المقالات

الطفولة الملغمة في العراق

590 08:10:00 2014-02-04

أحمد نعيم الطائي

استنجدني ذات مرة احد الاصدقاء في ولاية ميشيغان الاميركية حيث كنت اترأس تحرير احدى الصحف الاميركية العربية ، طالباً مني نشر اعلان يلتسم فيه المحامين للوقوف الى جنب عائلة عربية جاءت حديثا لاميركا تستنجد لاسترداد طفلها الذي تم اخذه من قبل شرطة المدينة لخروجه وحده للعب اما المنزل ، حيث يمنع القانون الاميركي ترك الاطفال القصر خارج المنزل او داخله دون مرافقة او ملازمة احد الابوين او المربية لهم، فضلا عن القوانين الصارمة الاخرى التي تعنى بالطفل منذ ان تدب به الحياة في بطن امه لحين تجاوزه سن القصور القانوني، كما هو الحال ايضا في دول الغرب الاوروبي.هذه العناية الفائقة والقوانين المشددة لحماية الطفولة هي التي ارست دعائم التقدم والتحضر ومصادر القوة لهذه الامم العظيمة ، التي تحضرت من خلال احترامها واهتمامها البالغ بالطفل بالشكل الذي ينظم حتى علاقة الوالدين معه ، مع توفير مرشدات للاطفال دون سن الدراسة تقوم بزيارتهم لتهيئتهم نفسيا وذهنيا للمدرسة التي تعتبر فنادق خمس نجوم ، حيث تقدم افضل وجبات الطعام الصحية وعصائر الفاكهة الطبيعية من خلال التعاقد مع الشركات المتخصصة في الاغذية وبأشراف لجان صحية متخصصة بتغذية الاطفال.استذكرت هذه المعلومات وانا اشاهد يوميا ومنذ عقود عدد كبير من اطفال العراق لاسيما الرضع تستخدمهم العصابات المنظمة في عمليات التسول بشكل ملفت للنظر ومحزن الى حد جعلني اعتصر ألماً لمنظر بعض الاطفال وهم يقفون تحت اشعة الشمس المحرقة او في اقصى درجات البرودة يتم استخدامهم في مهنة الجدية الاجبارية من قبل ذويهم او الغرباء. هنا اطرح عدة تسأؤلات على طاولات المشرعين للقوانين والمسؤولين ، اهمها كيف سيمكنكم من بناء دولة متحضرة وقوية ، وقسم كبير من اطفال العراق يمتهنون هذه المهن الخطيرة على مستقبلهم وبالتالي على مستقبل البلاد . المصيبة ان الدولة لن تعير هذه القضية الخطيرة الاهتمام الذي يتناسب وخطورتها على الرغم من تناولها من قبل وسائل الاعلام في مناسبات عدة ، فضلا عن ان هذه المشاهد الخطيرة تتكرر امام انظار المسؤولين او من خلال عرضها في وسائل الاعلام لاسيما في بغداد التي تنتشر فيها هذه المظاهر المؤسفة اكثر من غيرها دون ان يحرك احد ساكناً او يدعوا الى اجراءات عاجلة للحد من انتشار ظاهرة التسول بالاطفال التي اخذت بالاتساع مقابل تجاهل او ضعف حكومي في وضع حلول صارمة وعاجلة لها.ان القوانين الحالية تتسم بالنظرة القاصرة وغياب المعالجة الجادة لهذه الظاهرة باعتبارها غير مشددة لاترتقي الى حجم وخطورة هذه الظاهرة ، لذلك ادعو الى تشريع قوانين جديدة مع استنفار القوات الامنية لملاحقة العصابات الاجرامية التي تستغل الطفولة دون رحمة في حملات امنية منظمة بعيدة المدى من اجل حماية هذه الشريحة البريئة من الانحراف والاجرام من هنا ارى ان هناك مسؤولية وطنية وانسانية امام رئاسة الوزراء والبرلمان كونهما يمثلان السلطتين التنفيذية والتشريعية اضافة الى منظمات المجتمع المدني تتمثل بأهمية السعي الجاد والعاجل لاطلاق حملة وطنية انسانية كبرى من اجل تغليظ القوانين التي تحمي الطفولة البائسة بالبلاد لان هذه الظاهرة الخطيرة تعرقل بناء دولة متحضرة وقوية.باعتقادي ان الاهتمام بالطفولة كبنية تحتية اساسية ، هو الاساس المتين لاعداد شعب متحضر وفعال، وبدون الارتقاء والاهتمام بهذه الشريحة تعدّ كل مشاريعنا التنموية وحربنا ضد التطرف والارهاب ثانوية وفاشلة امام طفولة ملغمة تعاني من غياب او ضعف في الحماية والاهتمام الرصين المكفول بقوانين مشددة ، لان بدونها سيبقى مجتمعنا يعاني من الجهل والتخلف وتفشي الجريمة والانحراف والتطرف والارهاب ، حتى وان شيدنا أعلى ناطحة سحاب أو برج في العالم .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك