المهندس زيد شحاثة
تعتمد فكرة النظام الديمقراطي على مبدأ أن إدارة الدولة والحكم, يجب أن تمثل رأي الشعب, أو في الأقل غالبيته.تحرص معظم الدول المتقدمة, وحتى التي تدعي سلوكها طريق الديمقراطية, على استمزاج رأي مواطنيها, في القضايا التي تعتقد أنها مهمة وبعدة طرق.بعض تلك الدول وحكوماتها, تذهب إلى طرح تلك القضايا, التي تهم قطاعات كبيرة من الشعب, أو تؤثر في مستقبل وواقع البلد, في استفتاء عام, لبيان رأي المواطن بشكل صريح, وضمان حصولها على تأييد, أو رفض الغالبية ولو بنسبة بسيطة..الحكومات, ولكي يكون استفتائها صحيحا, وموضوعيا, تطرح القضية أو, الموضوع المراد الاستفتاء حوله, للنقاش التخصصي, كأن تطرح للنقاش ضمن الأوساط القانونية والعدلية, أو الاقتصادية, أو السياسية, أو الأكاديمية, لإغناء القضية.. ثم بعد ذلك تطرح للنقاش العام..ثم يتم الاستفتاء حولها, كما حصل في الاستفتاء حول الدستور العراقي مثلا.دول أخرى, ترى في عملية الاستفتاء الجماهيري, قضية تستغرق وقتا طويلا, وتستنزف جهدا, ووقتا, وربما تسبب حصول مشاكل اجتماعية, وانقسامات بين مؤيد ومعارض فتنقل القضية إلى مؤسسات التشريع الممثلة للشعب, على اعتبار أنها تمثل الشعب بنسبة عالية من المصداقية, وضمن أطر القانون والتخصص في لجانه المختلفة.صحيح أن بعض تلك القضايا أو القرارات, تقع ضمن اختصاص الحكومة أو إحدى تشكيلاتها, ولكن أهمية وخطورة الموضوع, ربما هي ما تحدد, وتدفع باتجاه طلب رأي الشعب من عدمه.العراقيون, وخصوصا كبار السن منهم, يستذكرون بشي من التندر والطرافة بينهم, عندما كانت محافظة احدهم تابعة إلى لواء الأخر ( كما كانت تسمى المحافظات حينها), ثم استحدثت بداية أواسط السبعينات, وبقرارات مفاجئة من رأس الحكم العبثي حينها.أثار قرار مجلس الوزراء العراقي, باستحداث خمسة محافظات دفعة واحدة, في فترة قصيرة جدا, وكانت أربعة منها بقرار واحد, الكثير من الجدل, بين مؤيد للفكرة, ومعارض, وكل لديه أسبابه ومبرراته..كما أثار معارضة سياسية عاصفة, فبعض الأطراف التي عدته حركة انتخابية بحته من قبل حزب الحكومة, فيما عده أخر إجراء طائفيا, وأخر عده قوميا, وأخر فسره على انه قرار غير متوازن, فهو ساوى بين مناطق ترقى لأن تكون محافظة, وأخرى جعلت محافظة, فقط للترضية الطائفية أو القومية, أو ضمن صفقة سياسية, فيما بين آخرون اعتقادهم بأنه قرار على الورق فقط ولن ينفذ!أن تقسيم محافظة إلى محافظتين, ليس إجراءا إداريا روتينيا, فقرار كهذا له عواقب, بعضها ايجابي وحل لمشاكل, أمنية وإدارية عويصة, وحماية لأقليات من الاضطهاد, والتصفية التي تتعرض لها, ومنحها حقها في إدارة شؤونها..وهناك أيضا عواقب سلبية, فإضافة منصب محافظة ونوابه, ومجلس للمحافظة, وجيوش الحماية لكل هؤلاء, والإدارات الجديدة, ومتطلباتها..كل ذلك سيرهق الميزانية, التي تعاني من العجز أصلا..ناهيك عن معضلة التوازنات السياسية والتفاهمات, وبقية المشاكل السياسية..ثم أن بعض تلك المناطق تقع في مناطق ساخنة جدا, وفيها تعقيدات قومية ومذهبية, وبعضها يعتبر مناطق نفوذ لبعض الأحزاب والتيارات..كل ذلك بحاجة إلى نقاش ودراسة واسعة ومعمقة ومتأنيةالقضايا الكبرى التي تهم الناس..يجب أن يؤخذ بها رأي الناس..فالقرارات المستعجلة..غالبا ما تأتي بنتائج عكسية.لكن قرار إستحداث محافظات جديدة،صدر بدون سابق إنذار أو مقدمات!
https://telegram.me/buratha