ديوان الديوان
صورة اليوم لم تختلف كثيرا، عما كانت عليه بالأمس، بالرغم من زوال حكم الطاغية صدام، ومجيء النظام الديمقراطي. بالأمس بالغ (التكارتة) بالزهو والشموخ والجور والطغيان، بعد فترة طويلة تسنموا فيها هرم السلطة، وملئت جيوبهم بالأموال، حتى وصلوا الى مرحلة التباهي بالجاه والعشيرة والمنطقة، فبات لقب (التكريتي) يمثل عنواناً للتسلط، ورمزاً للرعب والاضطهاد والإستعباد. وذلك لم يأت دفعة واحدة وانما جاء تدريجياً، حتى اعتاد الشعب المغلوب على أمره؛ الخوف من ذلك اللقب.
اليوم وبعد مرور عقد من الزمن على سقوط نظام صدام المجرم وزوال سلطة (التكارتة)، عادت تلك الأمور لتظهر على الساحة من جديد. وأخذت الحكومة الديمقراطية تتحول الى صورة مشوهة شيئاً فشيء، وأصبحت تسير نحو منحدر خطير، يؤسس الى حالة أعوجاج في السلطة، قد لا يمكن تفادي نتائجه في المستقبل. السياسات الداخلية التي باتت تنتهجها الحكومة، أخذت تستخف بمقدرات الشعب، فخلقت له عشرات الأزمات مع ما يعانيه من ويلات الإرهاب والفساد المالي والإداري ونقص الخدمات وإنقطاع الكهرباء، حتى أصبحت الحكومة ذاتها جزءا من الأزمة. رائحة أفعال الحكومة المشينة أصبحت تزكم الأنوف، والرزايا التي كانت مخبأة خلف ستار الطائفية، بدأت تطفوا على السطح، بدءاً من فضيحة (حمودي) نجل رئيس الوزراء، والتي كشفت الوجه الحقيقي للسلطة الحاكمة، فالفساد أصبح أمراً طبيعيا لديهم، حتى أن رئيس الوزراء، ذكر حادثة إرسال ولده (حودي) لاجراء عملية أمنية، وكأنه جالس في ديوان عشائري، متحدثا عن بطولات إبنه! كذلك تبين لنا قصة (حمودي)؛ مدى تدخل أقارب المالكي في السلطة الحاكمة، حتى وصل ذلك التدخل الى حد التباهي ببطولات الأبن! مما يشير الى وجود العديد من الأقارب المتنفذين في مفاصل الدولة، على غرار (التكارتة)! حتى رئاسة الوزراء لم تختلف كثيراً عن رئاسة الجمهورية آبان حكم الهدام، فالحاكم واحد، والأبن متنفذ، وإن كان ذلك الأبن لا يمتلك أي مؤهلات، وذلك ما يفسر حصول حمودي على رتبة لواء، بالرغم من كونه في العشرينات من عمره وقد تخرج من جامعة كربلاء منذ عامين فقط! بدأت حكومتنا ولايتها الأولى كمولود مشوه، سمته الفشل الأمني الذي تجسد في التفجيرات اليومية والأغتيالات.
ثم شرعت ولايتها الثانية بمولود أكثر تشويها، حيث بدأت بشق الصف الشيعي، وتكريس حكم الحزب الواحد، والقائد الضرورة، وبدأت بعض العبارات المنبوذة، تعود الى قواميس السلطة، كالتخوين والإتهام بالعمالة والإرهاب تسقيطا للخصوم السياسيين. حكومتنا أصبحت تسعى الى الولاية الثالثة، فماذا يرتجى منها؟! لا ريب انها سوف تثقل كواهلنا بمولود مسخ جديد، وكذلك هو حال عشيرة السلطان الذي زجها في صور دعاياته الانتخابية المبكرة، تحت غطاء (معا لمحاربة الإرهاب)! غداً سيكون العنوان، معا لحكم الدولة، وللتمتع بثرواتها، والشعب المحروم يلعق الحجر! يا ترى هل سيسمح شعبنا الأبي بتشويه الديمقراطية في بلدنا العزيز، والتي ألفناها مولودا جميلا يمثل تطلعات الشعب المظلوم، نحو الرفاه والإزدهار والتقدم؟! هل سيسمح بمزيد من التجارب الفاشلة على غرار الولايتين السابقتين؟! لا بد لنا أن نغير، وان كنا قد نسينا بالأمس؛ أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، فعلينا ألّا نلدغ الثالثة.
https://telegram.me/buratha