المقالات

أزمة الثقة والحل الغائب بين بغداد وأربيل

538 15:41:00 2014-01-22

مع نهاية كل عام وبداية عام جديد، تتصاعد وتائر الأزمات بين الحكومة الاتحادية العراقية من جهة، وحكومة اقليم كردستان من جهة اخرى، لتنفتح حتى الملفات المغلقة والمسكوت عنها في بعض الاحيان، وملف الموازنة المالية هو محور ومحرك ذلك التصعيد "السنوي".

وإذا كان مشروع الموازنة المالية يتأخر في الاعوام السابقة داخل أروقة وكواليس مجلس النواب العراقي، فانه تأخر هذه المرة لدى مجلس الوزراء قبل ان تتجاذبه الاجندات والحسابات المتقاطعة في البرلمان، وفي خضم تبادل الاتهامات بشأن مسؤولية التأخير من قبل كلّ من بغداد واربيل.

وبدلا من الاقتراب من احتواء الازمة وتطويقها عبر تفاهمات وتوافقات معقولة، راحت المؤشرات على عدم التوصل الى حلول حقيقية للأزمة والحؤول دون استفحالها تطغى على حقيقة المشهد، رغم مجيء رئيس حكومة اقليم كردستان نيجرفان البارزاني الى بغداد اكثر من مرة، وآخرها يوم الاحد الماضي، ورغم التصريحات الرسمية الايجابية التي ترافقت مع حملات تصعيد اعلامي واضح، عكس في جانب كبير منه ان الامور لا تسير على مايرام، وان الهوة بين الطرفين ما زالت كبيرة، ان لم تكن قد اتسعت خلال الايام القلائل الماضية، لاسيما انه لم يرشح عن لقاءات البارزاني بكبار مسؤولي الحكومة الاتحادية وفي مقدمتهم رئيس الوزراء نوري المالكي، أي نتائج ومعطيات عملية مشجعة حتى الان، بحسب ما يؤكد مطلعون على جانب مما دار في تلك اللقاءات.

وقد لا يكون غريبا ان تكون الهوة بين الطرفين كبيرة جدا، لان رؤاهما مختلفة الى حد كبير إن لم تكن متقاطعة بالكامل.

فرؤية الحكومة الاتحادية تتمحور اساسا حول المسائل التالية:

-إدارة الثروات، مسألة سيادية بحسب الدستور، ولا يجوز لأي طرف ان يتصرف بها دون الرجوع الى الحكومة الاتحادية.

-إقليم كردستان ملزم بتصدير اربعمائة الف برميل يوميا من الحقول النفطية الواقعة ضمن الحدود الادارية للاقليم.

-عمليات التصدير يجب ان تتم تحت اشراف شركة تسويق النفط العراقية (سومو) حصرا، والمبالغ المالية للنفط المصدر ينبغي ان تودع في صندوق تنمية العراق (D.F.I)، ليصار الى تحويلها فيما بعد الى ميزانية الدولة العراقية.

-اي عمليات لانتاج وتصدير النفط من اقليم كردستان تتم خارج هذه الالية، تعد غير قانونية، ونفس الشيء يصدق على العقود التي تبرمها حكومة الاقليم مع الشركات الاجنبية من دون التنسيق مع الحكومة الاتحادية في بغداد.

-في حال لم يصدر الاقليم الكميات المتفق عليها من النفط، يصار الى استقطاع قيمة الكميات غير المصدرة من حصة الاقليم من ميزانية الدولة، والبالغة 17%.

ويرى الجانب الحكومي، والائتلاف الممثل له بالدرجة الاساس، ائتلاف دولة القانون، ان الاكراد لم يلتزموا بما تم الاتفاق والتوافق عليه، وهذا ما اكده عدة مرات رئيس الوزراء نوري المالكي، ونائبه لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني، ومسؤولون وبرلمانيون من ائتلاف دولة القانون، وبوضوح وصراحة يقولون "ان اموال النفط تذهب الى بعض القيادات الكردية وليس لشعب الاقليم"، ويتهمون "بعض القيادات الكردية بالقيام بأعمال مخالفة للدستور وعدم الالتزام بأي تعهدات واتفاقيات مع الحكومة الاتحادية، وانهم يصدرون النفط الى تركيا بسعر مخفض وبخس".

ويجادل الاكراد في هذا الجانب وينفون بشدة كل الاتهامات التي توجه اليهم من بغداد، ويعتبرونها جزءا من التعاطي السياسي السلبي الذي تعتمده الاطراف النافذة في الحكومة مع الاخرين.

العراق

وترتكز الرؤية الكردية على النقاط التالية:

-ان قيام حكومة الاقليم بتصدير النفط يندرج في اطار الدستور، الذي يتيح في الفقرة الثانية من المادة 111 وكذلك المادة 112 منه للاقليم، تصدير النفط المستخرج والمنتج ضمن حدوده الادارية وبالتنسيق مع الحكومة الاتحادية.

-لم يصدّر اقليم كردستان الكميات المتفق عليها مسبقا لاسباب فنية عديدة، ابرزها عدم التزام الحكومة الاتحادية بتعهداتها بتسديد مستحقات الشركات النفطية العاملة في الاقليم والبالغة اربعة مليارات دولار.

-لم تقم حكومة الاقليم ببيع النفط بأسعار مخفضة، واتفاقها مع حكومة انقرة لتصدير النفط الى تركيا، تم بعلم الحكومة الاتحادية.

-تعتبر حكومة الاقليم استقطاع العوائد المفترضة لكميات النفط التي كان من المقرر تصديرها من الاقليم خلال عام 2013، بواقع اربعمائة الف برميل يوميا وبسعر تسعين دولارا للبرميل الواحد، من حصة الاقليم (17%)، تعتبرها حكومة الاقليم استهدافا سياسيا، وتصفية حسابات سياسية ليس الا.

وفي اطار هذه الصورة القاتمة، من المستبعد جدا ان يخضع الاقليم لما تقول به الحكومة الاتحادية، والعكس صحيح، والتصريحات الايجابية التي صدرت عن المالكي والشهرستاني والبارزاني بعد لقاءات بغداد الاخيرة، قد لا تعكس واقع المواقف والتوجهات على حقيقتها، لان كل اللقاءات السابقة سواء التي جرت في بغداد، او التي جرت في اربيل، تبعتها تصريحات ايجابية وأجواء متفائلة، وأحاديث عن تفاهمات مثمرة حول النقاط الخلافية، ولكن ما ان يمر وقت قصير حتى تعود الحملات الكلامية من على المنابر السياسية ووسائل الاعلام لتعيد الامور الى المربع الاول، او الى نقطة الصفر، هذا جانب، والجانب الاخر، ان من يتمعن في فحوى التصريحات الايجابية الاخيرة لا يلمس فيها شيئا جديدا، وقد تبدو وكأنها عبارة عن مجاملات فرضتها ظروف معينة.

ربما تنجح الحكومة الاتحادية بعد زيارة البارزاني في تجنب خيار اللجوء الى الاغلبية البرلمانية لإمرار مشروع الموازنة، وربما حصل-او يحصل-رئيس حكومة الاقليم على وعود مالية من بغداد، وربما تتعهد اربيل بالتوقف عن تصدير النفط بطرق تراها بغداد غير مشروعة، لا سيما الى تركيا، ولكن كل ذلك، وإن كان مهما، الا ان الاهم يتمثل في كيفية ترجمة الوعود والتعهدات والالتزامات الى واقع عملي على الارض، وعدم تكرار المشاهد والسيناريوهات السابقة، والاهم منه بناء الثقة الحقيقية، التي من دونها ستبقى الامور تدور في حلقة مفرغة وإن بدا ان فيها انفراجات بين الحين والاخر.

22/5/140122

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك