المقالات

شاهد الخلق... وسبّح الخالق

623 18:21:00 2014-02-05

حسن الهاشمي

قال تعالى: إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ (الأعراف 54).لماذا خلق الله تعالى السماوات والأرض في ستة أيام، وهو قادر على أن يقول للشيء كن فيكون؟! قبل الإجابة على هذا التساؤل لابد من معرفة إن الأيام التي جاءت في الآية المباركة لا تعني بالضرورة اليوم المتداول عندنا في الحسابات الدنيوية وهي (24) ساعة في اليوم الواحد، بل يمكن أن يكون حقبة زمنية معينة، كقوله تعالى وهو يصف يوم القيامة: (وإنَّ يوماً عندَ ربِّكَ كَألفِ سنةٍ ممَّا تَعُدُّون). (الحج الآية 47) ، وأيضا قول الإمام علي عليه السلام: (الدهر يومان يوم لك ويوم عليك) بهذا المعنى يفسر اليوم بالحقبة الزمنية كأن يكون سنة واحدة أو عقد أو قرن من الزمن وهكذا، فالأيام في الآية المباركة هي إذن حقبة زمنية قد تمتد إلى عشرات أو مئات أو آلاف من السنين علمها عند الله تعالى. والآن نرجع للإجابة عن السؤال السابق، فإيجاد الخلق عبر مراحل زمنية يبين ويثبت عظمة الخالق تعالى، فهي عند الذي يقف إزاء مراحل نشوئه أعظم من الذي يرى المرحلة النهائية من الخلق السوي؛ لأن مراحل النشوء في الانسان مثلا من نطفة وعلقة ومضغة فإنسان سوي تبين وتوضح لنا الدقة في تركيبة الانسان بخلاف ما إذا خُلق الانسان دفعة واحدة فإنها لا تبين تلك العظمة المكنونة في مراحل التكوين، ومن هذا المنطلق قال تعالى في سورة المؤمنون آية 12 و 13 و 14 : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ. وهذا نظير الإنسان العادي عندما ينظر إلى جهاز التلفاز وهو في حلته الأخيرة فنظرته هذه تختلف عن نظرة المهندس الذي يعلم ما مر به من تقنيات وصناعات وجهد من مهندسين وفنيين وعمال وأدوات وآلات ومكائن، حتى وصل إلى حالته الأخيرة الأنيقة المعروضة في الأسواق، فالمهندس نظرته علمية مهنية تقييمية بخلاف نظرة الانسان العادي فهي بسيطة عابرة استهلاكية، فالمتخصص يقيّم الجهاز ويقدّره ويعظّم مخترعه ربما أكثر من الإنسان العادي الذي يستعمله دون علم بمحتوياته ومراحل تصنيعه، لعل مراحل التصنيع والإنشاء تثبت بوضوح عظمة المخترع والخالق، وهذه إحدى أهم الحقائق في خلق السماوات والأرض في ستة أيام وليس بدفعة واحدة.أما الحقائق الأخرى فالله تعالى يريد أن يعلّم البشرية ضرورة الصبر والتأني وكذلك الإتقان والدقة في العمل، حيث إن الإنتاج إذا ما أريد له أن يكون ذا متانة وجودة، فعلى الإنسان أن يتصف بالصبر في معالجة المعوقات ووضع الحلول الناجعة لها، لا العصبية والارهاق التي تسبب في إرباك العمل وربما انهياره وفشله دون الوصول إلى النتائج المرجوة منه، وكذلك إذا ما أريد للإنتاج أن يكون متقنا ذات مواصفات عالمية مرموقة بحاجة إلى بذل المزيد من الفحوص واخضاع المنتج إلى التحليلات في المختبرات المجهزة بكافة أنواع اجهزة التقييس المركزي؛ لإضهارها بالمظهر اللائق شكلا ومضمونا وهو ما تتطلبه مراحل الجودة في الإنتاج بجميع مراحلها التقنية والجمالية. فالله تعالى بالرغم من انه قادر على خلق السماوات والأرض في طرفة عين، بيد إنه لم يفعل ذلك وهو تعليم لبني البشر على ضرورة الاتقان في العمل وهذا يتطلب منه بذل الصبر والجهد وكلاهما يتطلبان الوقت الكافي لإنجازهما، ومن هنا تأتي ضرورة وأهمية الوقت في انجاز الأمور المتقنة، لعله بات من المؤكد إن التأني والتفكر من الرحمن، والعجلة وتبسيط الأمور من الشيطان، فأيهما تنتخب فالخيار لك أيها الإنسان.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علي البصري
2014-02-06
ان الله تعالى لاتنطبق عليه قوانين المخلوقين , ثم ان الله عز وجل لم يباشر خلق كل الاشياء بنفسه , وانما اوكل هذا الامر لخاصة خلقه فلذا قال عز وجل فلمدبرات امرا وقصد الملائكه , ثم ان الزمان والمكان انما يحكمان من كان محدودا بهما , وثانيا ان الله يأبى الا ان تجري الامور بمسبباتها فطبيعه الخلق ومحدوديته وربط نظام العلل كل هذه الامور تحتاج الى التدرج في الظهور فالعيب في القابل . اي ان عالم الخلق لايقبل الا هذه الطريق لانه محكوم بالزمان , كما ترى استحالة ان يكون العدد 4 عددا فرديا وهذا اختصار مخل .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك