بلال الحكيم : كاتب يمني
لن يستطيع اليوم اي انسان في اي مكان من هذا العالم ان يذكر اسم العراق دون ان تتسارع المشاهد الملئية بالدخان والجثث والدمار والتهجير الى مخيلته . هذا امر قصري , فالعراق بالطبع لها من الحضور التاريخي والحضاري والمعنوي ما يطغى على اي حالة تفكر تمارس لاجل تكوين ذاكرة او صورة جمالية تخص هذا البلد العريق , ولكن كثافة المشهد المحترق الذي ينقل بشكل يومي وبصيغة ( خبرعاجل ) قد جعلت عنصر المفاجئة مفقود بفعل الروتينية اليومية لحالة الذعر .
كم من الخيارات يمتلك العراقيون للخروج من هذا المأزق الذي طال امده والذي دمر كل معاني الوطن الآمن والمستقر . بالطبع لايمتلكون سوى خيار واحد هو خيار بناء الدولة القوية والمقتدرة , وهذا لن يتم بحكم كل التجارب التاريخية الا من خلال صندوق الاقتراع الديمقراطي والشفاف .
وهذا ما يبدو فعلا بان العراقيون قد استوعبوه جيدا بل وكثفوا كل ذكرياتهم المريرة وواقعهم المخيف في لحظة قرار واحدة هي الذهاب باتجاه ذلك الصندوق المنقذ .
ويمكن ملاحظة ذلك بشكل جلي من خلال متابعة حجم وزخم الدعاية الانتخابية وفي نوعية البرامج التي يضعها المرشحون وفي تميز الكثير منهم من حيث الرؤية و الشعور بالمسوؤلية . اذن فالعراق امام الخيار النهائي والحاسم , وهذا ليس فقط حديث تشجيعي او تنظيري .
بل هو قراءة للواقع المأزوم والذي يحتاج الى قفزة واحدة وان تكون قفزة العمر والمستقبل كله .
ولان العراق اريد لها ان تتعرقل وان تتأخر في النهوض فان ذلك يجعل العراقيون في موقع التحدي وان يتوازا ذلك الحافز مع حجم الهجمة التي تعرضوا ولا يزالون يتعرضون لها .
المجتمع الدولي كله يترقب العراق , هل يستطيع ان يكون نموذجا ام انه سيفشل وسيبقى دولة عربية اخرى منهكة ومخترقة السيادة ومسلوبة القرار .
اشعر بتفائل , اشعر ان العراقيون قد اكتفوا من المعاناة وقد استنفذوا كل امكانيات الصبر والرضى السلبيتين .
انا كعربي :
اريد للعراق ان يعود , وان يكون عنصر فعال في المنظومة العربية والاسلامية وان يكون رقما صعبا , ونموذج للنجاح . وذلك ليس امر مستبعد او مستحيل فالعراق يملك من المقومات البشرية ما يجعله يصنع هذا الحلم وينسجه بايادي مؤمنة وواعية .
نريد العراق كما نريد سوريا وكما نريد اليمن ومصر والسودان نريد كل العرب ان يعودوا الى الحاضنة العربية الواحدة والقوية والمتحدية لقوى الاستكبار والاستعمار . وذلك لن يتم الى بتجاوز القوى الظلامية والتخريبة التي عاثت بالارض فسادا وجورا , كما وانها مناسبة لدعوة كل من ( السعودية وقطر) الى ترك الامريكي وترك الصهيوني والى التوجه نحو لم الشمل والتوقف عن تدريس الشباب ثقافة الموت والتفجير والذبح والكراهية فذلك كله لم يثبت بعد كل هذه السنيين سوى المقدرة على القتل و نشر الذعر والفتنة , وانه ليس قادر على اخضاع اي دولة او منطقة لصالح الجماعات الارهابية او من يقف وراءها من المستعمرين او من اربابهم المتأمرين .
* كاتب يمني
https://telegram.me/buratha