المقالات

نحن والحركة الجوهرية

434 18:36:00 2014-02-25

حسن الهاشمي

تبدل الصور ليس معناه انتزاع الصورة الأولية والإتيان بصورة جديدة، أي ليس معناه الخلع واللبس، وإنما هو اللبس بعد اللبس، أشبه شيء بالإنسان الذي يلبس ثوبا جديدا على ثوبه القديم، فيتراءى للناظر إنه يتجدد بملابسه، ولكن الناظر لا ينظر إلى ملابسه الداخلية، هذا من قبيل النطفة والعلقة، فالنطفية لا تزول عندما تأتي العلقية، وهكذا المضغية لا تزول بعد مجيء الجنينية، ولكن غاية الأمر حصل شيء جديد، وهو الانسانية، فإنها تغطي على كل تلك الصور التي سبقتها، وهذا تطور في الأمر الوجودي الواحد وهو النطفة، ويقال عنه في الفلسفة بـ (الحركة الجوهرية) وهي حركة في نفس الجوهر وليس في المكان.(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)... (الروم /30) فالفطرة هي الأصل في وجود الإنسان، ولكن عندما تتقاذفه التيارات المنحرفة ذات اليمين وذات الشمال، إنما هي طوارئ التربية والبيئة والأجواء المحيطة، وكلما يجرد الإنسان السوي نفسه منها فهو في عيشة راضية، وبالطبع كلما انغمس وارتكس فيها لا تزيده إلا ابتعادا عن صفائها ونقائها وعفويتها الجامحة، وطالما يرنو الإنسان إزاء كل ما هو جميل بريء وديع في خلواته، ربما تكون بعيدة عن متبنياته ومعتقداته، ولكنها وخزة الضمير والفطرة توجع طالما بقيت شوائب للإنسانية فيه، حتى إذا اضمحلت فإن الحقائق عنده ستتبدل ويرى الأمور مقلوبة عكس ما يراه الإنسان السوي الذي يولد على الفطرة ويرجع إليها بين الفينة والأخرى ولا سيما في مضلات الفتن، فالأصل والجوهر واحد وما يشوبه من تشوهات ما هي إلا أعراض طارئة ليس إلا، ولكن هذه الأعراض قابلة للجلاية فيتألق فيها الجوهر ويشع نورا وتلألئا، أما إذا ما كانت بعيدة عن الجلاء فإن الصدأ يتراكم عليها وتصبح أشبه ما تكون بالصفيحة التي ينخر فيها السوس لا خير يرتجى منها ولا عطاء. ومن هذا المنطلق نحن بحاجة إلى حركة جوهرية فيما هو مضمر في ذواتنا من فطرة التوحيد التي تحمل بين طياتها كل معاني الجمال والكمال، الجمال في المأكل والملبس والنظافة والبناء والتطور، والكمال في التخلق بأخلاق الله والتأدب بأدب الأنبياء والأولياء والصالحين، فبالجمال المادي والكمال المعنوي نستطيع أن نزيح عن طريقنا عقبة الطاغوت وما يمثله من خبث ومقالب ومفاسد ومآثم يوجدها عثراء ظلماء لكي لا نصل إلى ما نصبو إليه، لأنه مكمن حياتنا ومضمر تمنياته! ومثلما النطفة تتغلب على كل تقلباتها الدموية واللحمية والعظمية والروحية حتى تصير ذلك الخلق السوي والقويم في حركتها الجوهرية، فإننا بحاجة إلى نفس تلك الهمة للتغلب على كل ما يحول دون الوصول إلى الكمال بشقيه في حركتنا الجوهرية الكادحة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك