حسن الراشد
معادلة الظالم والمظلوم تحكم مسيرة الصراع في المنطقة والعالم في الماضي والحاضر وفي المستقبل هذه سنة الحياة منذ ان خلق الله ادم وبدأت اولى مسلسلات القتل والظلم والتي شرعها قابيل واستمر فيما بعده ورثته واتباعه وهذه هي طبيعة الصراع التي لم يتوفق فيها قابيل في بسط ارادته الشريرة على الحياة الا ان انه استطاع ان يسن سنة سيئة عندما باشر بقتل اخيه هابيل حسدا وطمعا في التسيد وفي الاستئثار بسلطة الملك والحب والمال وكل ما له علاقة بالهيمنة والتفرد بالحياة والحكم فيها ! ولم يكن غريبا ايضا ان يرد هابيل على قابيل بهذا الجواب الشافي والمعبر والذي ليس فقط يتضمن اسمى ايات الحب الكرامة والشرف الانساني بل ومظلومية صارخة لا تجد لظلامتها صدى الا في مسلسل القتل الذي يستهدف ابناء هابيل اليوم في العراق ولبنان واي بقعة في العالم يتواجد فيها ابناءه!ماذا كان جواب هابيل لما نوى قابيل على قتله واقدم على تكشير انيابه لتقطيع اوصاله وتحويلها الى اشلاء؟!قال :
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ(28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ(29)}.سورة المائدة
جوابه كان صادقا ومؤلما في نفس الوقت حيث رفض العمل بالمثل حتى وان تم لاخيه ما يريد من الاستئثار بالحياة وحب البقاء .هنا يطرح هذا السؤال وهو : هل استسلم هابيل لقابيل بمثل هذه الخطوة التي قد يعتبرها البعض استسلام سلبي اعطى للطرف الاخر الجبان حرية التصرف في الحياة والتفرد بالتحكم فيها ؟
هابيل لم يستسلم بل سلم مفاتيح القيم والاخلاق ومبادئه الانسانية لابناءه المخلصين من بعده كي لا يقعوا في ورطة الدم وقتل الانسان ويسقطوا في فخ الجريمة التي عاقبتها الخزي والعار والاثم حيث قال : " انى أريد ان تبوء باثمي واثمك فتكون من اصحاب النار وذلك جزاء الظالمين "!
هنا يطرح السؤال التالي ما الذي يريده الخصم والقابيليون من وراء قتل ابناء هابيل في العراق ولبنان وغيرها ؟لماذا هذا الاجرام البشع الذي يرتكبه القابيليون في بغداد وقتل الابرياء من ابناء هابيل واراقة دماءهم القانية ؟ ولماذا استمر البطش القابيلي ليصل الى بيروت والمنامة وحتى كراتشي ولعل غدا يصل الى ابعد من تلك المناطق مثلا الى اوروبا ؟
يقول قابيل انهم يقتلون ابناء هابيل في العراق لان القابيليين لا يملكون من السلطة والمال والحكم ما يسدون به طمعهم ، وان الذي يحكم قد استأثر بمواقع مهمة في الحياة السياسية وهذا يعتبر في نظرهم خلاف "سنة قابيل" وما اراده يوم ان انقض على هابيل وقتله ! وان القابيليين هم الانسب والاحق بالسلطة حتى وان تقاسموا مع ابناء هابيل مكاسبها واخذوا منهم اكثر مما يستحقون الا ان ذلك في نظرهم لا يكفي لان قابيل لن تقوم له قائمة ما لم يمحي اثر هابيل من الوجود! لذلك يستمر مسلسل عمليات القتل والذبح واستهداف ابناء هابيل باكثر من 14 مفخخة في يوم واحد في بغداد وهم يدعون ان السبب هو تعنت "ابناء هابيل" في رفضهم "الحلول السياسية" التي يقترحها "ابناء قابيل"! وفي بيروت يقدم القابيليون بتفجير انفسهم في ابناء هابيل وفي الطرقات والاسواق كما هو الحال في بغداد وهم يدعون ان السبب هو "حزب ابناء هابيل" الذي يقاتل في ارض الشام واستئثار بعض من الهابيليين بمواقع في السلطة الا انه وبعد ان سلم الاخير تلك المواقع لابناء قابيل او حلفاءهم فان ذلك لم يكن ليحول دون قيام القابيليين باجرام جديد صباح هذا اليوم واستهداف ابناء هابيل بالمفخخات والانتحاريين الاشرار .وهنا يتجلى مدى الحقيقة في ما يدعيه القابيليون ومدى الكذب في ذلك خاصة بعد ان كشف هابيل لهم حقيقة ابيهم قابيل وان ما قام به من قتل واجرام بحق اخيه كان خارجا عن قيم العدل والانسانية ومخالفا سنة الله في تحريم قتل الانسان مهما كانت المبررات خاصة اذا كان القتل بالصورة التي نشاهدها في ساحات المدن في بغداد وحلة وبيروت والهرمل والمنامة على ايدي مرتزقة ابناء قابيل وكراتشي !وقد فنذ القران كل مبررات وحجج قابيل وابناءه في قتلهم للابرياء وللانفس الانسانية حيث قال الله في كتابه العزيز :"مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ".
والسؤال هل سوف يتوقف ابناء قابيل عن القتل والارهاب والاجرام بمجرد ان يتنازل ابناء هابيل عن حقهم في الحياة ويسلموا السلطة كاملة لابناء قابيل ؟المعطيات تنفي ذلك وتؤكد ان ابناء قابيل ليس لهم هدف اخر غير الاقصاء والنفي الكلي لابناء هابيل ولاستمرار في قتلهم حتى وان لم يشاركوا في السلطة الدنيوية لان القابيليين يتصورون ان لهم الحق التاريخي في السلطة و لهم هدف واحد ولا غيره وهو القتل ثم القتل ثم القتل !
https://telegram.me/buratha