فلاح المشعل
أخطر مايحدث الآن من بعض العقليات السياسية الطائفية المتعصبة والمتملقة ،هو استغلال العاطفة الطائفية لدى بسطاء الشيعة الجعفرية والظهور بمظهر تمثيل حقهم والدفاع عنهم ، في وقت ترتكب بحقهم أبشع المفاسد التي تصادر حقوقهم وثرواتهم وتكرس ظلمهم التاريخي .في اليومين الأخيرين عمد مجلس الوزراء الى تمرير مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفرية ، الذي تقدم به وزير العدل حسن الشمري (عن حزب الفضيلة ) وهو يكرس عبودية وانتهاك كرامة المرأة ،ويعيد أسوأ سلوكيات زمن العبودية عندما يحيلها الى ارخص انواع البغاء وانعدام الحقوق والحريات .قانون الشمري المقترح إحلاله بدلا عن قانون الأحوال الشخصية رقم (188)لسنة 1959 ، يشكل انحداراً خطيراً في انتهاك الدستور العراقي الذي ينص على مشروع بناء الدولة المدنية الديمقراطية الضامنة لحقوق العراقيين بالتساوي وروح العدالة والمواطنة ، اما هذا القانون فيعني اشاعة ابشع أنواع الفكر الرجعي والمنهج الظلامي ، الذي يضع المرأة في إطار المتعة الجنسية فقط ، ويسقط عنها حقوقها الآدمية .ان زرع كراهية المرأة في المجتمع ، وعقدة مواقعة الصغيرات جنسيا حيث يشرع ذلك القانون في عمر 9سنوات ، يجعل اشتهاءات الذوات الشاذة تلتقي حول تمرير هذا القانون المقبل من زمن التوحش الجنسي والأزمنة السحيقة ..!؟
محاولة الشمري حلقة اخرى في مسلسل مصادرة الإنجازات التي تحققت للشعب العراقي في تشريعات تنصف ابناء البلد الواحد وتضعهم تحت سقف مستو من العدالة دون تمييز ديني أو طائفي أو عرقي أو مذهبي .ان خطوة السيد حسن الشمري تمثل إجراءا خطيرا سيفجر مشكلات ويعمق من الشرخ الطائفي وتكريس الإحتراب ودولة الطوائف ، لأنه يجنح الى استخدام مظلة الطائفة ويترك الشريعة الإسلامية التي اعتمدها القانون 188.الشيء الآخر الذي سيطلق الصراعات الطائفية والمذهبية في البلاد ان العراق محيط تتعايش به أديان ومذاهب وطوائف متعددة ، فإذا وضعنا قانون الأحوال الشخصية الجعفرية ، يظهر المكون السني ويطالب بسن قانون يعتمد فقه الإمام ابو حنيفة ، ومجموعة أخرى تطالب بقانون ينسجم مع مدرسة الإمام أنس بن مالك ، أو المدرسة النقشبندية التي تنتشر في المحيط الكوردي ، ثم يطالبك المسيحي بقانون يختص بدينه والموضوع يمتد للصابئة والأيزيدية والمجوس واليهود وغيرهم ..!يريد الوزير الشمري تكريس دولة الطوائف وفق توزيع القوانين وطبيعة المحاكم ، والذي يصطحب معه صراعات وخلافات لاتنتهي ابدا ..!هذا مشروع خطير جدا يجب ان يتنبه له الجميع ويقفوا بندية عالية ضده وفضح أهدافه المشؤومة ، بحملات يجب ان يبدأ بها الشيعة الجعفرية أولا لنثبت للآخرين أننا لسنا طائفيين ، ولانسمح بالمتاجرة الطائفية و السياسية بإسمنا وكأننا قطعان مقادة من قبل هذا الوزير الأمي او ذاك السياسي او الطائفي الدجال .ان أعمق أزمة تعيشها بلادنا منذ التغيير في 2003هي أزمة الصراع الطائفي ، ولاأدري لماذا تأتي مثل هكذا المشاريع لقوانين تعمق من أزمتنا بدلا من إذابتها ،وذلك من خلال تعزيز روح الوطنية العراقية ونشر ثقافة المواطنة والتشارك والتسامح والحفاظ على موارد الإتفاق ياشمري ..!قانون 188الصادر في زمن عبد الكريم قاسم عام 1959 كان ولم يزل يمثل الأنموذج في كل قوانين الأحوال الشخصية في البلاد العربية والإسلامية ، وهذا ليس كلامي وإنما صادر عن فقهاء بالقانون والشريعة الإسلامية ، وقد ورد في عشرات المراجع والندوات والأطاريح ياجناب الوزير ، ويمكن ان تسأل الوزراء الذين سبقوك أو الأخوة القضاة المتفقهون بالقضاء والشريعة .قانون رقم 188يعتمد الشريعة الإسلامية كمرجعية في الأحكام وليس مذهبا دون آخر ، وقد شارك بسنّه فقهاء من الطائفة الجعفرية الى جانب فقهاء الطوائف والأديان الأخرى ، وتمت فيه مراعاة مظاهر التطور والتنوع والحقوق الصادرة عن روح المجتمع العراقي ووحدته ، إضافة الى القوانين الصادرة عن الهيئات الدولية اعتمادا على لوائح حقوق الإنسان .من المؤسف ان يمرر مجلس الوزراء هذا القانون السيء الصيت ، وأنا على يقين بأن العراقيين الأحرار والوطنيين والحريصين على وحدة البلاد والشعب العراقي ، سيقفون ضد هذا القرار المشؤوم سواءا في مجلس النواب ام الأحزاب والقوى الوطنية ، وكذلك مرجعياتنا الحكيمة ، ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات النسوية ، وكل الخيرين الرافضين للدولة الطائفية والخراب الذي سببته للوطن والمواطن .دعونا نحتج ونتظاهر في تضامن صريح مع بناتنا واخواتنا حتى نسقط هذا القانون ونقبره في مهده .
https://telegram.me/buratha