قيس المهندس
شاهدنا في الأمس القريب، الإنقلاب العسكري الذي جرى في مصر على الرئيس المنتخب (مرسي)، وهو وإن جاء في محله، خدمة للشعب المصري، إلا أنه يعد إنقلاباً على التجربة الديمقراطية الوليدة في مصر، والذي أدى الى إرباك الرأي العام.
ذلك الإنقلاب حدث جراء فشل جماعة الإخوان المسلمين في قيادة البلد، وفرضهم لبعض القيود الاجتماعية، وفق أيديولوجيتهم المتشددة الهادفة لأسلمة المجتمع، والتي تتعارض مع قيم الحرية، مما حدى بالشعب المصري الى التظاهر، بغية إسقاط الحكومة وإعادة الانتخابات، قابلها إجراءات مشددة من قبل القوى الأمنية وميليشيا الجماعة، مما أثار حفيظة السلطة العسكرية، فقامت بإسقاط الحكومة.
الإنقلاب العسكري الذي حصل، مثلت نتائجه إعلاناً لفشل كافة الجماعات الإسلامية المتشددة، في تطلعها الى حكم بلدانها. مما جعل الغرب يتبنى سيناريو جديد لمسار الأحداث، وذلك ما دق ناقوس الخطر عند المعارضة السورية.
سيناريو المشهد السياسي السوري لفترة ما بعد تنحي بشار الأسد، كما قرر في جنيف(1)؛ يكون بقيام حكومة إنتقالية، تسير بالبلاد نحو العملية الديمقراطية. إلا إن اسلوب عمل المعارضة في الإئتلاف السوري، لم يرق للولايات المتحدة، لكون الإئتلاف يمثل واجهة للأحزاب والجماعات الإسلامية، مما يعيد الى الأذهان التجربة المصرية، والذي حدى بالولايات المتحدة، الى العمل للحيال دون وصول تلك الجماعات الإسلاموية الى الحكم في سوريا. وذلك ما أفادت به القوى الغربية، من ضرورة تشكيل حكومة علمانية.
وعلى الأرض لاحظنا مظاهر إنقلاب غربي على المعارضة السورية، على غرار أحداث مصر، لكن ذلك الإنقلاب أتى مبكراً، كإجراء وقائي لمنع تكرار السيناريو المصري.ثمة فوارق بين الأوضاع الداخلية المصرية والسورية، تمثلت في إمتلاك الجيش المصري قيادة عسكرية مستقلة تمثل جميع الشعب، مع غياب الصبغة الطائفية عن الشارع المصري، إما في سوريا فإن الجيش لا يمتلك قيادة عسكرية مستقلة ممثلة لجميع الشعب، وسائر قياداته من العلويين والبعثيين.
لو تصورنا قيام حكومة سورية بقيادة الإخوان المسلمين، عندها لن يكون إنقلاب الجيش السوري على الحكومة أمراً سهلا، كما جرى في مصر، وسكت عنه المجتمع الدولي، لان الأمر حينئذ سيعد عملاً طائفياً من قبل العلويين ضد السنة، وسيعود الأمر الى المربع الأول.لذا كان الحل الوحيد أمام الغرب، هو التخلص من القوة العسكرية التابعة للمعارضة الإسلاموية السورية، والمتمثلة بالجيش الحر، من خلال شق صفوفها، وتمكين الجماعات الإرهابية التي صنعتها المخابرات الغربية، أمثال داعش، والجماعات الأخرى المدعومة من قبل حلفاء الولايات المتحدة مثل الجبهة الإسلامية، لذا حينما شعرت قيادات الجيش الحر الميدانية بالخطر، هرب بعضها وانظم البعض منهم سيما القيادات البعثية الى الجيش النظامي, والبعض الآخر الى التنظيمات الإرهابية.
https://telegram.me/buratha