جمعة العطواني
قرات مقالة للكاتب الدكتور حميد عبد الله في صحيفة المشرق تحت عنوان (لص مؤمن ..... وشريف ملحد ) ،وهذه المقالةتاتي ضمن مجموعة مقالات ، او لنقل جزء من حملة اعلامية منظمة في اكثر من وسيلة اعلام تهدف الى تشويه صورة المتدين في ذهنية المشاهد والقاريء ، وللاسف الشديد ان بعض وسائل الاعلام التي تنتمي الى جمهور المتدينين هي الاخرى تسوق هكذا ثقافة من حيث لاتشعر .من يتابع مؤسسات وصحف وقنوات اعلامية معينة يجد حجم هذه الحملة المنظمة ضد الدين والمتدينين ، وبطريقة ذكية وخطيرة .يتحدث الكاتب في هذه المقالة كما في غيرها عن المتدين (اللص) وخطورته ، وعن الملحد (الشريف ) ونزاهته ،ويخلص بالنهاية الى تفضيل الملحد على المتدين، لانه يحمل قيم (انسانية) نبيلة تمثل نتاج ثقافته وبيئته الفكرية التي ترعرع فيها ، بينما لم تنتج بيئة المتدين ولادينه انسانا يحمل تلك القيم النبيلة .حمولات هذه المقالات تتجاوز استهداف المتدين فحسب ،لتصل الى هوية المتدين وهو الدين نفسه ، وهو الهدف الاستراتيجي لاصحاب المشروع الثقافي الذي لايكتفي بعزل الدين عن مجاله السياسي _ كما عليه اغلب الدعوات_ ليصل الى إبعاده عن مجاله الاخلاقي والاجتماعي ، وبالتالي قوقعته في زوايا المسجد وخبايا التكيات.لا اختلف من حيث المبدا مع اصحاب هذه المقالات عما يفعله من تجلبب بجلباب الدين وما اكثرهم في عصرنا الراهن حتى اصبح بعضهم رموزا سياسية تحت هذا الجلباب ، ولكن شتان بين من يتجلبب بجلباب الدين ليتاجر ويسوق بضاعته الكاسدة ،وبين من يحمل الدين قيمة اخلاقية ويتحول الى نموذج واسوة حسنة في مجتمعه ، فرق كبير بين من يحول الدين الى مطية لحمل بضاعته الفاسدة وبين من يتحول هو الى مطية ليحمل دينه في سويداء قلبه لايصاله الى الناس ناصعا نقيا .والكلمة المشهورة للامام الحكيم عندما قيل له ان فلان (رجل الدين) يسرق ، قال لاتقولوا ذلك بل قولوا (سارق بلبوس الدين) هي خير مصداق لما يتحدث عنه البعض في مقالاتهم ووسائل اعلامهم .فهم لم يفصلوا الدين عن السارق ويقولوا ماقاله الحكيم ، بل يريدون ان يرسخوا هوية الدين على السارق وعن قصد في ذلك .هذه الثقافة التكاملية في حملة خصوم الدين والمتدينين لم تكن وليدة الساعة ، بل هي بمثابة المشروع المتكامل الذي تاسس منذ عقود وعقود ، وليس ببعيد عنا ضباط مخابرات البعث الذين يظهرون في اعلام البعث انذاك ليتقمصوا شخصية رجال الدين ويقومون باعمال بهلوانية لتشويه صورة رجل الدين ، بل ليس ببعيد عنا الانتفاضة الشعبانية ونحن نرى ضباط البعث وهم يرتدون زي رجل الدين ، وليس ببعيد عنا قرار البعث بضرورة زج رجال المخابرات في المؤسسات الدينية للغرض نفسه ، وقد نجحوا الى حد كبير في اختراق المؤسسات الدينية الى الحد الذي نجد بعضهم ادعى المرجعية ليقوم بدوره التخريبي للدين واتباعه .ان ماتقوم به بعض الاقلام ووسائل الاعلام في تشويه صورة الدين هو الصفحة الاخرى لاصحاب ذلك المشروع ، فمن لم يزج نفسه في داخل المجتمع المتدين ، اوكلت اليه مهمة نقد متقمصي التدين بوصفهم المصداق الحقيقي للدين ،وبهذا تكتمل حلقات المشروع المعادي للمشروع الاسلامي في جميع ابعاده الاخلاقية والسياسية والاجتماعية .ان بعض الاحزاب الاسلامية قد انخرطت من حيث تشعر أولاتشعر بهذا المشروع من خلال استقطاب شخصيات مخابراتية وبعثية وغيرها في صفوفها واضفت عليهم صبغة الشخصيات الاسلامية ، وقدمتهم للمجتمع بهذه الهوية الجديدة ،واستغل هؤلاء هذا الجلباب الجديد ابشع استغلال ، فازداد السراق والفاسدون والبعثيون المتجلببون بجلباب الدين من خلال الاحزاب التي تزعم انها اسلامية فاختلطت الاوراق ولم يواجه اصحاب المشروع الاخر صعوبة في ذكر مصاديق لما يسمونه ب (المتدين السارق) في مقابل الملحد (الشريف) .ويالنتيجة لايمكن المفاضلة بين من يتقمص قميص الدين ويسرق وبين الملحد ( الشريف ) فكلاهما سيء .
https://telegram.me/buratha