في عدد التاسع من شباط من هذا العام في جريدة البينة البغدادية، أي قبل يومين كتبت في خارج النص، عمودا كان عنوانه الفرعي: اللقطة التي يتعين أن نوقف عندها شريط الفيلم!. تناولت فيه موضوعا بدا لبعض الزملاء الكتاب أنه دعوة للرجوع عن الديمقراطية!
تحدثت فيه عن الديمقراطية الزائدة عن اللزوم، التي ستتحول الى فوضى، وكنت أحذر من تفاعلات الديمقراطية الزائدة عن اللزوم، علي صعيد مؤسسات الدولة، والجسم السياسي والدستوري لها، لما لذلك من أثر تخريبي، يحول البلد الى (ولاية بطيخ)، حيث ينتج فئة لا تحسن غير ممارسة الفوضى، إذ تفعل ما يحلو لها من التخريب، وصولا إلى ما يصطلح عليه في الأدبيات السياسية؛ بالديمقراطية المنفلتة.
وفي كل هذا كنت أتناول الدولة ومؤسساتها، والعمل السياسي ومؤسساته ومخرجاته..
بيد أني وجدت أن موضوع الديمقراطية المنفلتة، لا ينصرف أثره السلبي على الدولة والمؤسسات السياسية فحسب، بل أن الأثر الأكثر سلبية وتأثيرا مباشرا، ربما سيكون نتاج لما يحدثه الإنفلات الإعلامي، المصاحب للديمقراطية الزائدة عن اللزوم!
فإذا كان (الإنتقال بالديمقراطية الفائضة الى وضع الإنفلات، ونتيجة لغياب ما يكبح الفوضى، يحول الدولار إلى سجادة صلاة! والفوضى إلى نمط حياة دائمة، وتقاليد ثابتة بالعمل السياسي) كما قلت في مقال أول من أمس، فإن المصداق في العمل الإعلامي، أكثر مضاءا وتأثيرا وتدميرا أيضا!
إعلامنا اليوم يعج بالمتطفلين عليه، ويزدحم بأشباه الكتاب، أولئك الذين يكتبون متحررين من كل الضوابط، حتى اللغوية والإملائية والمفرداتية منها، بل والأخلاقية أيضا! ويغص بمن أحترفوا جُبن الإختباء خلف الأسماء المستعارة، والنشر في مواقع ألكترونية لا يعلم لها رأس يمكن أن يعاتب!
لكن صحافتنا، وهي القطاع الذي يفترض أن يكون الأكثر مهنية وأحترافا في الإعلام ؛أنزلقت الى منزلق النشر لمن لا ينظرون أبعد من أرنبة أنوفهم، متدرعين بمقولات الحرية والديمقراطية الفضفاضة، متخلين عن مسؤولية الكلمة، وهذا هو الجانب الأخطر في موضوع فائض الحرية!
إن السخرية والتهكم والإتهام بالفساد والتخوين والعمالة، ووصم الساسة والقوى السياسية بالطائفية والإرتباط بقوى خارجية، باتت ملح الصحافة الورقية، لكنه ملح زائد عن اللزوم، يجعل الطبخة مجة غير مستساغة، لا يتمكن القاريء من تناولها!
كلام قبل السلام: ما هو أكثر خطرا، يتمثل بالتعرض والمساس بما لا يجوز التعرض له والمساس به: الثوابت الوطنية، العقائد والمقامات والرموز الديني. ومنها المقام الرفيع للسيد علي الخامنائي، هذا الرمز الإسلامي الكبير، الذي يقود صحوة إسلامية جبارة، أوقفت النفاق واهله عند حدودهم وعرتهم وكشفت زيفهم..
وهذا ما ارتكبته عن قصد أو بدونه، جريدة الصباح الجديد، فأضطرت للإعتذار عنه، حيث لا يكفي الإعتذار!
سلام...
https://telegram.me/buratha