مجبر أخوك لا بطل.. مثل يجري مجرى ما يجري في ساحتنا السياسية ـ الحكومية هذه الأيام!
إذا أدعى أحد غير الحكومة، أو الساسة المشاركون في العملية السياسية خلاف ذلك، فهو واحد من إثنين، أما مغرض أو معاد للعملية السياسية، أو مرتبط بأجندة خارجية، إضافة الى أنه مطالب بتقديم الدليل، على أن ما يجري صناعة مخطط لها بعناية!
من يقول بأن الحكومة، تقف خلف الإرتباك الحاصل بالمشهد السياسي والأمني، عليه أولا؛ أن يقدم المعطيات التي بنى عليها تصوره الذي حوّله الى قول، ويتعيّن عليه ثانيا أن يواجه جيش الاتهامات، التي سيواجهها على أعتبار أنه تحرك في المساحة الحمراء!
في قضية بناء الدولة العراقية، التي تشكلت نسختها الأولى في العام 1921 من القرن الماضي، ثمّة من يلقي فشل الدولة وبشكل مباشر، على عاتق الأنظمة الحاكمة التي تعاقبت على العراق على طول الخط، دون ربط ذلك ببقية عناصر المشهد، غير هؤلاء من يرون أن سوء العلاقة الدائمة بين السلطات الحاكمة، والشعب وقواه المجتمعية كعناصر بناء فاعلة وأساسية، أنتج دولة عرجاء، تتعكز على أي سبب لتبرر به عوقها الدائم، في حين يعزو آخرون مآلات الأوضاع المتردية، الى سلبية الشعب بالتعامل مع مسؤولياته في بناء الدولة..
الحقيقة أن فهماً وطنياً لدور الدولة و واجبها، لم يتشكل في العراق بعد، على الرغم من مرور قرابة قرن، على تكوين الدولة العراقية الحديثة، وهو زمن ليس بالقليل في حسابات التواريخ، لكنه قليل؛ بلحاظ أرث من ثقافة السلطان والرعية، يمتد الى أكثر من أربعة عشر قرنا في الإسلام، وقبلها الى عمق يزيد عن ستة آلاف عام في غور التاريخ.
في ثقافة السلطان والرعية، التي مازالت سائدة الى حد كبير في عقلية الساسة العراقيين، ومنهم من هو في سدة السلطة، ليس من فهم يتوازى فيه بناء الدولة والوعي الجمعي على سطح واحد، فالحاكم يعتقد أنه هو الدولة وليس عنصراً من عناصرها، قبالته تقف عامة الشعب، معتقدة ان من يتزوّج أمنا بعد وفاة أبينا فهو سيكون عماً لنا !.
بين الموقفين يقف "مجانين الشعب"، هؤلاء الثلة التي تفهم أن الدولة مؤسسة منبثقة عن الشعب، وأن الهدف الحصري للدولة خدمة الشعب وتيسير أموره، وأن الحاكم أو السلطان "مكلف" بمهمة، إن أفلح فيها، فهو قد أدى ما عليه، وجزاه تعالى خيراً عمّا أفلح فيه، وإن فشل فعليه أن يتلق جزاء فشله..
لكن الحقيقة التي يجب الإعتراف بها بكل شجاعة، أن خراب مؤسسات الدولة، يعني ان هناك خراباً مسبقاً تعاني منه منظومة المجتمع والدولة، لأن العنصرين المهمين فيها ينأيان عن بعضهما، بقفزات بإتجاهين مختلفين.
لو تستمع الدولة الى أصوات مجانين الشعب، ولو يستمع الشعب الى ما يقوله مجانينه الذين أزعم بأني أحدهم، لما أحتجنا الى هذا القدر الكبير من الساسة والمسؤولين الحكوميين الفاشلين !.
كلام قبل السلام: الوعي والخراب متلازمان أبدا !.
سلام..
https://telegram.me/buratha