سعد الفكيكي
في المنازلات القتالية قديماً؛ يتبارز فارسين في الميدان، ويُظهران كل ما لديهما من القوة والشجاعة، من أجل أن يتغلب أحدهما على الآخر، وسيكون الأقوى والأشجع هو من ينتصر في النهاية، وفي مبارزات الحروب، يُقتل الخصم. هكذا هي السجالات السياسية في هذه الأيام، فمنذُ أنسحاب القوات الأمريكية من العراق عام(2011)، والوضع الأمني في تدهور متزايد، مع أنه لم يستقر يوماً منذٌ احتلاله عام(2003).وبرزت في الأونة الأخيرة، نظرية(كل فئة تعتقد أنها الأصلح والأفضل لقيادة البلاد)، وأخذت وسائل الأعلام التابعة لهم بالترويج لذلك، والأبعد تظهير مساوئ الأخرين، وأستغلالها لأغراض الدعايات والتسقيط، فقد ضاعت المقاييس والمعايير المهنية، وتم الغاء حدود الأحترام، وأنخفض مؤشر الأخلاق عند البعض، وبرزت التكتلات، بل أصبحت هناك أستيراتيجيات للتسقيط، وعدم فسح المجال للأخر ليقدم شيء مفيد، ويمكن أن نطلق عليه(تناحر الخصوم السياسيين)، في تشبيه لما كان يحصل، في زمن المنازلات القديمة، ولكن هذا التناحر لم يعتمد السيف كسلاح، وأنما(الأيدلوجية الحزبية)، لغرض الوصول الى السلطة، مع أنحسار دور القوى الوطنية المعتدلة. أن أحتدام الصراع السياسي؛ أوجد تركيبة غريبة من الأزمات، التي يصعب الوقوف فيها على الحياد، لأنها غالباً ما تظهر بشكل صراع بين القوى الوطنية وغير الوطنية، ولكن في الحقيقة هي أبعد من ذلك، لأنها مبطنة ومغلفة ومتسمية بأسماء الدين والوطنية، والوجه الخطير هو وجه(الطائفية السياسية)، الذي ركز فكرة الصراع وخلق التجاذب في المجتمع العراقي نحو مركز الطائفية، فحدث الأنعزال الواضح لنسيج المجتمع، ومهد الأرض لأنطلاق الأفكار المضادة لمفهوم الوحدة والوطنية، المرتبطة بهذا الأنعزال، ومنها ليس معي فهو ضدي، بأعتبار أن هناك خصمين في الساحة الطائفية. المعروف أن السياسات الحكومية هي التي تعالج الظواهر الأجتماعية السلبية، لأن هذه الظواهر هي أعراض جانبية لسياسات الدولة، ولكن أذا كانت الحكومة تضع نفسها في مركز هذا الصراع، ومنغمسة فيه، ولم تنمي وتطور قدراتها وأستيراتيجياتها بما يكفي للسيطرة على الملف الأمني، ولم تؤهل منظومتها الأجتماعية لمعالجة أحتقان المجتمع، فكيف سيكون الحال؟ أخر الكلام: أن الأزمات المتكررة؛ التي أصبحت تأخذ مأخذها من راحة المواطن، هي في حقيقتها صراعات سياسية ذات تأثيرات أجتماعية واسعة، ولا يمكن التخلص منها ما لم تبدأ الحكومة بمعالجتها من جذورها أجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، وهذا ما أكده أحد الأقطاب السياسية المعتدلة، عندما أطلق مبادرة(أنبارنا الصامدة)، وما تعرضت لها من أنتقادات في البداية، ولكن أدرك المسؤولين الحكوميين أهميتها في القضاء على الأزمة ، مما دفعهم الى تنفيذها بيد أخرى، ولكن بعد فوات الأوان، الأمر الذي ضاعف المقدمات ودخولها حيز التنازلات، فعدو الأمس أصبح صديق اليوم.
https://telegram.me/buratha