المقالات

الأنبار..صمتٌ بعد ضجيج

654 13:13:00 2014-02-17

نزار حيدر

انتهت جلسة الاستماع بحضور الشهود، وأصدرت المحكمة قرارها بحق المتهم.

خيَّرهُ القاضي بين احد ثلاثة احكام:

فأما ان يأكل صندوقا من البصل.

او ان يُجلد ١٠٠ جلدة.

او ان يُعدم شنقا حتى الموت.

فكَّر المتهم قليلا ثم اختار ان يأكل البصل ظنّا منه بانه ايسر الأحكام، ولكنه ما ان بدا بأكل البصل حتى شعر وكأن روحه بدأت تخرج من انفه، فصاح بالسجان: لقد غيّرتُ رأيي، اجلدني مئة سوط، فقد يكون هذا الحكم ايسر عليّ من أكل البصل.

بدا السجّان يجلد المحكوم عليه، وهو يعدُّ العصي على جسمه، وما ان وصل الى الجلدة الاربعين حتى صرخ الجاني قائلا:

هات حبل المشنقة واعدمني، فالموت، على ما يبدو، أيسر الأحكام.

وهكذا، اخيراً، اختار المحكوم عليه الأحكام الثلاثة بسبب سوء التقدير وقلة التدبير والاستبداد بالرأي، ولم يستفد من الفرصة.

تذكرت هذه القصة وانا استمع يوم امس الى خطاب السيد رئيس مجلس الوزراء في جمهورية العراق في مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار التي تشهد عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد الارهاب في حرب أعلنها قبيل مناسبة الاربعين في كربلاء المقدسة، وظننت انه سيعلن عن انتهائها امس في خطابه، بعد ان سمعناه يقول في اكثر من خطاب خلال الشهرين الأخيرين انه [قد حان الوقت للقضاء على (داعش)!!].

فما الذي جرى ويجري في هذه الحرب؟ لماذا سمعنا بلاغ الإعلان عنها ولم نسمع، لحد الان، بلاغ وقفها؟ لماذا صكّت أسماعنا كلماته وهو يعلن عن بداية الحرب وكل أكفّنا ارتفعت الى السماء بحضور قلوبنا وأرواحنا للدعاء بالنصر، ولكننا الى الان لم نسمع او نرى بشائر النصر؟.

هل ظنّ انّ الحرب هناك (أكلة بصل) سهلة كوجبة سريعة ثم يخطف النصر ليوظّفه في حملاته الانتخابية؟ ثم فكر في ان يختار بعض جلدات وسط الضجيج من دون ان يشعر به احد، ليتجرع السم في نهاية المطاف في خلسة من الليل والناس نيام؟.

ما الذي يجري هناك؟ أوليس من حقي، كمواطن ان اعرف ماذا يجري هناك؟ بعد شهرين من حبس الأنفاس والانتظار، بقلق، على احر من الجمر؟.

لقد بدأت المعركة في الصحراء لتنتقل الى الرمادي اذا بالإرهابيين يسيطرون على الفلوجة لنستيقظ اول من امس على خبر سقوط مدينة سليمان باك بأيديهم ثم لنسمع ان المعركة انتقلت الى الموصل ليسيطر الإرهابيون على عدد من البلدات، فيما ظلّ الارهاب ينشر الموت والتدمير والخراب في العاصمة بغداد، وبوتيرة اسرع وأوسع واكبر وأكثر، وكل ذلك، ولا زال خطابه يكرر نفس العبارة [لقد حان الوقت للقضاء على (داعش)] فما الذي يجري هناك؟.

أوليس من حقي ان اعرف نتيجة هذه الحرب القذرة التي يشنها الارهاب على بلدي وشعبي؟ او ليس من حقي ان اعرف الثمار التي اقتطفها العراق من هذه الحرب؟ فبعد ان اعلن المجتمع الدولي، مؤسسات وحكومات، تأييده المطلق للعراق في هذه الحرب، وبعد الإعلان رسميا عن وصول مختلف الأسلحة التي يحتاجها العراق في هذه الحرب، من الشرق والغرب، وبنتائج هي كالتالي:

٣٠٠ الف نازح

آلاف الشهداء والجرحى من ابناء القوات المسلحة الباسلة.

مقتل واعتقال الآلاف المؤلفة من الارهابيين.

مصاريف وخسائر فاقت المليارات.

تدمير هائل في عدد من المدن والأقضية.

وفي الاثناء، ظلّت أكف العراقيين تصفق للانتصارات التي يزفها لهم اعلام الحكومة، وسط رفض قاطع لكل من يتقدم بمبادرة او ينتقد أداءا والإسراع في تخوين هذا وتوصيف ذاك، خوفا على معنويات (الحكومة) فيما ظل المقرّبون والاقربون والمستشارون ينشرون المقالات التي تبرر تارة وتحذر اخرى وتهدد ثالثة وتطعن رابعة.

بعد كل هذا لم نسمع منه في خطاب الأمس ما يشير الى انتهاء العمليات العسكرية بالكامل بعد ان حققت النتائج المطلوبة وتم القضاء على الارهاب، بل على العكس من ذلك، فلقد سمعنا فقرات مبعثرة من مبادرة غامضة كانت قد جاءت متفرقة على لسان وفي مبادرات اكثر من طرف سياسي وآخر دولي، زاد عليها ما يُرعب ويُخيف ضحايا الارهاب، ويُرضي الحواضن

هذا يعني ان الحرب لازالت مستمرة الى اجل غير محدد، وان الارهاب لازال معشعشا في حواضنه الدافئة، فما الذي جرى خلال الشهرين الماضيين إذن؟.

اين الخلل، إذن؟ وأين التقصير او القصور، إذن؟.

هو احد ثلاثة احتمالات:

*فاما انه بدا الحرب بناء على استشارة سيئة، فكان ما كان.

*او انه بدأها بناء على معلومة خاطئة وغير دقيقة، فكان ما كان،

*واما انه بدأها بالاعتماد على حسابات عسكرية وسياسية غير دقيقة اعتمدت على وعود كاذبة من قادة او رسائل إقليمية او دولية.

*او انه، بالأساس، أعلنها كدعاية انتخابية وقد ظن الان انها أتت أكلها فتقدم بهذه المبادرة، كمحاولة منه للهرب الى الامام.

في كل الحالات، لابد من ثمن يجب ان يدفعه احدهم، هو، او احد مستشاريه، او احد القادة العسكريين او الأمنيين، فليس من المعقول ان نشهد كل هذه الحرب وتداعياتها من دون نتيجة، ومن دون ان يتحمل مسؤوليتها احد، الا اذا سلّمنا بانه قاد عاد، مرّة اخرى، زمن الحروب العبثيّة، في الوقت الذي من المفترض ان يكون قد ولى زمن الانسحابات التكتيكية وزمن التلاعب بالمصطلحات لقلب الحقائق وزمن تضليل الشعب بالأعلام وبالأزمات وما أشبه حتى لا ينتبه الى ما يراد له.

فهل بدأنا القهقرى؟ ام ماذا؟.

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمد هادي - الكوت
2014-02-17
نعم وافق الهالكي على تعيين 10000 ارهابي ..!!!؟؟؟
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك