حيدر الفلوجي
بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى : (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) النحل:105.
الكذب هو حالة مقيتة عند جميع خلق الله، ويقابل كلمة الكذب الصدق، وقد ورد في لسان العرب لمعاني الكذب :والفِرْيةُ: الكذب. فَرَى كذباً فَرْياً وافْتَراه: اختلقه.ورج فَرِيٌّ ومِفْرًى وإِنه لقَبِيح الفِرْية؛ عن اللحياني. الليث: يقال فَرَى فلان الكذب يَفْريه إِذا اختلقه، والفِرْية من الكذب.وقال غيره: افْتَرَى الكذب يَفْترِيه اختلقه.وفي التنزيل العزيز: أَم يقولون افْتَراه؛ أَي اختلقه.وفَرَى فلان كذا إِذا خلَقَه، وافتراه: اختلقه، والاسم الفِرْيَة.وجاء في مقاييس اللغة لمعنى الكذب : الكَذِب خِلاف الصِّدق. كَذَب كَذِباً.وجاء في الروايات حول الآية المذكورة: (إنما يفترض الكذب الذين لا يؤمنون) :أخرج ابن الخرائطي في مساوي الأخلاق و ابن عساكر في تاريخه عن عبد الله بن جراد: أنه سأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): هل يزني المؤمن؟ قال: قد يكون ذلك، قال: هل يسرق المؤمن؟ قال: قد يكون ذلك، قال: هل يكذب المؤمن؟ قال: لا، ثم أتبعها نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنما يفتري الكذب - الذين لا يؤمنون». و في تفسير العياشي، عن العباس بن الهلال عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام): أنه ذكر رجلا كذابا ثم قال: قال الله: «إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون». الميزان: تفسير اية 105 النحل. قال الامام زين العابدين(ع) : لولده: اتقوا الكذب الصغير منه والكبير في كل جد وهزل، فان الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير (الوسائل 140). ان الذي تقدم ما هو الا مدخل لموضوعنا، وهو حالة الكذب وخصوصاً عند المسؤولين، وإذا رجعنا الى حكومة اهل البيت(عليهم السلام) لوجدنا الصدق في جميع كلامهم وحركاتهم وصفاتهم ووعودهم وسلوكهم. الامام علي ع عندما انتخبه الناس وكان هو الوحيد من بين الصحابة الذين حكموا قد تم انتخابه من قبل الناس جميعاً ، والمتمثلة حكومته بحكومة العدل الإلهي، لم يكن كاذباً في حياته قط، لا قبل فترة حكمه ولا بعد استلامه للحكم، وفي مقولة شهيرة. له (عليه السلام): والله ما كَذبتُ ولا كُذبت. والإمام علي هو الصادق الأمين في حكمه الصادق الأمين مع رعيته، وهو الصادق الأمين في كل سلوكه، حكم ام لم يحكم، وهو القائل : ( ان امارتكم هذه لا تساوي عندي شيئاً إلّا ان أقيم حقاً او ادفع باطلاً) نهج البلاغة. فنظرية الحكم عند اهل البيت هدفها يكون ( إقامة الحق ودفع وإزهاق الباطل) ، وبكلمة اخرى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. حينما خرج الامام الحسين من مكة متوجهاً نحو الكوفة، وكان الناس قد خروجوا معه وأيدوه على دعوته ولثورته ضد نظام الكفر والفسوق المتمثلة بحكومة بني امية، فأعلن موقفه امام الجميع قائلاً : كأني بأواصالي هذه تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء. أوضح للمسلمين عن مسيرته التي هدفها التغيير ولكنه يحتاج الى تضحية من يسير مع ابي عبد الله الحسين( عليه السلام) اي ان الهدف في حالة التغيير من خلال التضحية بالدماء، ولم يكن كاذباً يوما ما ، لا قبل ثورته ولا اثناءها، وكان بإمكانه ان يعد الناس بما يأملون من الدنيا ويستقطبهم من خلال وعود كاذبة كما يفعل حكام اليوم من اتباعه ( عليه السلام)، وكان بإمكانه ان يجمع اعداداً تفوق أعداد جيش عمر بن سعد بكثير ، ولكنه لم يفعل تلك الممارسات لأنه القدوة ، لأنه يمثل منظومة القيم التي تتجسد في الارض، لأنه القدوة الصالحة التي يجب على الجميع الاقتداء بها. حكومة الاتباع نجد سلوكها هو أشبه بسلوك بني امية وبني العباس، في بعض حالاتهم ، حيث كانت حكومات بني امية تمتاز بالكذب والوعود الكاذبة وحمل العناوين البرّاقة، والهدف هو التحايل على الناس وخداعهم لأغراض الحكم وللأغراض الدنيوية. نحن نعيش ايام الانتخابات في هذه الفترة الزمنية الحرجة من تاريخ هذه الأمة، وسيرى الناس العناوين التي يحملها بعض اتباع اهل البيت ع ، سيجد الناس ألقاباً على مرشحين لا تنطبق تلك الألقاب الا على الانبياء والأئمة الطاهرين مثل (. الصادق الأمين ) وما شاكل.... وستبدأ الوعود الكاذبة والهدايا والرشاوي والاستحقار والاستخفاف بعقول الناس، وكل ذلك بعناوين اهل البيت واتباعهم، وأهل البيت( صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين) براء من كل كذّاب أثيم.
أتذكر حينما كنا في سوريا في عام( 1989-1992)كُنّا في منطقة السيدة زينب( صلوات ربي وسلامه عليها)، وكنّا نحضر في الحسينية الحيدرية في تلك المنطقة، وكنا نستمع الى المحاضرات التي كان يلقيها بعض رموز وقيادات حزب الدعوة من خلال بعض الندوات التي كانت تقيمها الحسينية الحيدرية، وكانت آنذاك في بناءها القديم( والحسينية الحيدرية كانت تابعة لحزب الدعوة)، وكان معظم العراقيين يحضرون في تلك الحسينية، وكنت استمع في تلك الفترة الى بعض الرموز يتحدثون بحرمة الذهاب الى الغرب، وان عواقب الهجرة الى الغرب يُعد بنوع من انواع التعرّب بعد الهجرة وكنا نأخذ ذلك الكلام على محمل الجد وكنا نعتبره حكماً شرعياً لا يمكن مخالفته0
ولكننا كُنّا نتفاجأ بتلك الرموز نفسها التي كانت تحرّم علينا الهجرة الى الغرب، كنا نسمع بأن تلك الشخصية وتلك العمامة وذلك الرمز هو من أوائل الواصلين الى الغرب، كنا في كل يوم نسمع بوصول ذلك الرمز وتلك الشخصية في الوقت الذي كانوا يحرّمون على الناس خروجهم، وبعدما منّ الله علينا بالخروج من سوريا الى بلاد الغرب، كُنّا نسأل بعضهم : لماذا كنتم تتحدثون في سوريا عن حرمة الهجرة الى الغرب وأنتم كُنْتُمْ من أوائل الذين وصلوا الى الغرب ؟ كانت الإجابة كالتالي : نحن أبناء هذه الأمة وقياداتها فأينما تواجدت الأمة لابد من تواجدنا معهم، ولا يمكن لنا التخلي عن امتنا .........
أقول: كذّابون أفّاكون، قال تعالى : ( إنما يفترق الكذب الذين لا يؤمنون) . يوم من الأيام حضرتْ واحدة من تلك الشخصيات من تلك الحركات الاسلامية الى السويد، وكانت تلك الشخصية تتحدث عن حرمة لبس الرباط( الذي يُوضع على القميص)، هذا الكلام كان قبل سقوط الطاغية، وبعدما سقط الطاغية وتوجهت الرموز الى العراق، كنا نشاهد ذلك الرمز اول اللابسين لذلك الرباط، وكان يتحدث بخروج الدجاجة من رحم القضية، والبودقة وعنقها وما شاكل ..... سبحان الله كذّابون أفّاكون ( إنما يفترق الكذب الذين لا يؤمنون) ..... ستأتي الانتخابات وستكثر الأكاذيب الا ما رحم ربي وانا لا اقصد الكل، فهناك مخلصون من كل الحركات الاسلامية، بل حتى من الحكومة الحالية والبرلمان، لا اقصد الجميع لأن صيغة العموم والأطلاق حرام وتحتاج الى دليل. وأحببت قبل ان اختم هذه الحلقة ان اذكر مجموعة من الأحاديث الواردة عن امير المؤمنين وسيد الموحدين علي ( عليه السلام) بما يتعلق بالكذب وما يرتبط به من آثار : قال امير المؤمنين :لايجد عبدٌ طعم الإيمان حتى يترك الكذب أعظمُ الخطايا عند الله اللسان الكذوبالكذب مهانة وخيانةمن عُرف بالكذب قلت الثقة بهلاتتحدث عن غير ثقة فتكون كذاباًثمرة الكذب المهانة في الدنيا والعذاب في الآخرة.الكذب يرديك وان امنتهالكذب فساد كل شيئالكذب شين اللسانالكذب يوجب الوقيعة.
الى الحلقة التالية ان شاء الله
https://telegram.me/buratha