة، من اجل تقوية جانب تدخلها في الشؤون الداخلية السورية. ولم تكن سوريا الدولة الوحيدة المهددة من قبل ذلك التنظيم، بل اصبح تهديد تلك الجماعة في كل مكان في العالم، فهي تُجند الآلاف من المتطرفين من سائر البلدان، حتى من أوربا وأمريكا والشيشان للقتال في سوريا، مما يخشى من عودة أولئك المسلحين الى بلدانهم والقيام بأعمال إرهابية هناك.كما تعمل الولايات المتحدة ضمن إتفاقات سرية مع بعض الحكومات التي تضم في سجونها قيادات وأفراد من المتطرفين، على إطلاق سراحهم، ونقلهم طوعاً أو كرهاً الى سوريا. وبملاحظة حدوث أفعال مماثلة في العراق؛ حيث فرار مئات السجناء من الإسلاميين المتطرفين من السجون العراقية، وفي فترة قصيرة من الزمن، تخللها ذهاب رئيس الوزراء الى واشنطن، وعودته بتباشير دعم الولايات المتحدة للحكومة العراقية في حربها ضد الإرهاب، بالرغم من أن الطائرات المستخدمة روسية الصنع والجيش الضارب عراقي!. كما قد سُجلت ظاهرة غريبة أخرى بهروب سجناء التنظيمات الإرهابية فقط، دون بقية السجناء المحكومين بجنح وجنايات، وكأن السكينة نزلت على أولئك السجناء، وارتفعت لديهم روح الوطنية والإلتزام بالقانون وصحوة الضمير، مما جعلهم لا يفرون!.
كذلك شاهدنا في (مقاطع الفيديو) التي نشرتها قناة العراقية الفضائية، وبقية وسائل الاعلام، حيث تُظهر الضربات الجوية بعدة صواريخ من طائرة الهليكوبتر على معاقلهم، بعد فرار أفراد التنظيم منها، ولم تقم الطائرات بملاحقة وضرب الأفراد الفارين، بالرغم من تمكنها من ذلك. كما وأظهرت وسائل الاعلام انتشار وحدات الجيش العراقي في صحراء الانبار، وقرب المناطق التي أُستهدفت بالقصف، ولم تظهر أي مشاهد لمعارك مباشرة بين الجيش العراقي وتنظيم (داعش) الإرهابي!.
وذلك كله يعطينا دلالة على دخول الحكومة العراقية في مسار تنفيذ الأجندات الأمريكية في المنطقة، سواء كان ذلك عن قصد ام بغيره، فالحرب التي شنتها الحكومة على (داعش)؛ لا تعدو كونها طرداً لأفراد تلك الجماعة نحو الأراضي السورية، وخلق بؤرة توتر في المنطقة الغربية للعراق, وذلك ما تسعى اليه الولايات المتحدة لتطبيق سياسات مستقبلية. وبالفعل صرحت وسائل الإعلام العالمية، بعبور أعداد كبيرة من ذلك التنظيم الى سوريا عقب العمليات العسكرية. ولم يتبقى سوى بعض المجاميع التي انتشرت في مناطق الأنبار، والحكومة دائبة على قتالهم، بمعونة عشائر تلك المناطق.
لذا فعلى الحكومة الحذر في تعاملها مع الولايات المتحدة، فالأخيرة لا صديق لها سوى مصالحها، فقد يرتد فعل تلك العمليات بأثر سلبي على العملية السياسية، والأجدر بالحكومة وضع استراتيجيات محكمة للقضاء على الإرهاب، وعدم خلط الأوراق الأمنية والسياسية؛ فقضية ضرب داعش في الصحراء؛ غير عملية انهاء الاعتصامات، وغير عملية تسقيط الفرقاء السياسيين إعلاميا، ومن ثم استغلال تلك العمليات مجتمعة لأغراض انتخابية. وعلى الحكومة الكف عن استخدام الأساليب الميكافيلية، والتعامل بديماغوجية مع الشعب، والا فعلى العملية السياسية السلام.
https://telegram.me/buratha