المقالات

التنمية الصناعية هل تقوم على حساب المستهلك؟

610 15:55:00 2014-01-21

حميد الموسوي

كنّا قد أدلينا بدلونا وأبدينا رأينا بخصوص قانون الضرائب والتعرفة الجمركية الجديدة، حيث طرحنا بعض الملاحظات على صفحات هذه الجريدة الغراء في عمود صحفي تحت عنوان "يا فتاح.. يا عليم"، وقلنا فيما قلناه انه بمجرد تسريب خبر التفكير بالعمل في نظام التعرفة الجمركية دخل التجار الجشعون حالة الانذار والاستنفار وبدؤوا برفع اسعار السلع والمواد والاغذية واللوازم المستوردة بنفس النسبة المفترضة والتي ما زالت حبرا على ورقة وهي20%.وقلنا ان تطبيق هذه التعرفة وبهذه النسبة وفي هذه الظروف سيعيد العراقيين الى حالة الحرمان التي عانوها في السنين المنصرمة، حيث كانت العوائل تشترك بثلاجة واحدة وتلفزيون واحد ومجمدة واحدة ان وجدت، وبعضها محروم من ابسط السلع بل من اكثرها احتياجا، وكان الحاسوب والستلايت حلما للبطرين، والسيارة خيالا للمجانين والغسالة ترفا"للمسعدات". ونبهنا الى مسألة استشراء الفساد المالي والاداري وانشغال الحكومة بترتيب الاوضاع الامنية ومعالجة القوانين الضرورية والميزانية العمومية ومعالجة الازمات الخدمية، وصعوبة السطرة على الحدود وعدم ضبط المنافذ الجمركية ما يعني قلة المردود المالي من هذه الخطوة "ان وجد" كما ان غياب الدور الرقابي للسيطرة النوعية سيسمح بدخول السلع الرديئة نفسها ومن نفس المناشئ. وبأسعار مضاعفة وفوق هذا و ذاك فأن وضع هذه التعرفة سيقلل من فرص دخول المستثمرين الى العراق والذي هو احوج ما يكون الى قيام مشاريع استثمارية تعيد الاعمار، وتحل الازمات وتنعش الاقتصاد.قد تكون الفائدة الوحيدة المرجوة والمفترضة من الضرائب قيام صناعة وطنية لكن هذا يحتاج الى سنين يكون المستهلك البسيط المحروم والمحدود الدخل الضحية الاولى والاخيرة والمغضوب عليه حتى يلاقي ربه.وقد سررنا كثيرا بقناعة وزارة المالية بضرورة تاجيل العمل بقانون التعرفة الجمركية الجديدة وطلبها من مجلس النواب البت بذلك التأجيل قد يكون شهورا او سنة وبعدها يحلها حلال. قناعة الدوائر المالية جاءت على خلفيات ردة الفعل الجماهيرية والاعلامية، وضرورة اطلاع التجار ورجال الاعمال والمستوردين ومعرفتهم الكافية بتفاصيل القانون وكيفية تنفيذ العملية الجديدة يرون فيه توازنا وانصافا لجميع شرائح المجتمع حيث تراوحت نسبة الضريبة بين 5% و 100% مع الاخذ بعين الاعتبار السلع الاستهلاكية الضرورية والادوية.تأتي اسلحة الصيد في مقدمتها والمشروبات الروحية والكحول ثم السكائر وبعدها محصول البصل والطماطة، على ان اولئك المشرعين اكدوا على" ضرورة توازن خطوات العمل بهذا القانون بحيث تكون متساوية ومتوازنة فيما يتعلق بحماية المنتج المحلي و العمل على تشجيع الصناعة المحلية من خلال توفير البنى التحتية الملائمة للنهوض بالقطاعين الصناعي والزراعي بخطى مدروسة تجنبا للوقوع بمشاكل".ويبدو ان التنمية الصناعية لاتقوم الاّ على حساب المستهلك فاذا صممت الحكومة على القيام بنهضة تنموية صناعية وزراعية فيجب ان تبادر اولاً الى تحسين الظروف المعاشية والخدمية للمواطنين وذلك بالقضاء على ازمات السكن والبطالة والطاقة وتوفير الحاجات الاساسية، ورعاية الارامل والايتام والمعوزين قبل الشروع بتنفيذ قرارات تخلف مردودات سلبية ولا تعود بالفوائد المرجوة على صعيد المردود المالي او قيام نهضة صناعية وزراعية وطنية. وهذا هو الاسلوب الأمثل والطريق القويم الذي اتبعته وسلكته الدول التي حققت طفرات تنموية على كافة الصعد وبزمن قياسي. فالشركات اليابانية الصناعية والزراعية و الخدمية والسياحية التي صار انتاجها لا يضاهى وبأسعار تنافس المنتوج الغربي هيأت لعمالها و موظفيها وخبرائها مساكن لائقة قرب محل عملهم، ومستشفيات مجانية متطورة، واسواق مدعومة وحضانات ورياض اطفال ومدارس وجامعات نموذجية، ووسائل ترفيه متنوعة. ثم تبعتها الصين وكوريا وماليزيا والتي تحولت الى دول صناعية ذات اقتصاد متين خلال عقدين او ثلاثة عقود من الزمن بفضل السياسات الاقتصادية الناجحة المستفيدة من تجارب الشعوب المثابرة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك