خضير العواد
(علماً لقد كتب المقال في تاريخ 24-2-2013 لنفس الإزمة)
البرلمان هو أعلى سلطة تشريعية ويعتبر صمام الأمان للحكومات والشعوب في نفس الوقت ، لما له من دور فعال في السيطرة على الأوضاع وتهدأت الإمور في بعض الأحيان لأنه الوسيط المعتدل ما بين قواعده الذي أنتخبته والحكومة التي صادق عليها ، ويلتجأ الشعب والحكومة الى البرلمان في المخاطر الخارجية والداخلية لأنه المدافع الأول عن مصلحة الشعب والدولة ، ويعطي أعضاء البرلمان الأولوية القصوى في إقرار القوانيين التي تخص المواطن ويواضبون على الحضور ولا يتغيبون إلا في حالة الإضطرار
، ولكن الذي يحدث في العراق مغاير تماماً لعمل البرلمانات في العالم ، لأن البرلمان في الحالة العراقية هو المدافع الأول عن المصالح الفئوية والحزبية وأما المصالح الشعبية فتأتي تحصيل حاصل وليس هي الغاية أو الهدف ، وقد أثبتت هذه الرؤيا في عشرات التجارب التي مرة بها البرلمان في التصويت على القضايا أو القوانيين التي تهم المواطن ،
فبمجرد رفض قيادات الكتلة للقانون فأن أعضاء البرلمان يبقون في الكفتريا يأكلون ويشربون بأموال الشعب لكي لا يكتمل النصاب ومن ثم ترفع الجلسة لعدم إكتمال النصاب ، وما إقرارالموازنة إلا أبسط مثال على هذه الفئوية والحزبية التي تستهزيء بقضايا الشعب المهمة ومن ثم يُخسّر الدولة العشرات من مليارات الدولارات لعدم إقرار الموازنة وعضو البرلمان لا يكترث أو يتأثر لهذا الأمر الجلل الذي يمثل مستوى الحس الوطني عند عضو البرلمان وإحساسه بمعانات شعبه ،
وبمثل هذا التصرف تعطلت العشرات من القوانيين المهمة التي تخص حياة المواطن بشكل مباشر مثل قانون الأحزاب والإستثمار والتقاعد وغيرها كثير ، فقد أصبح البرلمان العراقي ساحة لتصفية النزاعات والمواقف وليس هو أهم مؤسسة للتشريع التي تنظيم حياة المواطن من أجل حياة أفضل ، بل أصبح البرلمان العراقي منتج للإزمات التي تهز الشارع العراقي في كل يوم ، بل أصبح هذا البرلمان يهيء الأجواء للإرهاب من خلال الإزمات التي يختلقها أعضاء البرلمان لأن بعد كل إزمة نلاحظ شوارع المحافظات قد علا في أجوائها صوت إنفجار السيارات المفخخة أو العبوات الناسفة وفي شوارعها سالت الدماء الطاهرة للمواطنين الأبرياء العزل ، وبعد كل هذا الإستهتار من قبل الكثير من البرلمانيين بحقوق الشعب ولعدم وجود أي سلطة أو قوة تحاسبهم على هذا الإنحلال وعدم المبالاة بحياة المواطنين وما يعانون يجب على الشعب أن يحاسبهم من خلال صناديق الإنتخابات ويرفض إنتخابهم مرة ثانية ، وأما في الوقت الحالي ولعدم إقرار الموازنة بسبب المصالح الفئوية وغياب الحس الوطني وظهور الحس الطائفي البغيض فيجب على الشارع العراقي أن يقول كلمة الفصل في هذه الحالة التي تهدد حياته ومستقبله ،
فإذا كان أعضاء البرلمان لايقدرون أن يقوموا بمسؤوليتاهم التشريعية فعلا الشعب أن يأخذ زمام المبادرة وأن يجبر البرلمانيين بالمصادقة على الموازنة التي تمثل القلب الذي يغذي الجسد بالدماء لأن تأخر إقرار هذه الموازنة سيدفع العراق وعمليته السياسية الى المجهول الذي لا يحمد عقباه ، لهذا ولعدم قدرة السياسيين الوطنيين أن يمرروا الموازنة فيجب على الشعب مساندتهم بالخروج الى الشوارع بأعداد مليونية بما يوازي النسبة الجماهيرية للذين يريدون تمرير الموازنة ، وإلا فأن ترك التحالف الوطني والوطنيين الذين يعانون معه وحدهم أمام من يريد تدمير العملية السياسية فهذا تحدي قد تكون نتائجه وخيمة لهذا يحب أن يسند الجميع بعضه بعضا حتى ترسوا السفينة على سواحل الأمان .
خضير العواد
https://telegram.me/buratha