يبدو أن أهم ما ميز العلاقة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان خلال السنوات الثمانية السابقة، هو مبدأ تفقيس الأزمات، فكل مشكلة وأزمة بين الطرفين تقودهم لمشكلة وأزمة جديدة، فوجد الطرفان في الكثير من أوقات ألثمان سنين السابقة إنهما وصلا الى طريق مسدود، لان المشاكل تعقدت وتأزمت كثيرا، لتصل في بعض الأحيان الى حالة أشبه بحالة الحرب.
ومع كل النداءات والمطالبات الوطنية والدولية، والتي كانت في مقدمتها مطالبة المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف، على أهمية حل المشاكل من خلال الحوار المتبادل وليس من خلال الصراع المتبادل. الا انه مع الأسف الشديد، لم تجد هذه النداءات استجابة حقيقية، بل استمر التصعيد وازداد التأزم، لتصل الأمور الى قيام الحكومة الاتحادية السابقة بقطع ميزانية الإقليم لعام 2014 وعدم دفع رواتب موظفي الإقليم، لتصل حجم الأموال المستحقة للإقليم والتي لم ترسلها بغداد له بحدود الـ10 مليار دولار، في المقابل كان قيام الإقليم بتصدير النفط من دون الرجوع للحكومة الاتحادية تصرفا زاد من التأزم و أوصل الامور الى القطيعة.
هذه المشاكل والقطيعة سببت خسائر مالية كبيرة للاقتصاد العراقي اقتربت من الـ 30 مليار دولار، أي بعبارة أخرى ان هذه المشاكل كانت نتائجها هي الخسارة المتبادلة للطرفين. الحكومة الاتحادية الجديدة، سعت الى انتهاج سياسة جديدة مع الإقليم تكون معاكسة لسياسة الخسارة المتبادلة، وهي سياسة الربح المتقابل، وأساس هذه السياسة يقوم على حل المشاكل العالقة بين الطرفين بالحوار والتفاهم.
ولان النفط كان أهم المشاكل العالقة بين المركز والإقليم، كان توجه الحكومة الاتحادية ومن خلال زيارة وزير النفط عادل عبد المهدي للإقليم، للوصول لبداية حل لهذه القضية، تكون نقطة انطلاق لحل نهائي وشامل للمشاكل بين بغداد واربيل. وبالفعل تحقق هذا الاتفاق الأولي، والذي على أساسه استعاد الاقتصاد العراقي ما مقداره 150 ألف برميل في اليوم من نفط الإقليم، سيباع وتوضع أمواله في حزينة الحكومة الاتحادية، مقابل قيام بغداد بإطلاق 500 مليون دولار أي ما قيمته 5% من مستحقات الإقليم المالية السابقة.
وعلى الرغم من الهجمة (الظالمة ومدفوعة الثمن) التي شنها البعض على الاتفاق، إلا إنني ارى ان هذا الاتفاق يمكن أن يكون نقطة انطلاق لتغيير معادلة ظالمة استمرت لثمان سنين. حيث كنا في السنوات السابقة نعطي للإقليم ميزانية مقدارها 17% من ميزانية الحكومة الاتحادية وكل هذه الأموال كانت تعطى لهم من إيرادات نفط البصرة.
في حين لم نستلم دولار واحد من إيرادات نفط الإقليم، لكننا اليوم سوف نعطي للإقليم الـ 17% مقابل ان يكون نفط الإقليم مساهما في هذه الميزانية حاله حال نفط البصرة.
لنبدأ الخطوة الأولى بتغيير تلك المعادلة الظالمة التي فرضها علينا البعض لمدة ثمانية سنوات ونصت على ان "نفط البصرة للعراق ونفط الإقليم لكردستان"، لنكتب بدلا عنها معادلة جديدة تنص على ان "نفط العراق للعراقيين جميعا".
https://telegram.me/buratha