ناصر جبار سلمان الساعدي
إذا ما احتكمنا إلى قيم الإسلام ... ونحن أبناء منطقة إسلامية والحمد لله ... فلا حاجة بنا إلى القول أن الإسلام دين العزة والكرامة الإنسانية ... وإذا ما تمثلنا الشمائل العربية فهي حافلة بالقيم التي تأبى الذل والضيم ... ولا شك ولا ريب أبداً بأن من أستهدف كرامتنا في الصميم بلا تردد ولا خجل ومن أشبعنا ضيماً هو الغرب باستعماره القديم ثم الجديد وما زال ...يعتبر منطقتنا حديقته الخلفية ... وها هي وفوده تترى لم تبارحنا اسبوعاً واحداً لا شوقاً برؤيتنا ولا براً بصلة رحم تربطه وإيانا وإنما إمعاناً بالهيمنة على مقدراتنا واستلاب خيراتنا وتكبيلنا من أن نتحرر ونستقل في قرارنا فذلك ما لا يناسب دور البقرة الحلوب ... !ولنا أن نساءل أنفسنا ما هو رصيد الإسلام في نفوس الذين يزايدون الاخرين على الاندكاك به حد العظم ... وما هو مستوى الغيرة التي يدّعيها البعض على مجتمع الصحابة من أن يطال مواقف بعضهم نقد أو تقييم وفق معايير الشريعة نفسها ... أقول أين غيرة أولئك على الأمة الإسلامية المغتصبة أرضها المسلوبة خيراتها الممتهنة كرامتها لحد تدخل الغربيين في إعادة صياغة مناهجها ... خشية أن نستذكر مآسي اغتصاب فلسطين لأن ذلك يغيظ إسرائيل ... أو تتغنى بملاحم عمر المختار وعبد الكريم الخطابي وعبد القادر الجزائري خشية أن تغتاظ إيطاليا وفرنسا ... أو تستذكر المواقف البطولية للسيد كاظم اليزدي والإمام محمد تقي الشيرازي والعشائر العراقية في مقاومة الاحتلال الإنكليزي للعراق ... لكي لا تزعل بريطانيا ... وحذار أن تتضمن التربية الوطنية قيماً ثورية ومطالب سيادية واستقلالية لأن ذلك لا يسرُّ أمريكا لانها تخشى من وعي امتنا... !فأولئك يريدوننا أمة بلا تأريخ مقاوم نعتز به ... نعم هم لا يضيرهم أن نلهج بترديد روايات تأريخية لا تمس من قريب او بعيد مصالح أمريكا وربائبها الغربيات.على أن أهم تحدٍ يواجه الأمة هو تعملق بيادق الغرب في المنطقة من أصحاب السمو والجلالة ... فقد كانوا بالأمس أميل إلى تمثيل الغرب في السر و في الخفاء... أما اليوم فأنهم يترنمون ويثقفون على العمالة علناً وعلى الهواء الطلق... لم يكونوا في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي قد تجرأوا كما تجرأ حاكم قطر قبل سنوات في استضافة (سيفني لينفي) وزير خارجية إسرائيل السابقة لتغرد في ندوة الدوحة عن الديقراطية ... كما لم يجدوا حرجاً عما تناقلته وسائل الإعلام من زيارات رجالات آل سعود وبقية الجوق الخليجي فلسطين المحتلة لعناق أشقاءهم اليهود مغتصبي الأرض الإسلامية ..!ليس على هامش الحج إلى ثاني الحرمين في القدس الشريف وإنما لمزيد من التآمر على نقاط قوة الأمة الإسلامية ولوأد معاقل المقاومة فيها. لعل المتابعين اليقظين لم يستغربوا ذلك فبالأمس في ستينيات القرن الماضي سافر ملك السعودية فيصل إلى باريس وقبل أن يستكمل برنامج زيارته فيها ... زاره مدير المخابرات الأمريكية CIA هناك .. فأبلغه بأن يقطع الزيارة ويعود إلى الرياض فوراً ويعد العُدّة للتدخل لوأد ثورة اليمن الجديدة من أجل أن يستثير ذلك التدخل جمال عبد الناصر الذي سيتدخل في اليمن نصرةً للثوار حتماً ما يدعو إلى توريطه في هذه المسألة كخطوة لإسقاطه من الحكم ... ولعل المتابعين لا يستغربون فبالأمس وعند التخطيط الغربي الإسرائيلي لتوجيه ضربة خاطفة لأهم المواقع القوية والستراتيجية في كل من مصر وسوريا ليمنى العرب بأفدح خطب وأنكر هزيمة في 5 حزيران 1967 ... فكان ملك السعودية فيصل ممن أُبلغ بهذا الحرب قبل ليله من نشوبها بواسطة السفير الأمريكي في الرياض ...مُذكراً إياه بأن ذلك سر ... وما تجاوز الاثنين شاع ... !فتأريخ هذه العائلة المرتهن بالمخططات الاستعمارية ضارب في عمق التأريخ وكان الفضل لشركة الهند الشرقية البريطانية التي شخصت لياقتها لآداء الدور الذي سيوكل إليها منذ اواسط القرن السادس عشر حيث أجرت لهذه العائلة مرتبات سنوية ثم تطورت إلى شهرية بمئات الليرات الذهبية ... فحين قررت بريطانيا طرد حليفها الشريف حسين بالغرم من الوعود البريطانية بتمليكه على ارض العرب من خلال رسائله مع مكماهون عام 1915 بعد نجاح ثورته العربية الكبرى بتمويل وتخطيط بريطانيين لطرد الدولة العثمانية ... وبعد اطّلاعه على الكيد البريطاني الفرنسي كشفت الثورة الروسية اكتوبر عام 19917 أسرار المعاهدة الخفية (سايكس- بيكو) ولا رصيد للشريف فيها ... حينما تمّلكه هول الصدمة ... قالت له بريطانيا سننفيك إلى قبرص مراعاة لمشاعر أصدقاءنا القدماء آل سعود ... فعادت هذه العائلة منتجعاً لدهاقنة الساسة الغرب ومعقلاً لوأد كل جذوة تحرر من براثن الاستعمار عربية كانت أو إسلامية ... وباتوا المؤتمنين على مصالح المستعمر الطامع وإلى اليوم وإلى اليوم.فهنيئاً لمن يمسك بأذيال خدام الحرمين طريقاً إلى الفردوس الأخروي ... وهنيئاً لمن ينشد الديمقراطية في سوريا بقوة براميل النفط الخليجي ... ويلتمس شفاء الجروح في مستشفيات تل أبيب ...وهنيئاً للداعشيين الذين اصاخوا أسماعنا بلعن المحتل الأمريكي للعراق ... ولا مرجعية لهم اليوم إلاّ وكلاء المحتل في المنطقة من أصحاب المال والجلالة.
https://telegram.me/buratha