محمد عبد الجواد
مظاهرات الانبار التي انطلقت قبل ما يزيد على عام والتي وصفها رئيس الوزراء نوري المالكي بـ (الفقاعة) ،في الوقت الذي عدته قوى سياسية عراقية شيعية عرفت بواقعيتها وخطابها المعتدل وقارئتها الإستراتيجية للوضع العراقي بأنه(تطور ايجابي وصحي في حراك الشارع السني ،بعد أن كان يعبر عن مطالبه باللجوء إلى حمل السلاح ويفضل المواجهة المسلحة مع الحكومة).
شكل وصف المالكي للتظاهرات بالفقاعة إحراجا للمجتمع الدولي الذي كان الداعم الرئيسي للتجربة الديمقراطية في العراق ،والتي تكفل حرية التظاهر!فضلا عن إحراج التحالف الوطني، الذي لا يرى في الخيار العسكري حلاُ شاملاً بقدر ما هو جزء من الحلول أذا لم يكن آخر الحلول.
اليوم تحولت الفقاعة إلى (معركة) ،وهذا يكشف غياب الحكمة والرؤية للحقيقة ،وان وصف التظاهرات كان ارتجالياً ،ولم يستند إلى قاعدة معلومات كان من المفترض ان تقدمها الكابية الاستشارية للسيد رئيس الوزراء!.
بالنتيجة تشير جميع التوقعات والدراسات ان معركة الانبار الجارية حالياً تشكل تهديداً حقيقياً لمصير العراق (المركزي) أو (الفدرالي )، ما لم يتحمل القادة العراقيين مسئولياتهم ،وأدراك الوطن من حافية الهاوية.
لأن مشكلة القوة النسبية بين الحكومة المركزية والمحافظات التي لم تحل حتى الآن بدأت تتكشف الآن خلال الصراع المفتوح على نحو متزايد بين بغداد وسلطات المحافظات، وأن مستقبل واستقرار العراق سيحدده الصراع على الحكم الذاتي وحرب بغداد ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام.
غير أن المميز في الصراع بين بغداد والمحافظات أنه غير طائفي وليس نتيجة لدسائس منظمات إرهابية مدعومة من الخارج، فالمحافظات السنية والشيعية على حد سواء يشككون في هيمنة الحكومة المركزية، خاصة في ظل الدعوات العلنية التي يوجهها أعضاء مجالس المحافظات بتحويلها إلى مناطق ذات حكم ذاتي على غرار النموذج الكردي.
وأن التوترات بين بغداد والمحافظات لم تكن كبيرة كما هي الآن، حيث ظلت المجالس تشتكي من الحكومة المركزية لسنوات، متهمة إياها بعرقلة عملية إعادة الأعمار عبر حجب الأموال المستحقة لهم، وإسناد المشاريع إلى وزارات غير فعالة في العاصمة، والنتيجة معاناة المواطنين من نقص الكهرباء والماء والخدمات الأساسية.
كذلك فأن المحافظات المتصارعة مع الحكومة المركزية تبغي الحكم الذاتي لما رأت من استقرار إقليم كردستان وقدرته على تقديم الخدمات لمواطنيه.
https://telegram.me/buratha