حــــامد العبــــــــادي
الأيمان ببعض الحقائق وإنكار بعضها يقابل الإيمان ببعض آيات الكتاب والكفر ببعضها ، بل هو كفر محض حقا ، أن تكون المواقف من ظاهرة الإرهاب حالة إنتقائية لهو شيء عجبا. يتفق جميع أصحاب الضمائر الحية من أبناء البشر على أن ظاهرة القتل والتخريب ومحاربة الحريات هي ظاهرة مقيتة محرمة شرعا وعرفا وقانونا أينما تفشت ولهذا صار من واجب الجميع محاربتها وتحجيمها والقضاء عليها ومعاقبة من يمارسها ويمولها ويتبنى نشر أفكارها.... فما بالك حينما تتبنى دول وحكومات وملوك وأمراء و رجال دين ومدارس دينية صناعة الإرهاب وتمنح نفسها الحق في تصديره الى الآخرين تحت عناوين إسلامية وقتلهم بإسم الإسلام تحقيقا لمصالحها؟
حكومة آل سعود اتخذت إجراءات حاسمة ضد قطر على خلفية مساعدتها لإخوان المسلمين ماديا ومعنويا في مصر من خلال تقديم المساعدات المالية ونشر أفكارهم في دول الخليج وحماية رجالهم ومفكريهم ومشايخهم وعلى رأسهم القرضاوي الذي أصبح خطابه مزعجا لآل سعود ودولة الأمارات.. إتخذت السعودية حزمة من الأجراءات ضد قطر منها سحب السفير السعودي وغلق مكاتب قناة الجزيرة الفضائية التي تقدم الدعم المعنوي لإخوان المسلمين ، والسبب الرئيس هو أن آل سعود يعلمون أن حزب إخوان المسلمين يعتبر البديل الشرعي لحكمهم السلفي سيما وأنه يتمتع بتأيد شعبي واسع ، وأن قطر استخدمته كضد نوعي لتقويض حكم آل سعود لتكون قطر زعيمة دول المنطقة بدلا من كيان آل سعود.
العجيب أن حكومة آل سعود لايختلف نهجها عن قطر في دعمها للإرهاب وجماعته في العراق وسوريا بل سمحت لكثير من مشايخها لإصدار فتاوى لقتل الشيعة والعمل على زعزعة أمن العراق تخريب العملية السياسية من خلال إرسال المقاتلين وبأعداد غفيرة وتقديم الأموال لعملائها من العراقين...! ويبدو للمتابع أن هناك عملية تنافسية بين الكيان السعودي وقطر في دعم المجاميع الإرهابية وتصديرها ، كما أن حكومة آل سعود أيدت فتاوى القرضاوي سابقا بقتل الشيعة ولم تستنكرها ولم تطلب من قطر طرده أو إسكاته..! وأذا كانت حكومة آل سعود اليوم تحتج على قطر بأنها منحت القرضاوي ملجأ ، فلماذا السعودية صارت مأوى للمدان طارق الهاشمي وحارث الضاري ورافع العيساوي وأعوانهم وغيرهم من المطلوبين؟ في حين أن هؤلاء الشخوص أخطر بكثير من القرضاوي على الأمن في المنطقة بأسرها وليس العراق فحسب ، أما قناة العربية لهي شقيقة قناة الجزيرة في دعم الإرهاب ومساندته ونشر أفكاره.
والسؤال أن هذا التناقض العجيب والغريب والتنافس في صناعة الإرهاب في المنطقة... الى أين سيقود السعودية وحلفائها ؟ نعم سيقودها الى الهاوية حتما..! فعليها أن تؤمن بأن الإرهاب الذي تصنعه قطر وتنشر أفكاره هو نفس الأرهاب الذي تصنعه السعودية وتدعمه بكل قواها لتدمير المنطقة وخصوصا شيعة العراق و اليمن والبحرين وغيرهم...
والغريب أيضا ان حكومة آل سعود وحلفائها لم يسألوا أنفسهم يوما ما ، ماذا لو أن هذه التفجيرات والمفخخات والأحزمة الناسفة وقعت يوميا في مدنهم مثل الرياض وجدة والطائف والدوحة والمنامة ودبي غيرها وبمعدل ثلاث الى ست انفجارات يومية تتبناه مجاميع مجنونة من البشر ردا على عملياتهم في العراق والشام ، فهل يتحملون البقاء فيها أياما؟ أو هل سيبقون في الحكم أياما؟ أوهل تستمر مؤسساتهم النفطية وبنوكهم وشركاتهم في العمل؟ أو هل سوف يستمرون في صناعة الإرهاب وتمويله في العراق واليمن والبحرين ولبنان؟ فما لهم كيف يحكمون؟ نعم إنهم يعلمون أن ليس في علماء الشيعة من يفتي بقتل البشر وتحت أي عنوان، ولكن قد تأتي الأيام بما لا يتوقعه أحد.
فهذه ليست دعوة لتوحيد وجهتي نظر مختلفتين في دعم الأرهاب بقدر ما هي دعوة للكف عن هذه السياسة الإرهابية التي تنتهجها حكومة آل سعود وحلفائها في تدمير دول المنطقة وإقتصادها ومن المؤكد أن نتاج هذه الصناعة الخبيثة سيعود عليهم بالدمار والخراب وسوف يشربون قسرا من نفس الكأس التي سقوها للأبرياء والأطفال والنساء في مدن العراق الشام واليمن والبحرين...!
أما قرارات حكومة آل سعود الأخيرة بخصوص منع إرسال الإرهابين و اصدار الفتاوى بتحريم الذهاب الى العراق والشام وغيرها فهذه إجراءات لأجل ذر الرماد في العيون لا غير أو لتجنب غضب روسيا التي تهددهم دائما لأنهم أضروا بمصالحها ، وإلا فالتمويل مستمر والطبخات السرية في الرياض مستمرة ليل نهار وبمساعدة بعض الخونة والمرتزقة من الذين يدعون أنهم ينتمون الى العراق.
https://telegram.me/buratha