سعود السبعاني
بعد فضيحة اليمامة أصبحت سمعة آل سعود في الحضيض وقد فاحت روائحهم النتنة خصوصاً في نظر الرأي العام الغربي الذي كان مُغيباً طوال تلك العهود الماضية , والجمهور الغربي مُضلل عمداً من قبل السياسيين الأمريكان المُستفيدين من تلك العلاقة غير السوية , والذين يُسيطرون بدورهم على وسائل الإعلام المدفوعة الأجر .فآل سعود ليس جديداً عليهم الفساد المالي والإداري وقبض الرشاوى والكوميشن وتمويل العمليات الإرهابية التي تعجز عن تمويلها الإدارات الأمريكية المُتعاقبة , وربما فضيحة الكونترا غيت هي إحدى تلك الصفقات الفاسدة بين نظام آل سعود وبين مافيات الأسلحة وأنظمة الهيمنة والسيطرة الرأسمالية الأمريكية البغيضة .
ومنذ ظهور هذا النظام الاستعماري الجديد بقيادة الولايات المُتحدة الأمريكية والتي باتت تمتلك القوة الباطشة , وبالمقابل وجدت هناك أنظمة كرتونية تابعة تمتلك البترول والمال , فأصبح هناك زواجاً أو نكاحاً بين الرأس والذنب , فالأول يُهدد ويبتز ويغزو وتلك الأنظمة تمول وتدعم مادياً تلك الحروب والعمليات التي يرفض الكونغرس الأمريكي تمويلها وهكذا استمرت علاقة الفراش والنكاح بين الفحل التكساسي والعاهرة السعودية الثرية إلى وقتنا الحاضر .
ولكن يبدو أن الإعلام الغربي قد ضاق ذرعاً من تلك العلاقة الخبيثة التي أوردت العالم إلى جرف الهاوية , فهذا النظام الأمريكي المتفرد والذي يزعم أنهُ يمتلك أرقى ديُمقراطية في العالم , أتضح بأنهُ نظام طاغي مُتعجرف وكاذب بعد أن كشر عن أنيابه فظهر بأنهُ أبشع نظام دموي عرفه التأريخ , وهو يعتمد في أدواته على أحقر وأفضع نظام دكتاتوري شمولي فاسد ومُتخلف على مر التأريخ , وهو النظام السعودي !؟
فبات العالم الحُر في حيرة من أمره كيف يزعم هذا النظام الأمريكي الدجال بأنهُ يدعم الديُمقراطية في العالم ويناصر الدول الحُرة والمُستقلة وفي نفس الوقت هو يعتدي على الدول الآمنة والمُستقرة بحجج واهية ومُبررات كاذبة ويتعامل بأساليب لا تُقرها أي شريعة كونية , ويدعم أنظمة طاغية فاسدة مُهترءة !؟
ثم كيف يستوي أن تتحالف أمريكا وتتعامل مع أبشع وأتعس الأنظمة في الوجود , وهو النظام السعودي القميء , وهؤلاء هم سبب أحداث 11 سبتمبر !؟
فبات العالم الغربي في حيرة من أمرهم , وقد انتبه الجمهور الأمريكي لتلك المُتناقضات , ولا يخفى بأن الشعب الأمريكي من أكثر الشعوب سذاجة وتصديق للإعلام الداخلي , لكنهم حينما يُشاهدون شخصيات هوليودية مشهورة ومحبوبة كـ مايكل مور تقوم بفضح تلك العلاقة السرية بين عائلة بوش وعائلة آل سعود وينكشف النقاب عن تلك العلاقة النفطية , وعندما يُركز مور على بندر بوش كما يُسميه , فيصبح المواطن الأمريكي مُقتنع يقيناً أن هناك مؤامرة قد دبرت في ليل يشترك فيها بوش وآل سعود ولن تنفع أي وسيلة لتغيير رأيه أو تبديل وجهة نظره , لأن الجمهور الأمريكي مهووس ويثق بالإعلام الأمريكي وهذا هو ما حصل بالفعل .وهنا نرجع قليلاً للسبب الغامض الذي دفع بندر بن سلطان سفير السعودية في واشنطون لأن يُغادر فجأة أمريكا دون أن يُبدي أسباب مُقنعة , وهو ما جعل البعض يجزمون بأن هناك خلافاً حاداً داخل الأسرة المالكة السعودية وأن الملك السعودي غاضباً ومنزعجاً من بندر وو..إلخ من اجترار التوقعات والتخرصات غير الحقيقية ولا المنطقية ؟وفي وضع كالوضع الأمريكي الذي تتحكم به وسائل إعلام مؤدلجة وموجهة ويجهل السياسي الأمريكي الكثير مما يجري في المنطقة العربية , ويبني آرائه عادةً حسب ما يُضخ له من معلومات مغلوطة ومُفبركة , ولهذا فأن الرأي العام الغربي والأمريكي تحديداً يُصدق كل ما يسمعه من قنوات الفوكس نيوز والسي أن أن وغيرها من قنوات التضليل الأمريكية والصحافة المقروءة .
لكن وللأسف أن بعض كتابنا العرب ومُثقفينا ذهبوا هم أيضاً في ذلك المنحى واتخذوا ذلك التوجه الخاطئ , فأخذوا يبنون نظرياتهم غير الواقعية ويفصحون عن آرائهم السياسية حسب تلك النظرة القاصرة والمغلوطة بالكامل ؟
وهذا ما وقع فيه أيضاً الأستاذ ناصر قنديل أمس في برنامج الاتجاه المُعاكس , فهو وأن تكلم بصدق وتحدث بحقائق دامغة , خصوصاً في مسألة تنويهه للدور الخبيث الذي يلعبه ذلك المأفون بندر بن سلطان , ولكنه أخفق عندما بنى نظريته على الرأي القائل بأن هناك خلافاً شديداً ظهر بين الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز وبين بندر بن سلطان , وأن الولايات المُتحدة الأمريكية تدعم بندر وتُهيئه لحكم السعودية بدلاً عن عبد الله !؟
وهناك الكثير ممن يقعون بنفس الخطأ الإستراتيجي هذا ويبنون نظراتهم على ورود أخبار غير دقيقة ولا موثوق بها , ولذلك فأن كل ما يُقولونه من كلام واقعي ورصين سوف يسقط ويتهاوى عندما يأخذ الكاتب أو الصحفي في جانب الرأي الضعيف والمغلوط بالكامل ؟
فليس هناك أي خلاف يُذكر بين بندر وبين الملك السعودي , بل أزيدهم علماً بأن آل سعود وأبو عابد تحديداً يعتبرون هذا البندر فلتة زمانه وداهية عصره !؟
لأن بندر متفوق عليهم عقلياً وهذا لا يعني بأنهُ خارق للعادة , ولكن مُقارنة بعقلية عبد الله بن عبد العزيز وبقية أشقائه الجهلة يعتبر بندر بالنسبة لهم آينشتاين عصره , وهو خبير في علم الذرة السعودية وليس الذرة المعروفة .
فقد عانى بندر كثيراً من الحرمان والازدراء والتهكم والنظرة الدونية من قبل عائلة آل سعود باعتباره ابناً غير شرعي لسلطان بن عبد العزيز من أم جارية سوداء , والذي كان قد تبرأ منه وإلى وقت قريب , كما يفعل عادة آل سعود مع جواريهم , ولكن الملك فيصل تعاطف مع قضيته وأرغم سلطان على الاعتراف به خصوصاً بعد أن زوجه بابنته هيفاء , وبهذا تحول بندر من خوي منبوذ أي خادم إلى أمير درجة منخفضة مقارنة بأبناء غير الجاريات .
وقد برز نجم بندر في العائلة الهالكة وذلك عندما رفضت الولايات المُتحدة في بداية الثمانينيات تزويد السعودية صفقة صواريخ طويلة المدى وكان ما زال جديداً على واشنطون , فذهب بندر وتفاوض سراً مع الصين وأشترى مجموعة من الصواريخ الصينية بعيدة المدى .
ومنذ ذلك الحين أصبح آل سعود يعتمدون على بندر في كل ما يتعلق بالعلاقات الخارجية , وخصوصاً العلاقة مع واشنطون بعد أن وثقها بندر بالمال والصفقات العسكرية والتجارية مع الأشخاص المُتنفذين في أمريكا .
وكل ما يُثار من أن هناك خلافاً كبيراً بين الملك السعودي وهذا البندورة , هو كذب ومحض افتراء , لأن عبد الله شخص أُمي وجاهل ومقدراته العقلية متواضعة جداً , وهو يعتمد اعتمادا كلياً على بندر في تسيير السياسة الخارجية ويعتقد بأن لديه علاقات واسعة ووثيقة مع أعضاء كبار وبارزين في الكونغرس الأمريكي , وكذلك له نفوذ لدى بعض أعضاء مجلس الشيوخ , وأيضاً له تعامل تجاري مع الكثير من السيناتورات الأمريكان الذين تم شرائهم من قبل بندر خلال إقامته الطويلة في واشنطن سواء عن طريق عقد الصفقات العسكرية والتجارية أو منحهم بعض المناقصات ؟ولذلك فأبو عابد يَعتبر أن بندر هو مفتاح الأبواب الأمريكية ولديه كلمة السر الخاصة بالبيت الأبيض الأمريكي , والدليل على ذلك أنهُ أصطحبه معه أخيراً في رحلته المكوكية لأوربا وهو في ذروة فضيحته المدوية في صفقة اليمامة !؟
وهذا يدل بأن الملك السعودي أحمق بجدارة وغبي ولا يُدرك مغبة أن يأتي بهذا اللص معه وهو يزور تلك الدول التي نشرت فضائح بندر وكشفت العمولات والرشاوى التي تلقاها من الشركة البريطانية BAE Systems عبر وسائل إعلامها !؟
إذن كل ما يُقال من وجود خلاف وقطيعة بين الملك السعودي والسفير السابق في واشنطن بندر بن سلطان , ليس صحيحاً جملةً وتفصيلاً , وهو مُجرد هراء وكلام فاضي وغير واقعي والدليل أن الملك الأتيس كان قد عينه في منصب رئيس مجلس الأمن القومي السعودي وهو لص آبق !؟
وبندر من المُستحيل أن يُفكر يوماً أو يطمح بأن يُصبح ملكاً على السعودية ؟ والأسباب كثيرة ومتعددة , ربما أولها أنهُ ابن غير شرعي ومن أم جارية وغير مرغوب به داخلياً سواء من قبل بعض أفراد الأسرة الذين يرونه أقل شأناً منهم , أو من قبل أفراد الشعب الذين يكرهونه بسبب عدائه للإسلام , وهناك مئات المنافسين من أبناء وأحفاد السديرية والذين يعتقدون بأنهم أفضل وأبدى منه وأحق في الحكم .ولو قدر لبندر أن يختار فسوف يدعم موقف والده غير الشرعي سلطان ليصبح ملكاً , هذا لو صدقني فكرة أن بندر يُفكر أو يطمح بالمُلك , فحينها سيُساند موقف سلطان لأن يصبح هو الملك , لا لأن يطمح لنفسه وهو يُعرف صعوبة ذلك الأمر .وعندما أقول إبن جارية فليس معناه أن أمه كانت سوداء فقط وإن كانت كذلك , فالكثير من أبناء عبد العزيز وأحفاده هم من أمهات جواري , فمنهم من هو من أم جارية حبشية ومنهم من أم جارية شركسية ومنهم من هو من أم جارية بلوشية وهكذا , بل أن سلمان بن عبد العزيز أمير الرياض نفسه والمشهور بسلمان أبو حلاوه كان له ابن من جارية سوداء يُدعى عبد الله , نقس حكاية شقيقه سلطان وقد أزعجه وأرقه ذلك الأمر طويلاً , حتى قام بالتخلص منه وقتله بواسطة تدبير حادث سيارة له , ويبدو أنهُ قد كفى الأمة من شر بندر جديد .
وربما من يقرأ رواية الأمير سيف الإسلام بن سعود وهو أحد أبناء الملك السابق سعود وهي بعنوان ( قلب من بنقلان ) سيعرف ما أعنيه من مأساة هؤلاء الضحايا وسيكتشف المُعاناة التي يُعانيها هؤلاء المساكين أبناء الجواري , وكيف يتحولون إلى ناقمين وكارهين للإسلام بسبب تلك المُعاملة التي يظنون بأنها من تعاليم الإسلام , والإسلام قطعاً منها براء ؟
أما السبب الرئيسي وراء مُغادرة بندر المُفاجأة للولايات المُتحدة فقد ذكرته في مقال سابق لي , وهو أن بندر تلقى نصيحة من بعض أصدقائه الأمريكان ويُقال أنها كونديليزا رايس , فأشارت عليه بأن يُغادر أمريكا حتى لا يُسبب إحراجاً للرئيس الأمريكي جورج بوش , خصوصاً بعد أن أصبح الإعلام الأمريكي يتذمر من تلك العلاقة الوطيدة بين عائلة بوش وعائلة آل سعود , بعد أحداث سبتمبر وتحديداً علاقة الرئيس المشبوهة ببندر بوش ؟
ويبدو لي أن المخابرات الأمريكية كان لها دوراً كبير في التغطية على تلك العملية الفاسدة , ويبدو أنهم قد علموا بخبر تلك العمولات الطائلة والرشى التي تلقاها بندر من شركة بي أي إي سستمز ومُنذ وقت مُبكر , وربما قد تمت التغطية على هذه القضية لفترة معينة , وهم من أطال فترة التحقيق وجعل الأمر سرياً حتى يمنحون بندر الفرصة الكافية لمغادرة أمريكا دون ضجيج وحتى لا يؤثر ذلك الخبر على إدارة بوش ويُثبت ما زعمه مايكل مور في فيلمه الوثائقي فرنهايت 119 سبتمبر ؟وهذا هو فعلاً ما حصل , وبهذا تخلص جورج بوش من تبعات تلك الفضيحة المدوية , فلو أن بندر كان ما زال يشغل منصب السفير الأمريكي في واشنطونلأصبح موقف جورج بوش محرجاً جداً , وسيُسبب له إرباكاً مما يجعله في موقف المدافع الذي يُحاول أن يتبرأ من بندر وينأى بنفسه عنه وعن فساده وعمولاته !
وكذلك ستكون قضية بندر ورقة رابحة وضاغطة بيد الديُمقراطيين , ولهذا تم إعلام بندر مبكراً بخطورة الوضع على الرئيس ووضحوا له حيثيات تلك القضية وحذروه من تداعياتها فحمل عفشه وولى هارباً يتحسر على أيام العز والنفوذ في واشنطون ؟وللعلم فأن بندر يعشق أمريكا ويعتبرها وطنه الأم , وهو لا يشعر بأي ارتباط ببلاد الحرمين الشريفين بسبب الكره الذي يكنه للأرض والشعب وللدين أيضاً , وذلك نتيجة المُعاناة والتمييز الذي جعله يحقد على الناس ودفعه لأن يعشق أمريكا التي لم تعد تميز بين الأسود والأبيض ولا تفرق بين السيد والعبد , بل وقد اشترى ثاني أغلى قصر في العالم في مدينة كولورادو , وبقيمة 135 مليون دولار أي ما يُقارب 605 مليون ريال سعودي , ومساحة قصر بندر تبلغ حوالي 95 أيكر أي حوالي 380 دونم وفيه 15 غرفة نوم و16 حمام , ولديه قصر آخر في منطقة ماكلين الفاخرة قرب واشنطن العاصمة وهو أيضاً معروض للبيع !؟ومن عادة الأمراء السعوديون أنهم لا يبيعون قصورهم إلا في حالة الذهاب بلا عودة ؟
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid_6262000/6262342.stm
وهذا يعني أن بندر خائف من المُلاحقة القانونية ويخشى من مصادرة قصوره الفارهة تلك ومن ثم تسديدها لأسر ضحايا 11 سبتمبر , والذين كانوا قد رفعوا دعاوى قضائية ضد آل سعود وعلى أمراء نافذين في الأسرة مثل سلطان ونايف وكذلك بندر وزوجته هيفاء الفيصل كانا من ضمن المتهمين بتلك الأحداث ؟
وإلى كل من يظن أن هناك تيارين في العائلة السعودية , وأن عبد الله يختلف عن هؤلاء الذي ينتمي لهم بندر وهو حريص على مصلحة الأمة ووووإلخ
أقول لهم كل هذا هراء وغفلة , فعبد الله بن عبد العزيز هو أسوء الجميع والسبب أنهُ جاهل وجبان , وقد أُستغل أكثر من مرة عن طريق أسلوب الترويع والتهويش من مغبة معاندة واشنطون أو إغضاب بوش , فكان ينهار ويبدي تنازلات رهيبة خشية إغضاب الأمريكان , وهو من الضعف والحمق ما يجعله ألعوبة بيد أبناء السديرية ويجعله أضحوكة لبندر وعادل بن جبير وبقية الشلة المُتأمركة .
فيا كُتابنا العرب لا تتوهموا كثيراً فكلهم بندر وعبد الله تحديداً هو أسوء البنادر .
https://telegram.me/buratha