علي محمد البهادلي
ها هو موعد إجراء الانتخابات النيابية في العراق قد اقترب، وكل عراقي شريف يرنو إلى صناديق الاقتراع بنظر المحرَّق الملتاع الضامئ؛ ويدعو ربه أن لا يكون ما يرنو إليه سراباً، فقد أحرق قلوب العراقيين صدى وعطش جره إليهم جدب قلوب الطبقة السياسية ويبوسة مشاعر المنتفعين القاحلة.
أعتقد جازماً أن المدة الزمنية التي قضاها العراقيون مع الوعود البراقة وواقع الكتل السياسية التي تم إنتاجها في معامل الطائفية والقومية وطبخها تحت نار الإرهاب الأعمى والتخويف من الآخر، فضلاً عن شراء الذمم بالعملة الخضراء والمسكوكات الصفراء، أعتقد أن هذا الجحيم الذي لا يطيقه الحمير والبغال في أعالي الجبال، الذي اكتوى به أبناء الشعب العراقي الشرفاء من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه لم يعودوا يصبروا عليه طرفة عين أبداً؛ لذا هم مصرون على التغيير، لكن الأهم من ذلك كله هو تشخيص البديل واختياره لتسنم مقاليد الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ ليرسو بسفينة العراق إلى شاطئ السلام والأمان والرفاهية والارتقاء بالعراق وشعبه إلى مصاف الدول المتقدمة في المجالات كافة.
وقد يسأل سائل ما المواصفات التي يجب توافرها في المرشح ليكون البديل الناجح؟؟
في الحقيقة هناك عدة مواصفات ينبغي توافرها في المرشح لمن يريد التشخيص، وهذه المواصفات مجمع عليها إجمالاً عند أصحاب الاتجاه الديني وغيرهم من العقلاء وأصحاب الاتجاه العلماني، وإليكم هذه الصفات وإياكم والميل عنها أو تجاوزها إلى غيرها من المعايير الزائفة، والصفات هي :ـ
1. الأمانة، فامراة كابنة شعيب في سالف القرون والأزمان تقول لأبيها في قصتها مع موسى: ((يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين)) فإذا كانت إجارة شخص للرعي أو بعض الأمور البدائية تستوجب عقلاً أن يختار صاحب الأمانة في اليد والقلب واللسان ويستجيب نبي الله ولا يعترض فحري بالإنسان اللبيب أن يتأكد من تركيز هذه الصفة في نفس من يريد أن يسلمه الأمور العامة للبلد، ولا ينظر إلى ظاهره والتزامه بالطقوس الفارغة من الروح، فها هو السيد المسيح يذم رؤساء الشريعة اليهود ويقول: (( يلتهمون بيوت الأرامل ويتذرعون بإطالة الصلوات، هؤلاء ستنزل بهم دينونة أقسى)).
وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) - من عهده إلى بعض عماله - : إن أعظم الخيانة خيانة الأمة ، وأفظع الغش غش الأئمة .
وكفى بهذه الدرة العلوية من ناصح.
2. الوفاء، قال تعالى (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وعن عبد الله بن عامر قال: (دعتني أمي يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتها فقالت تعال أعطيك . فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أردت أن تعطيه؟ فقالت: أعطيه تمرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنك لو لم تعطيه شيئا كتبت عليك كذبة (فكيف بمن وعد الأمة أن يحقق الأمن ويجعل الاقتصاد مزدهراً والإعمار على قدم وساق ماذا يسمى هذا، وهل يجوز وينبغي للناخب أن يصوِّت له أم أنه من مصاديق هذه الآية كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ)) أيحسبون أن الشعب والله من وراءه غافلون عنهم كلا وألف لا!! وقفوهم إنهم مسؤولون.
3. الكفاية: وأوضح دليل ديني عل ذلك ، ويؤيده العقل، قول الله عز وجل على لسان يوسف ( اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) فقد جمع الصفتين الرئيستين في الذي يتوجب أن ينصب على الأمور العامة وهما الامانة والنزاهة (حفيظ) والكفاية والخبرة والاختصاص او التكنوقراط كما في القاموس السياسي الحديث (عليم) وعلى ذلك يؤكد النبي (ص) أي ينبغي أن يتولى أمور الناس من هو اكفاهم ,اكثرهم خبرة وليس أقربه لفلان أو فلان فقد قال ا صلى الله عليه وسلم { : من ولي من أمر المسلمين شيئا ، فولى رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله } . [ ص: 16 ] وفي رواية : { من قلد رجلا عملا على عصابة ، وهو يجد في تلك العصابة أرضى منه ، فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين } رواه الحاكم في صحيحه .
4. تقديمه رضا ربه على أي أمر آخر ، وهذا ما وصى به الإمام علي لمالك حين ولاه مصر (أمره بتقوى الله وإيثار طاعته ، واتباع ما أمر به في كتابه: من فرائضه وسننه التي لا يسعد أحد إلا باتباعها ، ولا يشقى إلا مع جحودها وإضاعتها ، وأن ينصر الله سبحانه بقلبه ويده ولسانه ، فإنه جل اسمه قد تكفل بنصر من نصره وإعزاز من أعزه) .
وأمره أن يكسر نفسه من الشهوات ويزعها عند الجمحات ، فإن النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم الله .
فلكم إخوتي وأخواتي الدور، فبإمكانكم أن تنصبوا ذوي الكفاية والنزاهة، وأن تزيحوا ذوي الجهل والدناءة والفساد، فإن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، وكل حليم بالإشارة يفهم فضلاً عن التصريحن كما يعبرون، ونحن وإياكم للتغيير غداً ذاهبون.
https://telegram.me/buratha