علاء التريج حقوقي ومستشار نفساني
كثيرا ما احدث نفسي عن طبيعة العلاقات بين الاشياء, سواء كانت سياسية او اجتماعية او دينية, وفي الكثير من الاحيان اجد ان هناك ترابط عجيب في طبيعة تلك العلاقات خصوصا المتعلقة بالسنن التاريخية. ان حالة التبادر الذهني في هذه الايام اخذتني الى عالم كله صخب ودماء ومواقف وتقلبات وتراجعات و وبطولات وايثار وتضحيات, عالم من التناقضات والتباينات المنطقية..
ان اكثرنا يلعن اقواما سبقت باعتبارهم تخلوا عن المواقف وباعوا ضمائرهم من اجل بضع سنين عاشوها وذهبوا؟! لكن الكثير منا ينسى ان ثمن الضمائر في الماضي لا يختلف عن ثمنه اليوم, فالماضي والحاضر عملته واحدة وهي البيع من اجل القدرة, ويدخل تحت هذا العنوان القدرة الحاكمية والمالية وحتى تصل الى الجسدية الحيوانية.. انها من اسرار الصراع في العالم. ان من اسباب بحثنا في هذه الموضوعات هي المواقف السياسية للمؤسسات والاحزاب وكذلك الافراد من الانتخابات وافرازاتها, ان ما حصل في النجف الاشرف من اعتداء على طلبة حوزة الامام علي ( ع ), وعندما اقول حوزة الامام ليس من باب التشريف باعتبارها تنتمي الى التشيع, بل من باب الحقيقة التاريخية وهي ان اول من وضع حجر الاساس لحوزة النجف هو الامام علي ( ع ) وان مرت في مراحل تراجعت فيها او انتقلت او... وهنا لا اود ان ادخل في بحث تاريخي حول الحوزة والمراحل التي مرت بها. قبل هذا الاعتداء كانت هناك فكرة تدور في ذهني وهي ما علاقة الذين اجرموا في العصور الاولى مرورا بالبعثة النبوية و وصولا الى يومنا هذا, ماهي علاقة اولائك بعصورنا من حيث الاثار والاثام والمنهج؟؟؟ فهل للقاتل الاول من ابناء ادم ( ع ) علاقة باخر جريمة قتل تحصل اليوم؟ وهل لرزية يوم الخميس علاقة بحالة التمرد التي يعيشها المسلمون؟ وهل لسقيفة بني ساعدة علاقة بالمؤامرات والانقلابات على السلطة؟ وما علاقة عدل علي ( ع ) بظلمنا؟ هل لنا دخل في خيانة الحسن وقتل الحسين ( ع )؟ ثم ما هي علاقة شهداء كربلاء بمواقفنا؟؟ اسئلة عديدة تتسع بسعة التاريخ يمكننا ان نجيب عليها بشكل مبسط.
ان مما لا شك فيه ان حركة الخير والشر لم تتوقفان على امتداد التاريخ الانساني.. فكان لكل منهما مؤسس وكان لكل منهما اتباع, فطوروا بالوسائل طولا وعرضا لكن المضمون بقى كما هو, قد يشتد حينا ويضعف حينا اخر. من اجل ان تكون الصورة واضحة للقارئ العزيز سأبدأ من حقبة تاريخية معروفة للجميع وهي الصدر الاول للاسلام, عندما اندفعت مجموعة من الناس بدافع الانا وحب الذات من اجل الوصول الى القدرة فخرقوا القانون الرباني واغتصبوا السلطة ودفعوا الائمة المعصومين ( ع ) عن مراتبهم التي رتبهم الله بها, فكانت النتيجة تشرذم المسلمين وقتل بعضهم بعضا وتشويه اسم الاسلام وو... ان مما لا يختلف عليه اثنان ان اؤلائك المغتصبين يتحملون اوزار وتبعات كل الذي يسفك من دماء وما تنتهك من حرمات الى يوم القيامة. لكن ما علاقة اثام العاصين اليوم بتلك الجرائم؟ ان الله تعالى جعل الذين يتمردون اليوم على امام الزمان ( عج ) ونوابه ( المراجع العظام ) شركاء بتلك الجرائم وان اختلفت نوعية الجريمة المرتكبة, فمن الممكن ان يحشر شيعي صائم مصلي مؤدي لكل الفرائض والمستحبات مع قتلت الامام الحسين لمجرد تعرضه لمرجع من مراجع الدين... بدليل ان الله تعالى عندما خاطب اليهود في زمن النبي محمد ( ص ) خاطبهم بانهم قتلت الانبياء علما ان بني اسرائيل الذين قتلوا الانبياء قد سبقوا احفادهم بمئات السنين ولم يشترك الاحفاد من الناحية الفعلية بتلك الجرائم, ان المفسرين يقولون ان الله اشركهم في ذلك العمل لنكرانهم دعوة النبي محمد ( ص )...
قال تعالى ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 91 البقرة.. اذن ان المدار هو الطاعة بمن الزم الله طاعتهم وهم النبي واله المعصومين, وفي زمن الغيبة احالنا المعصوم على نوابه وهم المراجع... من هنا يتبين لنا ان ليس بالضرورة ان اقتل حسينا كي اكون شمرا, وانما موقف لا حركة فيه قد يجعلك من اتباع ابن هند اكلة الاكباد, وقد تكون ممسكا بقلم وهو في حقيقته خنجرا يحز نحر الحسين(ع ), كما لا يجب عليك ان تركب خيلا لترض اضلاع ابن بنت النبي وحسبك ان تركب موجة المتهجمين على نوابه. ان الصمت عن حقيقة انت تعرفها اليوم قد تكون بمثابة التفريط بدم علي ( ع )... ان الدقة في اتخاذ المواقف هي التي تضعك على طريق النجاة, الجميع يتصور ان الحق معه والحقيقة تقول ان للحق طريق واحد وطرق الظلام متعددة فمن سلك طرق الظلام سيخسر دائما
https://telegram.me/buratha