عاصف الجابري
ما أسهل البحث عن مكان واستغلال مكاسبه، كان ذلك وظيفة بسيطة الى هرم السلطة؛ لكن الأصعب أن تستطيع جعل الموقع مركز نتاج حيوي تنموي فاعل، يدير الأزمات لا يُدار بها، يستطيع الانتصار للمواطن؛ لا ينتصر عليه، يلتفت الأنظار الى الحقوق لا يلتف عليها، يتوقف ولا يقف يعترف لا يتمادى، يملك شجاعة المراجعة ولا يتراجع عن الهدف.
الدستور ضمن المساواة والعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات العادل، لا امتياز للرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة والبرلمان على مواطن، والجميع عليهم الانسياق خلف الإرادة الشعبية. يظهر إن عند جهينة الخبر اليقين، سوف ننتظر ونقول كلمتنا، المرجعية الدينية قالت وانتصرت لحقوق المواطن، في مرحلة مصيرية؛ حيث يُفتقد القمر في ليل العراق الحالك، سوء إدارة لدولة واقتصاد متردي وفقدان أمن في الشارع، والمؤسسات متقاعدة بلا إنتاج، ويتمنى أحدنا الموت في بيته ولا تمزقه المفخخات في الشارع، يتجرع العذاب وينتظر قرار الإرهاب والانتهازيين.
بفارغ الصبر كنا ننتظر إقرار قانون تقاعد منصف، نتأمل بعده المطالبة براتب للضمان الاجتماعي، وتقاعد للقطاع الخاص، وتحسين لمخصصات الزوجية والأطفال، وإطلاق خطط استراتيجية لمعالجة أزمة السكن، كنا نتمنى من الحكومة والبرلمان وأصحاب الدرجات الخاصة، أن يمسحوا شيء من سوداوية الصورة العالقة في عقل المواطن، ويبتعدوا عن الأنانية والطمع والجشع واستخفاف حق المواطن، يتذكروا مواقف التذلل والتودد أيام الانتخابات، والتجوال بين أحياء الفقراء وشم روائح البرك الأسنة، ويطبعوا في عقولهم عويل الأطفال الجياع في بيوت الصفيح، ويصدقوا ولو لمرة واحدة بموقف وطني، وهم يجمعون معاملات التعيين وتوزيع الأراضي والمسدسات وشراء الذمم، وليفكروا بعقول الصحوات والنخوات والفزعة الى الوطن الغارق في المشاكل والمجاعة والبؤس، أربعة ملايين منهم متقاعد تحت خط الفقر، أن لا يتبجحوا بإنشاء نافورة ورصيف يزفت ملفات الفساد والتأمر على الشعب، ويطابق سرهم علانيتهم ويخلعوا القناع الوطني عن وجوه العصابات.
انتظر الملايين قانون التقاعد، بعد تظاهرات ومطالب، بُحت الأصوات لها، واستنتجنا طغيان مصاصي الدماء والبترول وسراق القوت، قوانينهم لا تمت للنظريات الاقتصادية بصلة، وتقاعد متفاوت ظالم يأكل الانتهازيين كد المواطنين، خرج من زاوية ضيقة في أخر جلسات البرلمان لدورته التشريعية، كرس الصورة التي تستهدف الإطاحة به كونه من المفروض قبة الشعب، الجميع يقول لم أصوت على الفقرات التي تخص الامتيازات، وتنصل جماعي وهروب الى الامام من المشكلة، وأصابع الاتهام تساق الى الكتلة التي كانت تطالب بقانون التقاعد العادل، كأنه جاء بغفلة مجلس الوزراء! أو إن اللجنة القانونية البرلمانية كانت نائمة!
تخلى جماعي من المسؤولية، وتقاذفت الاتهامات، والحكومة ترمي الكرة في ساحة البرلمان، لكن كتلة المواطن اتخذت موقف صارم شجاع، مطالبة بكشف التصويت، وعزل كل من يثبت تورطه في هذه الفقرات السيئة، ولا تقبل ترشيحه، الشعب عليه أن يعرف منه له ومن عليه، ويصدر قرار: لا انتخاب لمن يسعى الى الامتيازات.
ليس معيبا ان يعترف الانسان بالخطأ، ويقف ولا يرمي التقصير على الأخرين، والاعتراف العلني أفضل من خداع مواطن أصبح مبصراَ لما يحاك ضده.
المواقف تحتاج الى شجاعة أهمها الاعتراف بالتقصير، والجرأة في اتخاذ المواقف، يبدأ بالنفس ثم الأقرب، ومن يملك المشروع الوطني لا يتردد ولا يتنازل عن الثوابت، والتغيير لا يحققه سوى رجال المواقف المصيرية، وكفا تستر على العيوب الكارثية. كتلة المواطن قررت فهل تملك الكتل الأخرى الشجاعة على طرد قياداتها؟
عاصف الجابري
https://telegram.me/buratha