عبد الكاظم حسن الجابري
رغم أن طبيعتها عسكرية, لكن من الواضح إن العمليات الجارية في الانبار, لها بعد سياسي سَيُلْقِي بظلاله على مجمل العملية السياسية, وخصوصا أن العراق مقبل على انتخابات تشريعية, نهاية شهر نيسان المقبل.مع اندلاع العمليات العسكرية, رأينا التراشق السياسي على مستوى البرلمان والحكومة, وكذلك الانسحابات العديدة لأعضاء في مجلسي النواب والوزراء, والأمر المؤكد أن هذا التراشق, سيكون له انعكاس على الواقع الشعبي, الذي ستنبثق منه الانتخابات, لتحديد من سَيُؤَهل لدخول المعترك السياسي بأصوات الناخبين.سيكون للانبار تأثير على نتائج الانتخابات باتجاهين, سيرسمان صورة الحكومة خلال الأربع سنوات القادمة.فالاتجاه الأول, يتمثل باحتمالية تأجيل الانتخابات بصورتين: الصورة الأولى عامة, أي بمعنى تأجيل مجمل الانتخابات القادمة, لان الوضع الأمني غير مناسب لإقامتها, وفي هذه الحالة سيؤول الأمر إلى حل الحكومة والبرلمان, وجَعْلَها حكومة تصريف أعمال,أما الصورة الثانية فهي أن تتم الانتخابات, دون إجراءها في محافظة الانبار, وهذا يعني أن العملية السياسية منقوصة, والبرلمان القادم سيكون غير مؤهل دستوريا لتشكيل الحكومة الجديدة, الأمر الذي سيفضي إلى أن تبقى الحكومة أيضا حكومة تصريف أعمال.أما الاتجاه الثاني, وهو في حالة إقامة الانتخابات - بما فيها الانبار- فان اثر العمليات العسكرية سيتمثل في الحشد الإعلامي للحكومة وجبهتاها من جهة, والتي صَوَرَتْ إن الأمر طائفي, وان رئيس الوزراء هو الرجل القوي, والمناسب لهذا المنصب, والحامي لحمى الطائفة -الشيعة- وبما إن غالبية الناخبين هم من البسطاء العاطفين, فسينجرفون مع تيار الإعلام الحكومي, لدعم التيار الذي يمثله رئيس الوزراء, بغض النظر عن الأشخاص ضمن قائمته, ومن جهة أخرى, هو في الحشد الإعلامي للطرف الآخر -السنة- الذين أيضا استثمروا الأمر إعلاميا, وصَوُرُوه على انه طائفيا, ولابد من التوحد لتقوى شوكتهم في الحكومة المقبلة, لذا نرى الموقف السني أكثر توحدا من الموقف الشيعي, لأنهم - السنة - يتصورون أنهم كلهم مستهدفون, فالخطر واحد والهم واحد, أما الطرف الآخر -الشيعة- فقد تفرد رئيس الوزراء - المنضوي ضمن التحالف الوطني- تفرد بتصوير أن معركته في الانبار, هي من تصميم إرادته الوطنية وحده, واخذ هو وقائمته بتصوير الأشقاء -الشيعة- على أنهم رافضون للعمليات العسكرية, وهذا الأمر انطلى على الكثيرين, مما أسهم في التسويق الإعلامي المبكر لائتلاف دولة القانون.إن الاتجاه الثاني, سيبقي المعادلة السياسية وصورة الحكم وطبيعتها كما هي.لكن يبقى هناك أمر واحد, يجب أن نراهن عليه, وهو الوعي الشعبي والمعرفة بالواقع, وقراءته من قبل الناخبين, من خلال تقييم الأداء الحكومي في الثمان سنوات الماضية, وتقييمه على أساس المنجز العام لتلك الفترة, لا على أساس لحظة واحدة, وأمر واحد, جاء في نهاية هذه الثمان سنوات.
https://telegram.me/buratha