في اليوم الذي سبق يومنا هذا، كتبت عمودا هنا، كان عنوانه (التحالف الوطني: هل أنتم شيعة حقا؟!) خلصت فيه الى نتيجة تفضي الى سؤال مفتوح، مؤداه هو هل أن التحالف الوطني يمثل حقا المكون الشيعي؟!..وكانت الإجابة على لسان ذلك الرجل الجنوبي العجوز الذي هز اليمنى المعروقة إستهزاءا، أو إستنكارا، متسائلا: إسألوا أعضاء التحالف الوطني، عن المسجد أو الحسينية التي يصلي أي منهم فيهما!
وبديهي أن سؤال الرجل الجنوبي العجوز، أرسل إشارة واضحة قوية وخطرة في آن واحد، عن ضعف علاقة أعضاء التحالف الوطني كأفراد وساسة، بقواعدهم الجماهيرية الشيعية، التي عادة ما يكون منطلق تحركها وميدانها الطبيعي؛ المساجد والحسينيات..لكن إشارة الرجل الجنوبي العجوز، لا تتحدث عن ضعف علاقة فقط، بل أنها قطعت الأمر بعدم وجود هكذا علاقة، أو على الأقل إنقطاعها!
الموضوع ينفتح على مواضيع أخرى الآن، من قبيل: ما هو حظ التحالف الوطني من الوجود على أرض الوقع؟! وإذا كان قائما فما هي آليات عمله كتحالف؟! وهل أن له بنية مؤسسية، يمكن للجماهير التعامل معها، والإحتكام إليها أو الرجوع لها كمرجعية سياسية؟! أم أنه هلام سياسي، ليس له معالم محددة؟! وإذا تجاوزنا هذه الأسئلة المستفزة، بكسر الزاي وبفتحها، وقبلنا بقول من يقول: أن التحالف يعمل بالحد الذي تقتضيه الظروف، فما هو مقدار هذا الحد؟!
في المشهد السياسي الراهن لا يسعنا أن نكذب على أنفسنا، ونتغابى ونقول: بأن التحالف يعمل ولو بالحد الأدنى، فيما مصاديق الإحتراب الداخلي بين أطرافه، والخلافات التي تعصف بالعلاقات البينية لأطرافه، والتي بين أيادينا من التواتر والكثرة، أكثر من أن تحتاج الى أن نوردها!
صحيح أن أطراف التحالف الوطني توافقت مرتين، على تمثيل المكون الذي تنتمي اليه؛ في تشكيل الحكومة، وفي المرة الأولى؛ وعندما كان أسمه الإئتلاف الوطني الموحد، كان التحالف متماسك نسبيا، ولكن بعد أربع سنوات من تجربة الحكم، لعب الملك في الرؤوس، فتباعدت أطرافه، و بعد ذلك في الأنتخابات التالية، كاد أن يموت، لولا أن الحاجة التي فرضتها؛ الخشية من إنفلات السلطة من أيديهم؛ كما تنفلت حبات الرمل الجافة من قبضة يد متعبة.
ولذلك وبعد لأي تشكل التحالف الوطني، على حد أدنى من الإتفاق بين أطرافه، وهو حد أنتج حكومة مثقلة بالمشكلات والقيود، وبلغت من الضعف والهزال، أن المشاركين فيها يضعون قدما فيها وقدما خارجها، بكل ما لذلك من إسقاطات ونتائج..
كلام قبل السلام: في المرحلة القادمة، لا يمكن توقع عودة التحالف الوطني ولو بحده الأدنى، وسيقتضي الأمر منا كجماهير له، أن نودعه منذ الآن الى مثواه الأخير، لكن ونحن نحمل النعش، علينا أن نبحث عن بديل قوي، وإلا لن نجد من يحمل نعشنا نحن أيضا !
سلام..
https://telegram.me/buratha