نائب رئيس الجمهورية المستقيل السيد عادل عبد المهدي
لغت خطة "مارشال" خلال الاعوام 1947-1951 لاعادة اعمار اوروبا بعد الحرب الثانية (15) مليار دولار.. وهي تعادل بالقيمة الحالية حوالي 148 مليار دولار.. اي موازنة 2014 تقريباً، البالغة 163 ترليون دينار اي اكثر بقليل من 140 مليار دولار.
بلغت موازناتنا خلال السنوات الاربعة الماضية اي 2010، 2011، 2012، 2013، على التوالي 84.4، 96.6، 117، 138.4 ترليون دينار، اي حوالي 385 مليار دولار، وهي اكثر من خطة مارشال بالقيمة الحقيقية باكثر من 3 مرات.. فلماذا لم ينهض العراق؟ وما الجديد بموازنة 2014؟ والم يحن الوقت لطرح تساؤلات جدية بدل تكرار نفس الاخطاء.. وهي اخطاء "بنيانية" تتعلق بمجمل الاقتصاد والدولة العراقيتين.. وليست مجرد اخطاء شخصية او شكلية او اجتهادية؟ فالمشكلة ليست الاموال.. بل اولويات ومجالات انفاقها، ومن يتصرف بها، وكيف؟آلارقام تبرهن ان المسؤول الاول هو الدولة نفسها لانها "الشخص الاقتصادي" الوحيد الذي يمتلك الاموال، وهو الوحيد الذي يصرفها.. وان تلكوء الامن والتنمية ونقص الخدمات وازدياد معدلات البطالة ومشكلة السكن والبنى التحتية وغيرها، ليس سببه قلة التخصيصات، او قلة الخبراء، او عدم موافقة البرلمان على اللجوء للاقتراض.. او ان هناك رواتب وحقوق تقاعدية عالية، وما الى ذلك من تفسيرات قد يكون بعضه صحيحاً في موقعه. فالاموال متوفرة وبارقام عملاقة، وهي تخصص كل عام للدولة لتصرفها في ابواب تقترحها هي.. وما لم تقلب المعادلة وتعطي الموازنة اهتماماً مقابلاً لانتقال القدرات الاقتصادية لبقية "الاشخاص الاقتصاديين" في المجتمع، ونقصد بهم الاسرة العراقية والعمال والفلاحين والكسبة والتجار ورجال الاعمال والشركات والمصارف والمزارعين والمصالح والمؤسسات وغيرهم، كل في حقله، بعيداً عن احتكار الدولة.. ليتلقون -على العكس- دعمها ورعايتها وازاحة ما يحجز ويعرقل نشاطاتها، فاننا سنستمر في كل عام نقدم الموازنات ونحرق الاموال في خطط فاشلة، لينتقل معظمها للخارج "بالقانون" ووفق "الضوابط" لتلبية حاجيات "الشخص الاقتصادي" الاول والوحيد المالك للثروات.. فيخرج الدينار من دائرة الرقابة والنزاهة والتفتيش، التي لن تجد امامها سوى الفلس تلاحقه.سارت موازنة 2014 -وللاسف الشديد- في فلسفتها واولوياتها بالعكس تماماً من اصلاح هذا الاتجاه.. وكموازنات الاعوام الماضية عمقت ذات الاتجاهات، التي قادت للفشل والفساد والاتكالية وهدر الاموال.. فبدل ان تخفف من احتكارية الدولة عملت على تعميقها. (للبحث صلة)
https://telegram.me/buratha