نور الأعرجي
الشعوب الحرة دائماً ما تطمح الى التقدم في واقعها الحياتي، رغبةً منها بالعيش الكريم، مترجمةً تلك الرغبة بطريقة ديمقراطية، قد سنتها أغلب الدساتير في العصور المتقدمة، الا وهي الأنتخابات.
تخرج الناس وتختار من تعتقد بصدقيته في تلبية أمالها المنشودة، فتفرز ممثلين ينتجون المعادلة السياسية في هذا البلد أو ذاك.
السياسة هي من ترسم وتؤثر وتُحرك وتقود باقي المفاصل الحياتية، التي ترتبط ارتباطاً مهماً بحياة المواطنين، فتُعقد عليها الأمال وتُعد لها العُدة من قبل قادتها ومحركيها، للتنافس في استحصال ثقة الناخب بأعلى نتيجة ممكنة، مستنفرة بذلك أي (التيارات السياسية) كل ما تمتلك من قوة ومؤهلات، سواء كانت قوة سلطوية أو معنوية أو طائفية أو برامجية، فتنحاز خيارات الناخب الى من يجيد استعمال تلك القوى جميعاً، أو يتفنن في استثمار أو استغلال الأكثر تأثيراً.. كونه يفتقد للبعض منها، وكذلك فإن بعض التيارات يحرم على نفسه استعمال أحداهن لإعتقاده بحرمة أو لا قانونية استغلالهن، وهذا من عدمه يعبر عما يُضمر من أدبيات هذه التيارات السياسية، الذي رَسَمت ملامح انطلاقها على أساس تلك الأدبيات.
واقع الساحة السياسية العراقية، بعد عام 2003 نلحظ فيه الكثير من التقاطعات، ولعل السبب الرئيسي وراء الحد من عجلة التقدم يرجع الى هذه التقاطعات، نتيجة اختلاف أيدولوجيات الأحزاب السياسية في العراق، ومن الخطأ أن نفسر هذا الاختلاف بعدم شرعية جميع هذه الأحزاب، أو سوء نيتها.
الحقيقة أن بعض الأحزاب، تسير الى بناء هذا البلد، وفق رؤى منهجية وواقعية بمشاركة جميع أقطاب الشعب، والبعض الأخر تريد الحفاظ على وجودها، وتسعى للدفاع عن نفسها، للحصول على مغانم أكثر، أو الحفاظ على استحقاقها على أقل تقدير، وأخرى تسعى الى احتكارها قيادة البلد، وبغض النظر عن أنها صادقة في نيتها أو كاذبة.
بعد انتخابات 2014 تباينت أقطاب المعادلة السياسية العراقية، في الية تشكيل الحكومة، فمنهم من كان يدعو في دعايته الأنتخابية، الى مجرد مصطلحات لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، سوى الكسب الانتخابي وخداع الناس بمصطلحات ظناًً منهم على أنها المخلصة لمشاكلهم، وأخر كانت دعواته الى بناء مؤسسات، وفق برنامج واقعي قابل للتطبيق، بفريق حكومي قوي ومنسجم، يمثل جميع أطياف الشعب العراقي، ويرجع السبب على واقعية المنهج الأخير، بأنه الضامن لمشاركة كل ساحات الوطن، وحتى لا يبعث بالأخر شعور الأقصاء، وبالتالي عدم اطمئنانيته، فيندفع نحو مقاطعة الفريق الحكومي، مما يُصيب العمل الحكومي بالشلل.
هنا لا يمكن التعويل على من يعتبر أن السلطة هي كل شيء، مما يدفعه الى عدم الاعتراف بنجاحات الاخر، فضلاً عن محاولة عرقلته في مواقعه الحكومية، وما تعليق أحد النواب على أحد المحافظين "بالكناس"، رغم أن الأخير يفتخر بخدمته لمحافظته، بالرغم من حصوله على شهادات محلية ودولية، تثبت نجاحاته الخدمية، فمثل هذا الرأي يعبر عن عدم نضج العقلية السياسية لدى المتقول، أو لدى حزبه، فهل يمكن المخاطرة بهكذا منهج يقود العراق ؟!!!.
لذا دعت المرجعية كونها الضامن الحقيقي لحقوق العراقيين، والمدافع الأول لتطلعاته، على أنه يجب أن تشكل الحكومة، على أساس الفريق الذي يمثل كل أطياف الشعب العراقي، ويتم اختيار المسؤولين بمعايير الخبرة والكفاءة والنزاهة، فهذا الرأي قد قطع الطريق أمام مفهوم الأغلبية السياسية، التي تبنتها إحدى الأحزاب،.
إذا أردنا أن نمضي الى عراق الخير وتقليص المشاكل، فعلينا الاحتكام الى رأي المرجعية الدينية، فالتغيير نحو الأفضل هو شعار المرجعية.
https://telegram.me/buratha