أيام قلائل تفصل بيننا وبين الكرنفال الكبير- يوم الانتخابات- العرس المدوي باصوات واهازيج الفرح الرائع بروعة الانسان اذ يختار ممثليه صانعي مستقبله ومن يمثلون عقله وقلبه فهم صورته ونفسه، ويكون حسن أختياره فيه دليل عقله وثقافته وحضارته، وما يمثل طموحه واماله وامانيه وتطلعاته وأين هو من تاريخ اليوم وصناعة المستقبل. ولأن الحديث ذو شجون فليكن حديثنا صريحا جدا.
هذا الحديث يمثل محاولة جادة للإبحار والقراءة في المنهج السياسي للسيد السيستاني -بحسب اجتهادي وفهمي- أحب ان اشارككم فيه يا أحبتي وأخوتي، وأستثمره معكم، لتنقذنا الافكار بنتائج صلبة تكون بمثابة منطلق نحو اختيار سليم صنعته روح الأخلاص للعثور على منفذ الخلاص.
ستكون هذه القراءة والعملية الإبحارية في المنهج عبر محطات في المسيرة السيستانية:
1- شارك السيد في توجيه الشعب العراقي عبر منهج مدروس وواضح للوصول بالشعب العراقي لأرقى المراتب التقدمية حتى عرف بمقولته المشهورة كل أملي أن أرى الشعب العراقي عزيزا. ليرسم الملامح العامة للسياسة العراقية واضعا بصماته ذات الرؤية الواسعة، المستقاة من قراءة متواصلة لألوان السياسة العالمية واتقان لأدوات العصر من مدخلات ومخرجات ادارية وقانونية، ومعرفة بطبيعة عمل المنظمات العالمية وأثر الصياغات المشَكِلة لأي اتفاقية ومرجعية قانونية، ومن هنا أعلن مقترحاته في شكل الحُكم وإقرار الدستور وانتقل بالعراق نحو مرحلة متطورة لم تكن مبادئها السياسية تعتمل في ذهنية حتى سياسي العراق من معارضة- الخارج والداخل- فلا خطط استراتيجة واضحة لديهم ولا أوراق عمل ممنهجة النقاط والأفكار، بل مجموعة من الأفكار العائمة هنا وهناك.
وليس عليك أيها القارىء العزيز إلا ان تطالع كتاب النصوص الصادرة- عن سماحة المرجع تأليف حامد الخفاف- لخلق تصور اجمالي عن طبيعة ونمط التفكير الذي يحكم هذه الشخصية الكبيرة، وبلا شك نجح السيد في تعبيد الطريق للشعب العراقي من منطلق أبوي حريص على انتشال أمته من الضياع.
2- مر العراق بعملية انتخابية أفرزت حكومتين متتابعتين بقيادة رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي- أحد اعضاء حزب الدعوة المعروف- بعد إرهاصات طويلة ومخاض عسير. كان للسيد دور فاعل في تذليل الصعوبات ورفع الموانع كما لا يخفى على المطلعين.
3- تفاعل السيد وبقوة مع هذه الحكومة بقيادة نوري المالكي على أمل كبير في أن تحقق الأهداف المرجوة منها وإعطائها زخما مرجعيا في خطوة تستثمر كل الفرص المتاحة لإنجاح هذه الحكومة من قِبله تحقيقا لرغبات وطموحات الشعب.
4- لم تستطع حكومة المالكي ان تحقق طموحات الشعب العراقي والتي تمثل هدف وغاية السيد -كما اسلفنا- فقد ظهرت ملامح الإخفاق والتعثر عبر أمور نذكر اهمها:
أ- إزدياد الفوارق الإجتماعية والإقتصادية بين فئات الشعب العراقي الذي مثل بالضرورة ازدياد الفقر والبطالة وازدياد الجريمة وارتفاع أصوات الشكاية، وظهور سخط شعبي كبير، أدى إلى مظاهرات كبيرة، توقف السيد عن دعمها لعدم وضوح بعض الجهات التي تقف وراءها لها والأغراض المتوخاة منها وعول بقوة على العملية الإنتخابية لأنها الأسلم للجميع من حيث ضمان أسلوبها وطريقة حركتها وخضوعها للقوانين المتفق عليها مع رقابة دولية تكون نتائجها ممثلة لاختيار الشعب بلا مفاجئات الفتنة أو أختلاق الأحداث والإصططياد في الماء العكر كما هو الحال في المظاهرات حيث خيم شبح الأيادي الخفية وإن كانت المطالب في جزء منها مطالب حقه كما لا يخفى.
2- تمييز وتمايز أعضاء الحكومة العراقية بقيادة المالكي عن بقية أبناء الشعب من خلال محسوبيات تختص بعائلاتهم وأرحامهم وحصول الفئة المحيطة والموالية للحكومة وخصوصا لشخص المالكي على امتيازات غير مسبوقة خلافا لباقي الشعب.
3- التفرد بالسلطة بنحو مريع ومرعب فهناك وزارات هي بيد المالكي ومنذ سنوات طويلة واستغلال للقضاء بنحو سىء، بحيث بات القضاء- وهو من يجب ان يكون سلطة نزيهة ومحايدة- تحت سيطرة غير مسبوقة من قبل شخص المالكي وكأننا في نظام استبدادي ذو تفرد بالسلطة.
4- التلاعب بمصير الشعب والدخول في أزمات سياسية سواء مع دول الجوار أو مع السياسين في الداخل.
5- التهديد بملفات أمنية لأعضاء البرلمان وهو كاشف أن أمن البلد مرتبط بالولاء للمالكي فكل من يخرج عليه يخرج ملفه والقضية أشهر من ان تخفى فلقد برزت حتى على شاشات الاعلام في الواقعة المشهورة مع احد البرلمانيين العراقيين - عبد الناصر الجنابي - الذين بان انطوائهم في التنظيمات الإرهابية وكان على المالكي اعتقاله من البداية لا جعله ملف تهديد وابتزاز.
من مجموع ماتقدم لاحظ السيد السيستاني أن العراق يسير في غير الإتجاه المرسوم والمخطط له وشعر بأن كل مافعله لهذا الشعب يذهب سدى، فأخذ خطوات هي بمثابة تصويب للمسيرة العراقية وإرجاع الأمور إلى نصابها السليم.
1- أخذ في مقاطعة الساسة العراقيين -وعلى رأسهم دولة رئيس الوزراء - إعتراضا على الحكومة
والوضع المنتشر من تفشي الفساد في أركان الدولة وتكميم أفواه البرلمانيين المخلصين عبر لعبة الغياب واكتمال النصاب من عدمه، مما أدى الى ضياع الكثير من حقوق المواطن الفقير الذي لايستطيع فعل أي شي.
2- أوعز لممثليه في كربلاء والناطقيين باسمه للتأشير على الوضع السياسي والمعاشي للشعب العراقي وتقديم النصائح والعتاب والمعارضة واللوم للحكومة عبر جميع أعضائها.
3- شجب وأدان ممارسات الحكومة بإرسالها امتيازات رئيس الوزراء والوزراء والدرجات الخاصة، كما شجب وأدان تصويت البرلمان العراقي على القوانين ذات الإنتفاعات الشخصية.
4- أصدر بيانات توضح ما يُلّفق على شخصه واستغلال موقعه -المرجعي- في عملية واسعة النطاق من قبل السياسين لإعطاء شخوصهم حصانة وتشريع لإفعالهم -إستغلالا ًمنهم لحب الشعب لسماحة السيد -خصوصا مع قرب العملية الإنتخابية وأثنائها لتحصيل الصوت الانتخابي بغش الناس من قرب السيد له، ولقد تجلى بوضوح هذا المسلك في سياسة السيد عندما رد على ما أدلى به رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في تضخيم علاقته بالسيد في محاولة لاستمالة الجمهور عبر هذا الطريق الذي وقفت مرجعية السيد للحد منه لجعل الشعب على بصيرة من أمره ولكي لا يخضع لضغوطات خارجية تحد من حركته الإنتخابية.
بعد كل هذا جاءت الإشارة الكبيرة للشعب العراقي
- التغيير نحو الأفضل -
مع ترك الحرية للشعب ليتحمل نتائج الإختيار من حيث الإستجابة لهذا النداء من عدمه.
والتغيير الذي اراده السيد له أهداف متعددة :
1- أن يتعلم الشعب العراقي على التغيير وأن يثبت الشعب انه صاحب الكلمة الفصل وأنه صاحب السلطة الواقعية وأن مَن لا يكون خادما لهذا الشعب يجب أن يُزال ويُغير.
2- عدم تكرار شخصيات دكتاتورية في تأريخ الشعب العراقي فإن ما يحدث من تفرد المالكي بكل أدوات السلطة هو مقدمة لصنع دكتاتورية أخرى شواهدها كثيرة.
3- إن الدعوة للتغيير تقول للعراقيين أنه آن لكم ألا تغتروا بالمظاهر العنترية التي يقوم بها ساسة العراق وأن كل مايحدث من دعوى محاربة الإرهاب وغيرها مع عدم توقف نزيف الدماء هو مجرد بالونات إعلامية وصناعة لبطولات وهمية .
4- بيان نمط تدخل المرجعية وذلك عبر الإكتفاء بالنصح دون الإلزام الديني، مما يجعل الشعب العراقي مشارك فاعل في صناعة تأتريخه.
أيها العراقيون الواعون...
السيد السيستاني يدعوا وبوضوح للتغيير، فهو يرفض استقبال المالكي، ولا يستجيب لدعايات المالكي في علاقته به، ويُصدر بيانا يرفض فيه ما قاله المالكي من مبالغات، ويعتبر المالكي وبعنوان عام ممن لم يجلبوا الخير لهذا البلد.
نعم هو لا يصرح بذلك بل يعطي إشارات واضحة إما لأنه لا يريد أن يكون طرفا في النزاع ولا في الإختيار، أو لما ذكرناه سابقا من جعل الشعب يتحمل مسؤولياته، ليكون صاحب القرار الفاعل ولكنه مع ذلك كله وعلى أي احتمال لا يتخلى عن مسؤوليته في النصيحة والإرشاد واللبيب تكفيه الإشارة.
ومن هنا علينا ان نسال انفسنا كشعب عظيم:
1- هل سنختلف عن الماضيين ونستثمر الفرصة ونحدث التغيير نحو الأفضل أم سنبقى في مكانك راوح؟
2- هل سنسير خلف القائد والمرجع الذي كان معنا ولم يتخلى عنا؟ أم سنستجيب للدعايات والأهواء وتحويل القضية الى مسألة مزاجية؟
3-هل فعلا أن العراق لم ينجب رجالا غير هؤلاء الموجودون في السلطة، فنكون نحن العراقيون قداختصرنا تأريخنا في هؤلاء الثلة؟!
4- هل سنعيد ما فعله البعض من آبائنا مع علي الأب (ع)، فلانستجيب لعلي الإبن -المرجع-؟
5- هل سننتفض أمام الماكينة الإعلامية الضخمة لهذه الحكومة من دعايات وصور كما انتفضنا أمام تهديد المفخخات أم لا؟
وأخيرا :هل سيكون لنصائح السيد السيستاني- الذي يخاطبنا بهدوء أبوي- وقع في نفوسنا لتحقيق النصر؟!
العراق والعراقيون: هل التاريخ سيعيد نفسه فينا أم سيحصل التغيير من خلالنا ؟؟؟
التوقيع: (يوم الانتخابات يوم كرامتنا من خلال التغيير نحو الأفضل)
هكذا يقول السيستاني فهل نقوم بالتوقيع استجابة لقائدنا المحب الحقيقي أم لا؟
https://telegram.me/buratha