حيدر عباس النداوي
مرة أخرى تدخل المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف على خط الأحداث السياسية بصورة مباشرة رغم ان مثل هذا الدخول يكاد يكون محصورا في القضايا المصيرية والمهمة وفي الأوقات الاستثنائية ليس لان المرجعية الدينية بعيدة عن مجريات الاحداث اليومية بل لانها تعتقد ان معالجة القضايا المختلفة من اختصاص السلطات الثلاثة وان وقتها لا يتسع للدخول في كل صغيرة وكبيرة ولان وجودها ابوي وراعي وماسك للتجربة برمتها،رغم ان دخلولها"اي المرجعية" لا يتعارض مع هذا الاختصاص ولا معطل او معرقل له بل هو مساند ومرسخ لهذه السلطات" التشريعية والقضائية والتنفيذية".واستجواب المرجعية الدينية العليا للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات يرسل اكثر من رسالة اهمها تلك التي تم تعميمها الى البرلمان والى المفوضية نفسها،فرسالة البرلمان مفادها ان الاستجواب كان يفترض ان يتم تحت قبة البرلمان وليس من قبل المرجعية الدينية لان هذه المهمة من صلب عمل ومهام البرلمان الا ان انشغال البرلمان بهمومه ومشاكله وضياعه وسط فوضى التصريحات والحملة الانتخابية جعل المرجعية تدخل بقوة لان ترك الحبل على غارب مجلس النواب سيعرض العملية الديمقراطية الى ثلمة كبيرة وقصور ربما لا يمكن معالجته او تلافيه لهذا وقفت المرجعية موقفها من اجل الاستفسار عن اليات توزيع بطاقات الناخبين واللغط الذي اثير عن بيع وشراء هذه البطاقات وعن احتمالات عدم وصولها او استلامها من كل المشمولين واليات ووقت توزيعها في المناطق الساخنة والملتهبة وكيفية اجراء الانتخابات في هذه المناطق كما ان الاستفسار لا يقتصر على بطاقة الناخب بل شمل ايضا الكيفية التي تم على ضوئها توسيع دائرة الاجتثاث والتي يبدوا انها في طريقها الى التوسع مع دخول القيود الجنائية ومحكمة النشر على خط السيف الذي سيذبح الكثير من المرشحين على منحر النزاهة والقيود والمسائلة والعدالة.الرسالة الثانية بموضوع الاستجواب كانت صريحة ومباشرة وموجهة للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات واوصلتها المرجعية بكل دقة وقوة عندما طالبتها باعتماد الشفافية والنزاهة والوقوف على مسافة واحدة من الجميع واعتماد الاليات الواضحة والبسيطة في توزيع بطاقات الناخبين وواضح ان مثل هذه المطالب وغيرها انما هي انعكاس لواقع مغاير يجري العمل فيه بمعنى ان المفوضية لو كانت تعمل بشفافية لما طالبتها المرجعية بمثل هذا الامر وكذلك في المواضيع الاخرى التي كانت محل اللقاء والبحث.ان المفوضية أمام فرصة جيدة لإثبات نوايا حسن النية في تعاملها مع المواضيع التي بذمتها اتجاه موقف المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف خاصة وان المرجعية أغلقت بابها بوجه أعلى سلطة تنفيذية والمتمثلة برئيس الوزراء لعدم رضاها على أسلوب إدارة البلد وما رافق هذه الإدارة من تراجع في الوضع الأمني والخدمي والصحي وفي جميع الملفات الأخرى.لكن الأمر المشرق في هذه الزيارة هو ان المرجعية لا زالت تعتقد بالتصحيح ولا زالت تعول على المفوضية العليا دورا كبيرا في إدارة العملية الانتخابية التي ستنتج بدورها حكومة جديدة يأمل الجميع بصلاحها وإخلاصها وجديتها لان نزاهة وشفافية الانتخابات ومشاركة جميع المكونات فيها يمثل انتصار لمبدا التداول السلمي للسلطة ويبعد عنها كل سهام النقد والتجريح والتسقيط .وهو شرف يسجل للمفوضية العليا يحسدها عليه الكثير من السياسيين وغير السياسيين من منظمات وهيئات ووزارات. السؤال الذي يمكن ان يتبادر الى الأذهان هو هل ان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ستلتزم بوصايا المرجعية الدينية العليا وتحديدا توجيهات وتوصيات المرجع الأعلى الامام السيد السيستاني وتدير العملية الانتخابية بحيادية وشفافية وكما طلبت المرجعية الدينية ام انها ستنبطح تحت سطوة السلطة التنفيذية وستترك وصايا المرجعية خلف ظهرها خاصة وان المرجعية لا تعزل ولا تعطي ولا ترهب ولا تضرب بسوط الإعفاء او سحب اليد.
https://telegram.me/buratha