الحاج هادي العكيلي
يحكى أن رجل ذهب إلى قرية من القرى ألنائية وعندما وصل إلى ألقرية استقل سيارة ليتنزه ، وبينما هو في نزهته لفت نظره بيتا جميلا من طابق واحد وقد تجمهر حوله عدد كبير من رجال ونساء وأطفال القرية. . فقال للسائق بيت من هذا؟ فوجد السائق يتذمر ويقول بيت الزفت السافل ربنا ياخده !! إنه الرجل الذي أرسلته الحكومة ليرعى شئون القرية . . فقال ألرجل وما اسمه . . فقال ألسائق ليذهب إلى الجحيم هو وأسمه . . إننا ننعته بالرجل السافل الحقير . . سافل بمعنى الكلمة. وأندهش ألرجل فهو يعلم أن السائق رجل طيب وعلى خلق فكيف ينعت الرجل هكذا بأبشع الصفات!.وفي مساء نفس أليوم جلس الرجل في المقهى الرئيسي للقرية وتحدث مع صاحب المقهى قائلا : ما رأيك في الرجل الموظف الذي يرعى شئون قريتكم ؟ . . فبصق صاحب المقهى وقال : سافل حقير. . قال الرجل بفضول : لماذا ؟ . . قال له : أرجوك , لا تفتح سيرة هذا الرجل إنه حقير حقير حقير , لا تعكن مزاجي في هذه الأمسية بهذا السافل .وظل الرجل يسأل كل من قابله من أهل القرية نفس السؤال ولا يتلقى سوى نفس الإجابة (الحقير المنحط أسفل السافلين )عندها قرر الرجل زيارة هذا الموظف في بيته ليرى عن قرب ماذا يفعل لأهل القرية حتى وصفوه بكل هذه الأوصاف. ودخل إلى بيته رغم تحذير السائق , فوجد الرجل واقفا وأمامه فلاح يسيل الدم من قدميه الحافيتين والرجل يضمد له جروحه ويعالجه ويمسح الجروح بالقطن وبجواره ممرضته والتي كانت تعمل بكل همة مع الرجل لتطبيب ذلك الفلاح . أندهش الرجل وسأله : أأنت طبيب ؟ فقال له لا. ثم دخلت بعد الفلاح فلاحة شابة تحمل طفلا أعطته إياه , فخلع الرجل ملابس الطفل وصرخ في أمه : كيف تتركين طفلك هكذا , لقد تعفن المسكين. ثم بدأ بغسل الطفل ولم يأنف بالرغم من رائحته الكريهة وأخذ يرش عليه بعض البودرة بحنان دافق وهو يدلل الطفل . ثم جاء بعد ذلك أحد الفلاحين يستشيره في أمر متعلق بزراعة أرضه , فقدم له شرحاً وافيا لأفضل الطرق الزراعية التي تناسب أرض ذلك الفلاح. . ثم أنفرد بأحد الفلاحين , ودس في يده نقوداً وكان الفلاح يبكي وحينما حاول أن يقبل يده صرفه بسرعة وقال : المسألة ليست في العلاج فقط , الطعام الجيد مهم جداً. بعد ذلك جلست مع هذا الرجل وأحضر أحد حاشيته , الشاي وجلسنا نتحدث - فلم أجد شخصاً أرق او أكثر منه ثقافةً ومودةً وحناناً .وعاد الرجل ليركب سيارته وقال للسائق : لقد قلت لي أن هذا الرجل سافلً . . ولكنني قابلته هو وحاشيته ووجدتهما ملائكة حقيقيين , فما السيئ فيهما ؟! قال السائق : آه لو تعرف أي نوع من السفلة هم ؟! قال الرجل في غيظ : لماذا ؟! قال السائق : قلت لك سافل يعني سافل وأغلق هذا الموضوع من فضلك ..هنا جن جنون الرجل وذهب إلى محامي القرية وأكبر مثقفيها , وسأله :هل ذلك الموظف المسئول عن القرية يسرق ؟! فأجابه المحامي : لا يمكن , إنه هو وحاشيته من أغنى العائلات . . وهل في هذه القرية ما يسرق ؟! فسأل الرجل : هل تعطلت الهواتف في القرية بسببه ؟! فقال المحامي : كانت الهواتف كلها معطلة , ومنذ أن جاء هذا الحقير تم إصلاحها واشتغلت كلها . . فاستشاط الرجل في غيظ وقال للمحامي : طالما أن أهل القرية يكرهونه ويرونه سافلاً هكذا لماذا لا يشكونه للمسئولين ؟! فأخرج المحامي دوسيهاً ممتلئ وقال : تفضل أنظر . . آلاف الشكاوى أُرسلت فيه ولكن لم يتم نقله وسيظل هذا السافل كاتماً على أنفاسنا .قرر الرجل أن يترك القرية بعد أن كاد عقله يختل ولم يعد يفهم شيئا.ً وعند الرحيل , كان المحامي في وداعه عند المحطة . وهنا قال المحامي بعد أن وثق بالرجل وتأكد من رحيله : هناك شيئا أود أن أخبرك به قبل رحيلك . . لقد أدركت أنا وأهل القرية جميعاً من خلال تجاربنا مع الحكومة . . إنهم عندما تأتي الانتخابات يكون الموظف مبادراً وخادماً كما رأيت بعينك ، وأنت زرتنا في وضع الانتخابات . وبعد الانتخابات تتغير صورته ، لذا نحن نعلن رفضنا له ولسفالته وندعو الشعب ليبعده من القرية لكي لا يبقى عندنا أربعة سنوات أخرى وتبقى قريتنا على حالها .وبعد أن أجريت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قرعة أرقام الكيانات السياسية المشتركة في الانتخابات ، ظهر أن بعض الكتل السياسية وضعتها القرعة في أسفل ورقة الاقتراع مما جن جنونها ، فأوعزت إلى مدير العمليات في المفوضية ومسئول قسم التصميم لإيجاد تصاميم جديدة تجعل رقمها في بداية ورقة الاقتراع ، وهذا العمل يجري بتكتم شديد وسرية لكي لا تفضح الامور وتثار حفيظة الكتل السياسية الاخرى المشتركة في الانتخابات . فكلما مر الزمن نزل حظهم في الشارع والقرعة إلى أسفل السافلين . وكما قال الله تعالى في كتابه الحكيم : {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ }التين5
https://telegram.me/buratha