اثارت تاكيدات المرجعية الاخيرة حول ضرورة الاسراع باصدار قانون المحكمة الاتحادية تساؤلات عدة حول طبيعة عمل المحكمة الاتحادية ورأي مرجعية النجف وبالذات مرجعية السيد السيستاني باداء المحكمة خلال الاعوام الثمان العجاف السابقة.
والملاحظ (مع الاسف الشديد) ان تناول الاحزاب والنخب السياسية تجاه المحكمة الاتحادية وقانونها كان اداءاً باهتاً يشير الى توق الكثير من النخب الى الاهتمام بما يخص الغنائم الوزارية دون اهتمام كبير ببناء مؤسسات الدولة التي تاتي في مقدمتها واكثرها خطراً المحكمة الاتحادية .
ويبدو للمراقبين ان تشديد المرجعية الرشيدة على دور المحكمة الاتحادية في خطبة الجمعة على حل النزاعات بين المركز والاقليم وبين المركز والحكومات المحلية يشير بوضوح الى ان المرجعية ترى ان هذا الدور غائب او مشوه بحيث انها تعيد على مسامعنا اهمية اقرار قانون المحكمة الاتحادية وطبيعة عمل هذه المحكمة وكأن المرجعية تتحدث عن شيء غير موجود او ان الموجود لايلبي طموحها وطموح العراقيين (ان لم نقل ان المرجعية كما يبدو لاتعترف بماهو قائم الان).
وليس تجنياً منا ان نقول ان المحكمة الاتحادية كانت تتجاوز احياناً دورها في التدخل بما هو خارج عن اختصاصاتها فيما كانت تترك قضايا جوهرية من لب اختصاصاتها بحجج غير منطقية من قبيل انها لاتنظر في قضايا لم يتقدم احد لها بطلب النظر بها وكانها تحتاج في كل مرة لاستدعاء لتوقف التجاوزات على الدستور هنا وهناك وكأنه ليس واجباً عينياً عليها ان تقوم به سواء طُلب منها ذلك ام لم يطلب منها .
لقد قالت المرجعية قولتها ونبهت الجميع سواءاً الغافلين او المتغافلين ,وكما فعلت المرجعية حين اطلقت صرختها الراسخة المدوية بضرورة التغيير ,فانها هنا وخصوصاً في خطبة الجمعة الاخيرة قد اعطت بعداً حقيقياً وتفسيراً دقيقاً لمفهوم التغيير وانه لايقف عند تغيير وجوه الطبقة الحاكمة لكنه يجب ان يمتد الى تطهير القضاء وتغيير المحكمة باخرى وفق قانون دستوري يأتي لنا بمحكمة اتحادية تكون بمستوى طموح المرجعية والشعب .
ان لفت المرجعية لانتباهنا حول خطورة دور المحكمة الاتحادية والذي يشير بكل وضوح الى انها تضع علامات استفهام كبيرة على اداء المحكمة الحالية ,هذه اللفتة يجب ان نقف جميعاً عندها فالمرجعية لاتتحدث من فراغ وهي تشير الى مكمن خطر بالغ مفاده ان الاصلاح يبدأ من اصلاح المنظومة القضائية ,وان اول الاصلاح يكمن في ابعاد هذه المحكمة عن ان تكون العوبة بيد الحاكم .
لقد انذرتنا المرجعية وقد اُعذر من انذر.
https://telegram.me/buratha