عمار جبار لعيبي الكعبي
كل متتبع لتاريخ العراق وجد العجب العجاب في تاريخ هذا البلد العجيب , ففي كل حقبة يظهر لنا دكتاتور , بحلة جديدة وفكر جديد يطرحه على الساحة مستغلا ً عدم وعي شرائح كبيرة من المجتمع , مستغلا ً العاطفة الغالبة على العقل والتفكير المنطقي المتأني , فعاش العراق في عدة مراحل تميزت بالقومية , وأصبح الجميع ينعق بهذا الشعار دون النظر إلى الغايات والأهداف لرافعي هذا الشعار, وتميزت المراحل الأخرى بالمناطقية , وسيطرة جماعات معينة على الحكم والسلطة وأصبح السواد الأعظم يعمل كخادم لهذه الجماعات التي عادت بنا إلى عصر الإقطاع , وكنا على مر الحقب الزمنية منذ تأسيس الدولة العراقية نفتقر إلى وجود قيادة تحتوي الجميع , وتتكلم باسم الجميع , من دون تهميش أو إقصاء لعرق أو طائفة أو فئة معينة بغض النظر عما يجعلها تختلف عن الباقين , وأن وجدت شخصية ذات نظرة بعيدة ومتزنة تجاه القضايا العراقية , فأن هناك من يقوم بمحاربتها ومنع إيصال أرائها إلى الناس , عن طريق التشويه تارة , والتشويش تارة ً أخرى , من قبل السلطة , التي تتميز بالخطاب اللاوطني , والمواقف المتناقضة والغير مدروسة , والتي لا تراعي وحدة العراق بقدر ما تراعي مصالحها , فالأكراد وفق منظور السلطة هم تارةً حلفاء وتارة ً أعداء , والسنة هم كذلك فالانبار تارة ً تكون داعية وأهلها عبارة عن مجموعة من الإرهابيين وتارة تكون محافظة عراقية مظلومة , وحتى الشيعة فنراهم يعاملون معاملة ابعد ما تكون عن كونهم الأغلبية والسواد الأعظم من الشعب العراقي , فمواقف السلطة محددة بمزاج رئيس الوزراء , الذي لم يمتلك رؤية وطنية تجمع أطياف الشعب وتوحدهم تحت راية العراق , فهو يصور للشيعة انه الحامي الوحيد لهم وان لم يبقى فلن تبقى راية للشيعة , ويصور للسنة انه الخيار الأمثل لهم نظرا ً للتنازلات التي قدمها لهم في الآونة الأخيرة , وهو صديق الأكراد عندما يتعلق الأمر بالحصول بالولاية الثالثة , فليس هناك مبادئ أو أخلاق تحكم عمله , وإنما منهجه هو منهج الميكافيلية , فالغاية تبرر الوسيلة , وان ذهب ضحية غايته آلاف القتلى والجرحى كما حصل في قادسيته في الانبار , فبعد القتل الذي طال قواتنا الأمنية وتهجير العوائل في الانبار, عاد ليعطي وينفذ جميع المطالب المشروعة وغير المشروعة ويدفع الجزية , ويطيح بهيبة الدولة أرضا ً بالضربة القاضية والتي سنحتاج إلى عقود لاستعادتها بعد ما حصل في الانبار , فبماذا دخلت إلى الانبار يا رئيس الوزراء , وبماذا خرجت ؟!
https://telegram.me/buratha