المقالات

التنمية الصناعية هل تقوم على حساب المستهلك؟

698 15:55:00 2014-01-21

حميد الموسوي

كنّا قد أدلينا بدلونا وأبدينا رأينا بخصوص قانون الضرائب والتعرفة الجمركية الجديدة، حيث طرحنا بعض الملاحظات على صفحات هذه الجريدة الغراء في عمود صحفي تحت عنوان "يا فتاح.. يا عليم"، وقلنا فيما قلناه انه بمجرد تسريب خبر التفكير بالعمل في نظام التعرفة الجمركية دخل التجار الجشعون حالة الانذار والاستنفار وبدؤوا برفع اسعار السلع والمواد والاغذية واللوازم المستوردة بنفس النسبة المفترضة والتي ما زالت حبرا على ورقة وهي20%.وقلنا ان تطبيق هذه التعرفة وبهذه النسبة وفي هذه الظروف سيعيد العراقيين الى حالة الحرمان التي عانوها في السنين المنصرمة، حيث كانت العوائل تشترك بثلاجة واحدة وتلفزيون واحد ومجمدة واحدة ان وجدت، وبعضها محروم من ابسط السلع بل من اكثرها احتياجا، وكان الحاسوب والستلايت حلما للبطرين، والسيارة خيالا للمجانين والغسالة ترفا"للمسعدات". ونبهنا الى مسألة استشراء الفساد المالي والاداري وانشغال الحكومة بترتيب الاوضاع الامنية ومعالجة القوانين الضرورية والميزانية العمومية ومعالجة الازمات الخدمية، وصعوبة السطرة على الحدود وعدم ضبط المنافذ الجمركية ما يعني قلة المردود المالي من هذه الخطوة "ان وجد" كما ان غياب الدور الرقابي للسيطرة النوعية سيسمح بدخول السلع الرديئة نفسها ومن نفس المناشئ. وبأسعار مضاعفة وفوق هذا و ذاك فأن وضع هذه التعرفة سيقلل من فرص دخول المستثمرين الى العراق والذي هو احوج ما يكون الى قيام مشاريع استثمارية تعيد الاعمار، وتحل الازمات وتنعش الاقتصاد.قد تكون الفائدة الوحيدة المرجوة والمفترضة من الضرائب قيام صناعة وطنية لكن هذا يحتاج الى سنين يكون المستهلك البسيط المحروم والمحدود الدخل الضحية الاولى والاخيرة والمغضوب عليه حتى يلاقي ربه.وقد سررنا كثيرا بقناعة وزارة المالية بضرورة تاجيل العمل بقانون التعرفة الجمركية الجديدة وطلبها من مجلس النواب البت بذلك التأجيل قد يكون شهورا او سنة وبعدها يحلها حلال. قناعة الدوائر المالية جاءت على خلفيات ردة الفعل الجماهيرية والاعلامية، وضرورة اطلاع التجار ورجال الاعمال والمستوردين ومعرفتهم الكافية بتفاصيل القانون وكيفية تنفيذ العملية الجديدة يرون فيه توازنا وانصافا لجميع شرائح المجتمع حيث تراوحت نسبة الضريبة بين 5% و 100% مع الاخذ بعين الاعتبار السلع الاستهلاكية الضرورية والادوية.تأتي اسلحة الصيد في مقدمتها والمشروبات الروحية والكحول ثم السكائر وبعدها محصول البصل والطماطة، على ان اولئك المشرعين اكدوا على" ضرورة توازن خطوات العمل بهذا القانون بحيث تكون متساوية ومتوازنة فيما يتعلق بحماية المنتج المحلي و العمل على تشجيع الصناعة المحلية من خلال توفير البنى التحتية الملائمة للنهوض بالقطاعين الصناعي والزراعي بخطى مدروسة تجنبا للوقوع بمشاكل".ويبدو ان التنمية الصناعية لاتقوم الاّ على حساب المستهلك فاذا صممت الحكومة على القيام بنهضة تنموية صناعية وزراعية فيجب ان تبادر اولاً الى تحسين الظروف المعاشية والخدمية للمواطنين وذلك بالقضاء على ازمات السكن والبطالة والطاقة وتوفير الحاجات الاساسية، ورعاية الارامل والايتام والمعوزين قبل الشروع بتنفيذ قرارات تخلف مردودات سلبية ولا تعود بالفوائد المرجوة على صعيد المردود المالي او قيام نهضة صناعية وزراعية وطنية. وهذا هو الاسلوب الأمثل والطريق القويم الذي اتبعته وسلكته الدول التي حققت طفرات تنموية على كافة الصعد وبزمن قياسي. فالشركات اليابانية الصناعية والزراعية و الخدمية والسياحية التي صار انتاجها لا يضاهى وبأسعار تنافس المنتوج الغربي هيأت لعمالها و موظفيها وخبرائها مساكن لائقة قرب محل عملهم، ومستشفيات مجانية متطورة، واسواق مدعومة وحضانات ورياض اطفال ومدارس وجامعات نموذجية، ووسائل ترفيه متنوعة. ثم تبعتها الصين وكوريا وماليزيا والتي تحولت الى دول صناعية ذات اقتصاد متين خلال عقدين او ثلاثة عقود من الزمن بفضل السياسات الاقتصادية الناجحة المستفيدة من تجارب الشعوب المثابرة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك