بسمه تعالى
كثيرة هي الاراء التي تطرح مسألة الحجاب على انها اختيار لا تشريع وعلى ان الحجاب هو الصخرة الواقفة بباب الحرية الشخصية فيجعلون الفتاة امام اختيار على الرغم ان الواجب الشرعي يحتم على المكلف قبوله بشكل الزامي وبعيداً عن هكذا اراء لم تعي ماهو الاسلام ولم تفرق بين الواجب والمباح والمستحب حيث الالزام يثبت على الاولى فقط ويظهر الاختيار في الاخرتين نقف عند عتبة ألية الحجاب وتطبيقه بعد أشارة لامثال هؤلاء ناخذها من أقوال الجاهلية ! ففي عصر الجاهلية كان يطلق على ذات النقاب بالحرة وعلى المتجردة بألامة بمعنى اعطائهم صفة الحرية للمتسترة واعطاء صفة العبودية للمتبرجة بعكس حالنا اليوم والفضل يرجع لمعتنقي هذه الافكار والمروجين لها واللاعبين على حبال المصطلحات وتداخل مفاهيمها .
نعود الى حيث التساؤل عن ألية الحجاب وتطبيقه ومظهره العام , لقد أخذ الحجاب طابعا ً خاصا لكل منطقة ولنحصر كلامنا في رقعة معينة بزمان ومكان فالزمان هو العصر الحديث والمكان هو العراق فالحجاب قد بزر بحشمة عالية في المناطق المقدسة في النجف وكربلاء والكاظمية والمتمثل بالعباءة السوداء كما ان العباءة منتشرة في جنوب العراق ومناطق مختلفة اخرى ويختلف الوسط وباقي المناطق من حيث نوع الحجاب مابين التزام العباءة او ارتداء الملبس الفضفاض في ما يعرف ( بالجبة ) وقد يقتصر الى لبس قطعتين ( قميص وتنورة ) او الى ( قميص وبنطال ) والحقيقة ان نوع الحجاب متفاوت فيما بينه من جهة ومابين الانواع الاخرى من جهة مغايرة اي انه يمكن المقارنة بين امراتين بذات الملبس من الانواع التي ذكرناها غير ان الحشمة بادية على احدهما اكثر من الاخرى على الرغم من ان كليهما هو حجاب ولا يخفى من ان العباءة تبقى هي رمز الحشمة والوقار بين كل انواع الحجاب .
حقيقة ان اصل انتخابي لهذا الموضوع هي ادراكي من ان ثمة تراجع في ارتداء العباءة ونخص بالذكر في بلدنا حيث ان المغتربات لديهن الكثير من المبررات المقبولة في اختيار انواع اخرى من الحجاب مازال ان الشرع لم يقيد بنوع معين ولكن التساؤل هو لبنات الوطن العزيز واخص تساؤلي لفتيات كربلاء والنجف وتحديدا الجامعيات منهن , فما مشكلة تلازم العباءة مع كونك طالبة جامعية في جامعة في منطقة مقدسة .
ماسبب التراجع ؟ فهل ان العباءة لا تليق والتقدم الحاصل ؟ هل تشعرين معها بنقص الحرية ؟ هل تعيق التقدم العلمي والتواصل الاجتماعي والثقافي ؟
وقبل ذلك هل نفهم للحجاب معنى ؟ الحجاب انما وضع لتتحرر المرأة حيث ان حرية الانسان تظهر بنوعين داخلية وهي حربه مع شهوات ذاته وخارجية وهي حربه مع كل من يفرض سيطرته عليه ويحاول امتلاكه فالمرأة المتسترة هي التي يمكنها اختراق الميادين بسهولة كونها الاقل فتنة خاصة ان تحصنت بحجابات معنوية بحجاب اللسان ونبرة الصوت والنظرات مما يثير الريبة في قلوب الرجال ويُحدث الفتنة .
ان ادركنا ان العباءة انما هي اداة تسهل على المرأة التعامل مع المجتمع بنحو ايجابي لدخلت قلوبنا ولفضلناها على سائر انواع الحجاب الاخرى حيث انها تحافظ دون سواها على شكل واحد فمهما تفننت الخياطات في صنعها لم تتجاوز ( نوع الشيرازة او القماش ) فالثمان امتار ثابتة واللون ثابت والموديل متقارب جدا أما باقي انواع الحجاب فانها مع الاسف اخذت تميل نحو التبرج منها للحجاب فمتى كان البنطال الضيق والقميص القصير سترا ً ومتى كانت الالوان البراقة والمشعة حجابا ً ومتى كانت الشالات والحجابات المزينة جالبة للوقار .
نأسف وبشدة للاشكالات الواردة في حجاب طالبات الجامعات بنحو الخصوص خاصة الجامعات في محافظاتنا المقدسة بل وحتى الجامعات الدينية !! فالأمر يخرج شيئا فشيئاً من دائرة الشواذ وينتقل نحو العموم مما يوجب علينا الاشارة , والاشارة اشارة محبة ونصح وليس توبيخ ودافع لكل من تستطيع ان تعيد للحجاب السليم قناعته في عقول فتياتنا لابد من الاشارة والوعظ بنحو استمالة العقول والقلوب وليست بنحو التأسف والتوبيخ السلبي فحجاب المرأة مراة لعفافها ومذهبها ودينها بل انه رمز لها ويعكس قدسية المكان الذي تنتمي اليه بنحو التاكيد فالواجب التزام الحجاب في كل مكان .
ونتمنى ان لا يكون المانع من ارتدائها الخوف من واقع يقرأ ابطاله الظاهر فمهما هدرت المرأة من قيمتها تبرجا ً لن تصل لاشباع قراء الظاهر الذين تنهل عيونهم من غانيات الشاشات , وان الباحث عن القشور لا يستحق لألىء المحار فلا تصلح اللؤلوة الا لعفيف .
من واقع تجربة شخصية مررت بها وكنت اخشى فيها العباءة ان تتقاطع ودراستي وعملي المستقبلي ولاقتناعي من ان حجابي يعكس كثيرا من الحشمة ولكني في كل مرة كنت ازور فيها المراقد المقدسة وارتدي العباءة حينما اقف بين يدي اهل البيت ( ع ) احس بالخجل من انني اعكس اغلب الحشمة وليس كلها بحجابي اليومي والدليل انني لا ادخل بالجلباب في الروضة المقدسة مهما كانت حشمته اي ان حشمته ناقصة .
وشاءت الظروف ان خرجت من بغداد الى حيث وجب علي ارتداء العباءة وارتديتها وبدأت قناعتي بها تزداد وخاصة وانا الحظ حجم الحرية والثقة الذي احاطتني بها وتوقعت ان تغير المكان ربما تراجعت ولكن لله الحمد عندما تبدل المكان الى حيث العصرية المفرطة لازمتها رغم عدم مناسبتها والسبب لانها تلازمت مع روحي وقناعتي وصارت امرا ً افتخر به واشجع عليه من ترددت فاقدمي على تلك الخطوة ان كنت تترددين وليكن زيادة الحشمة هو الهدف وليس بالضرورة العباءة على وجه الخصوص فحقيقة حفظ الحجاب هو حفظ لهوية الاسلام .
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على اشرف الخير محمد واله الغر الميامين .
اختكم
المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha