صالح المحنّه
نتذكّرُ جميعاَ الجلسةَ البرلمانيةَ الأولى التي جاءت بعد مخاضٍ عسيرٍ، والتي تحقق فيها النصاب القانوني بأعلى نسبة من الحضور حيث حضر 295 نائبا من اصل 325 نائب، وهي الأخيرة في سجل البرلمان العراقي على مستوى حضور جلساته من قبل أعضاءه ، فبعضهم أختفى بعد أداء القسم الى يومنا هذا ! في تلك الجلسة التي أُنتخب فيها رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان تخلّلها بعض الخلافات على درج بعض البنود التي أُتفق عليها في إجتماع أربيل والتي طالب بإدراجها أعضاء من القائمة العراقية ، ولما رُفضت من قبل التحالف الوطني والكردستاني ..إنسحب قادة وأعضاء القائمة العراقية برئاسة الدكتور أياد علاوي وعدّوا ذلك نقضاَ للإتفاق الذي جرى بين المالكي وعلاوي والبرزاني ، ليس هذا موضوعنا ولم يكن بالإهميةِ التي تستحق الذكر، ولكن ما يهمّنا هو موقف أسامة النجيفي آنذاك ..عندما إنسحبت قائمته من البرلمان طالبه أعضاءُها بالإنسحابِ معهم فكان ردُّه حينها ردّاً عراقياَ بثَّ في نفوسنا شيئاً من الأمل ، وصفّقَ له الجميع داخل مجلس النواب وأمام شاشات التلفزيون ، عندما قال أنا الآن رئيس مجلس البرلمان العراقي.. وليس عضو لقائمة.. فرحنا كثيراَ لهذا التحرر من الحزبية وتفائلنا خيراً وتمنينا أن نسمع تلك الجملة من جميع أعضاء البرلمان.. وبدأنا نتابع مواقفه..ولكن للأسف سرعان ماخابت آمالنا به وبغيره وتبين لنا زيّف الإدعاءات ودجل الشعارات ..وماكان جوابُه إلا لحظة فرح بنشوة كرسي الرئاسة البرلمانية ! وأن لاإرادة للشعب في مضامين أفعالهم، إنما هي إرادة قائد الحزب ورئيس الكتلة ! .. ولقد شاهدنا ومنذ أربع سنوات .. مجموعةٌ تنسحب واخرى تعود دون أي إعتبار للشعب.. وحتى لانبخس المخلصين إشياءهم ، هناك من حاول وسعى لخدمة ابناء شعبه ، ولكنّه مقيدٌ في طرحه وحركاته ، ولايضمن بقاءه أو إنسحابه من البرلمان في أي وقت شاء قائد كتلته ! ولا خيار له أو للشعب في ذلك الأمر ! بل الأمر كُلّه للرئيس ، وهناك أيضا مَنْ سعى أن يكون ممثّلا للذين إنتخبوه ، ولكن جهوده الفردية لاتقاوم تيّار الرفض المضّاد الى سعيه ، وبين أيدينا الكثيرُ من الشواهد وليس قانون التقاعد عنّا ببعيد ، هذا القانون الذي تنتظره شريحةٌ واسعةٌ من الشعب العراقي ، ملايين الأفواه بحاجة الى مد يد العون لهم والإسراع في إنجازه وهم بأمس الحاجة إليه ، فمالذي جرى ؟ أنجزوه وصوّتوا عليه ولكن ضمّنوه أسباب فشله وتعطيله ! عندما مرّروا المواد 37 و38 الخاصّتين بإمتيازاتهم التقاعدية!! ويعلمون أنهم خالفوا بذلك إرادة الشعب العراقي ، ووصايا المرجعية الدينية ، التي تحثّهم على عدم التفرقة بينهم وبين باقي الشعب .. إضافة الى عدم إلتزامهم بقرار المحكمة الإتحادية الذي صدر بتاريخ 12/10/2013 ..والذي ينصُّ على إلغاء رواتب رئيس واعضاء البرلمان ..أربع سنوات شارفت على الإنتهاء ، لم تتقدمْ فيها عجلة الإعمار بما يتناسب وحجم ثروات العراق وصادراته النفطية ،ولم يستقر البلد أمنياً، ولم تتحقق الوعود التي قطعوها على أنفسهم ، مايُثير الإستغراب أن الكثير من اعضاء مجلس النواب الذين أقل مايوصفون به هو الفشل ، عادوا اليوم بنفس الشعارات السابقة مع بعض التحديث لبرامجهم الشكلية ، وللمرة الثالثة أوالثانية يقدّمون أنفسهم ويسوّقوها كممثلين للشعب ! مع إنّهم مطالبون بالإعتذار للشعب العراقي ومن عوائل الشهداء ، لأنهم سكتوا وأغمضوا عيونهم عمّا يحدث من إختراقات أمنية ، ولم يعترضوا على عودة قيادات البعث الذين كانوا أداة القمع والقتل والتدمير بيد النظام السابق ! عشرات الجرائم تُرتكب يوميا بحق الأبرياء...وممثلوا الشعب صامتون! لكنّهم ينتفضون وينسحبون ويعطلون ملفات تخص الشعب والعراق .. إذا ماتعرّض أحدهم للإعتقال على تهمة إرهابية أو فسادٍ مالي ! ولاعرقٌ لهم ينبض لدماء العراقيين التي روت أرضَ العراق ظُلماً !!! مع ذلك يحاولون العودة مرّة أخرى ولو بعناوينٍ مقلوبة !
https://telegram.me/buratha