واثق الجابري
أيادينا على قلوبنا، ننتظر متى يطلق الحكم صافرة نهاية المباراة، ومعها إنطلق الفرح بعفوية من الشمال الى الجنوب، نقض شيء من غبار الهموم، وتناسى الجميع شجونهم، ومثلما ينتظر الجميع الفرح، البعض يده على زناد السلاح، وبدل أن يشكر الباري جل جلاله على نعمة الفرحة، التي جمعت قلوب العراقيين، وجه سلاحه للسماء ولا يعرف أين تقع رصاصاته.فوز المنتخب أعادتنا الى حالة الوئام المجتمعي، وعرفنا إن النجاح والفوز يجمعنا والعنف والقوة تفرقنا.من الصباح الباكر فاجئني أحد الشباب، كإنه يحشد الى معركة، يقول: العراق اليوم يلعب مع داعش، وسنفوز على الدواعش ونكسر رؤوسهم؛ وأنا اعرف الرياضة وسيلة ومحبة ورسائل سلام بين الشعوب، كم أعادت خلافات ونزاعات دولية الى سلام، مثلما تعيدها مواقف المساعدات في المحن والكوارث.إمتلأت صفحات الفيس بوك ووصلتنا رسائل، فيها العراق سوف يلاعب فريق مجرمين يلعبون بأرجلهم القذرة برؤوس ضحاياهم، حاولت تلك الصور مسح المشاهد الدموية المأساوية من مخيلاتنا، وأن فوزنا المباراة يعني نجاح الخطط الأمنية وقضاء على الإرهاب، ونعرف إن فرحنا يمكن ان يهاجم وتتطاير أشلائنا متناثرة في أيّ لحظة.السياسة تدخلت في الرياضة وفي أفراحنا، تسرق السرور والإجتماع، وتفرق دقات القلب الواحدة بإسم العراق، تُوهمُنا بعودة الأمن مع عودة الفريق وهو يحمل الكأس، وتقاس قوة الدولة بقوة الفريق الرياضي، تترك ميادين المعارك والتخطيط الستراتيجي لبناء منظومة وطنية وفريق قوي يقود البلاد، الى بر الأمان، يملك البرامج ويحقق النتائج، ليس فريق مضعف للمبدعين، يقودة الإنتهازيون والمحسوبية والمال السياسي.المنتخب العراقي مثل كل المكونات، فشله في السنوات السابقة، لإرتباك القرار وسوء الإدارة، خسرنا اموال طائلة لسوء إختيار مدربين ولاعبين؛ بينما ينام المنتخب الفائز في ارض المطارات، يستدين وجبات الطعام، وأرتدى منتخب ناشئته ملابس قديمة؛ وإذا فشلنا في أيّ مبارة نعلق أخطائنا على شماعة الأخرين، نتهم الأجندات الخارجية وتأمر الشعوب علينا، تصور انها طامعة بخيرات العراق، وقد يصل الإتهام الى اللاعبين، وننكر أحترافيتهم اللعب والشهادات الدولية بحقهم.قبل نهاية كل مبارة كالعادة، تظهر التهاني قبل صافرة الحكم، وتتزاحم المكالمات على المنتخب، توزع قطع الأراضي والهدايا السخية، توجه الأنظار الى الهبات والمكارم، ويكافح الإرهاب بالمزايدات وتترك معركتنا المصيرية.ليأخذ الساسة العبرة من المنتخب، كيف يرسم الفرحة في القلوب ويوحدها هدف واحد في لحظة لا تُعاد.الفوز إعتمد على إثنين وفق خطة مرسومة، هما حارس المرمى والهداف؛ فلولا مهارة المهاجم لضاعت فرصة الفوز، ومن حرص الحارس لتم تسجيل اهداف علينا، ومابينهما يندفع الفريق بقوة وتنسجم تحركاته، حتى يحقق الفوز ويسعد شعبه. وفي السياسة فقدنا الهداف الذي يسير على الخطط الستراتيجية، وسرق الحارس الأمانة، حتى الرياضة صار لأغراض إنتخابية، وتغطية على فشل كل الملفات، واللعب النظيف تحول الى ساحة للصراعات يستخدمه، من يدعي إنه خبير رياضة وهو لم يمارس اللعب بكرة القماش
https://telegram.me/buratha